لشريف البروفيسور الدكتور علـي مهـران هشـام
( الحاصل علي الجائزة العالمية للابداع البيئي – اليابان 2001 )
يحتفل العالم في الثلاثين من يوليه من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر.
( Anti–Human Trafficking )
هذه الاحتفالات والأيام الدولية هي مناسبات لتثقيف عامة الناس في جميع أرجاء المعمورة بالقضايا ذات الاهمية الانسانية واستمرارية تعمير الكون بسلام ولتعبئة الموارد والإرادة السياسية والشعبية لمعالجة المشاكل العالمية والاحتفال بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها ، وقد تبنت الأمم المتحدة هذه الاحتفالات لجعلها أداة قوية لنشر الوعي بين الامم والشعوب وبالتالي توفير حياة كريمة وامنة ومستدامة لكوكب الارض.
إن هذا الاحتفال الأممي يعطي فرصة للعديد من الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة المتعلقة بموضوع اليوم ، وتسعى مؤسسات ومكاتب منظومة الأمم المتحدة، بالإضافة الى الحكومات وقطاعي المجتمع المدني والخاص والمؤسسات التعليمية والمواطنين بشكل أعم، لجعل اليوم الدولي نقطة انطلاق لأنشطة التوعية والتثقيف الخاصة بموضوع اليوم واهدافه مثل اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص أو البشر.
علي كل حال، جريمة الاتجار بالبشر (تشمل الاستغلال الجنسي، والعمل القسري، والاسترقاق ، السُخرة، والتسول القسري، والزواج القسري، وتجنيد الأطفال في النزاعات والحروب ، فضلا عن بيع الأعضاء… ) لاتقل أذي أو ضررا أو تدميرا للبلاد والعباد عن تجارة المخدرات والسموم والسلاح والتهريب والفساد وإفساد البيئة . تنوع الأشكال والصور التي تمارس ضد البشر باعتبارهم ضحايا هذه التجارة في الوقت المعاصر، وتصل إلى درجة الحدة التي تمارس فيها أقسى وأقصي أنواع الدموية والعنف الموجه، وفي هذا النوع يُقتاد الأفراد دون تفرقة بين جنس أو سن أو لون أو عقيدة ليدخلوا المجازر الغير رحيمة التي تُمزق فيها الأجساد إلى أجزاء وأعضاء تباع، أو توضع تحت إمرة من هو في حاجة لاستبدال عضو من أعضائه أو جزء من أجزائه من أثرياء العالم المتجبر والمتغطرس الذي ارتضي لأقرانه من بني الإنسان أن يكونوا بضاعة رخيصة تباع وتشتري بأبخس الأثمان وهذا النوع الدموي يعرف اصطلاحاً (( تجارة ونقل الأعضاء البشرية )).
إن الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاكا صارخ لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين وأهل الشر سواءا في داخل بلدانهم أوخارجها. ويتأثرمعظم بلدان العالم من ظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا. تتيح اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود والبروتوكولات الملحقة بذلك مساعدة للدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الإتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين والمفسدين سواء كانوا أشخاصا أو مجموعات.
إن الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواءهم بدافع الإستغلال أو حجزهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو بأي شكل من أشكال القسر والعنف والترهيب أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الإبتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. يشمل الاستغلال أيضا ، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسخرة أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الإستخدام الجسماني ونزع الأعضاء ثم المتاجرة بها.
إن القضية الأخطر أن يتحول هؤلاء الي العمل مع الجماعات الارهابية أو استخدامهم كمرتزقة في الحروب وإشعال الفتن والقلاقل بين الدول أو داخل الدولة الواحدة.
عموما، تشير الاحصائيات أن النساء تمثل 49 % ( بينما تمثل الفتيات نسبة 23% ) من اجمالي ضحايا الاتجار اما الاستغلال الجنسي وهو أكثر ظواهر الاستغلال شيوعا يمثل نسبة 59% ، يليه السخرة بنسبة 34% ، أما الذين يتاجر بهم خارج بلدانهم فينقلون إلي دول غنية وهناك تبدأ رحلة جديدة لهؤلاء الفقراء إما العذاب والمعاناة أو بعض الراحة المشروطة.
وخلاصة القول، فإن القانون المصري يجرم المتاجرة في البشر من خلال القانون رقم 64 لسنة 2010 – والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 18 مكرر في 9 مايو سنة 2010 وتنص المواد أرقام ( 5 ، 6 ) من القانون ” يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر”.
أما المادة ( 6 ) من ذات القانون تنص على الآتي: ” يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في أي من الحالات الآتية:
– 1 – إذا كان الجاني قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضما إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطني.
2 – إذا ارتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدني أو النفسي أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاحا.
3 – إذا كان الجاني زوجا للمجني عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولا عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.
4 – إذا كان الجاني موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة..
5 – إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة، أو مرض لا يرجى الشفاء منه.
6 – إذا كان المجني عليه طفلا أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة.
7 – إذا ارتكبت الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة..
إن الشرائع السماوية جميعها جعلت للنفس البشرية حرمة وللجسد أو أي جزء منه قدسية وتعظيم وان نحافظ على نعم الله وأن يحترم كل من الآخر سواء في السلوك أو القول والعمل وأن نسعى جميعا أفرادا وجماعات ودول إلي نشر ثقافة المحبة والتراحم والتسامح والتعاون المتبادل والإيثار وأن يكون الهدف الأسمى للبشرية هو تحقيق السلام والأمن ومكافحة الظلم والفساد والإرهاب وتحقيق العدالة الكونية والتنمية والتعمير المستدام لكوكب الأرض ( ولنضع جائحة كورونا – كوفيد 19 عبرة وعظة أمام عقولنا وعيوننا وأرواحنا وأجسادنا والأجيال القادمة أيضا) . والله المستعان.