لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
لم تكد رائحة البارود تنقشع من ميادين القتال في سيناء، حتى بدأت جميع معاهد الدراسات الاستراتيجية، ومراكز البحوث العسكرية بجيوش العالم، في دراسة وتحليل نتائج وأعمال قتال هذه الحرب، باعتبارها أحدث حروب التاريخ المعاصر، بين قوتين مسلحتين بأحدث المعدات والأسلحة في الترسانة العالمية.
فكان من مفاجآت نتائج هذه الحرب، إثبات فشل أسلوب “الدفاع المتحرك” أو “Mobile Defense”، المتبع بين دول حلف الناتو، على يد القوات المصرية، التي نجحت في الهجوم على الواجهة بالكامل، لتظهر عيوب هذا النظام الدفاعي، مما دفع إدارة البحوث في وزارة الدفاع الأمريكية، فور انتهاء الحرب، للاعتكاف على دراسة تطوير نظام الدفاع المتحرك وابتكار نظام جديد للدفاع في حلف الناتو، عرف باسم “الدفاع النشط” أو “Active Defense”.
وأمام براعة المصريين، في حرب أكتوبر 73، ونجاح قوات المشاة في القتال بدون دبابات في رأس الكوبري، ونجاحها في صد، وتدمير، دبابات العدو الإسرائيلي، عقدت وزارة الدفاع البريطانية، عام 1975، ندوة عن تطوير نظام الدفاع المضاد لدبابات القوات البريطانية في مسرح عمليات غرب أوروبا، مستفيدة بخبرة قتال المصريين في حرب أكتوبر 73 أو عيد الغفران، وقد شاركت أنا شخصياً، أثناء دراستي في كلية كمبرلي الملكية، حينها، بورقة بحثية، عن هذا الموضوع.
أما التغيير الأكبر في فنون أساليب القتال، فقد سُجل باسم رجال الدفاع الجوي المصري، بعد بناء حائط الصواريخ، الذي قطع اليد الطولى الإسرائيلية، وهي قواتهم الجوية، ومنعها من التدخل ضد قواتنا، أثناء عبورهم لقناة السويس واقتحام خط بارليف، ليضيف المصريون، بذلك الفكر، مصطلحاً مطوراً لقوانين قتال القوات الجوية، باسم “تحييد القوات الجوية المعادية”، وهو ما نفذته القوات المصرية في حرب أكتوبر، واعتُمد كشكل جديد من أشكال ونوعية قتال عناصر الدفاع الجوي في جيوش العالم.
امتد التغيير ليشمل فكر وتسليح وأساليب قتال القوات البحرية في العالم بعد نجاح قواتنا البحرية في تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات، وإغراقها أمام سواحل بورسعيد، ليصبح الاعتماد، الآن، على الوحدات البحرية الصغيرة الحجم، مع كثافة التسليح، ووسائل الحرب الإلكترونية، واختفت حاملات الطائرات الكبيرة، الممكن تدميرها بصاروخ صغير، مثلما حدث أمام بورسعيد.
لقد غيرت حرب أكتوبر 73 العديد من المفاهيم القتالية وأساليب التسليح في العالم، بعد ما حققه المصريون من معجزات في هذه الحرب، فكانت سبباً لرد الاعتبار والشعور بالفخر.