للدكتور حسن عبد العال .
متابعة :أحمد عبد الحميد. .
منذ اجتاح وباء كورونا العالم ، انتشرت الآراء الدينية تفسر اسباب الوباء بل وتضع العلاج الدينى له ، وانتشرت فى وسائل الإعلام واجهزة التواصل الاجتماعى تفاسير دينية تتخذ من النصوص المقدسة فى كل الديانات السماوية وغير السماوية ، لإعطاء المبررات للأسباب التى جعلت هذا الفيروس الضئيل يحل على هذا الكوكب ، وينتشر فيه انتشار النار فى الهشيم ، وكم قرأنا وكم سمعنا فى تبرير ذلك من غضب الله سبحأنه على خلقه لابتعادهم عن دينه ، ومجاهرتهم بالعصيان ، وانتقام الله لانتشار الفواحش . وإن الوباء ينذر بمظاهر وشواهد أنبات عنها الكتب المقدسة .
وللحق لم يكن ذلك خاصا بالإسلام والمسلمين بل شمل أصحاب الديانات الأخرى ، وقد ذكر لنا الكاتب ملاك عبد الله ، فى مقال له نشر فى الموقع ١٨٠ مواقع عربية ، وأنا اذكر عنه أن الحاخام اليهودى ” رون تشابا ” قال أن الوباء علامة على ظهور المسيح ، وأن الكاهن المسيحى اللبنانى مجدى علاوى استأجر طائرة خاصة حلق بها فوق لبنان لمباركته وحمايته من فيروس كورونا ، وفى الهند أقامت الجموع حفلا لشرب بول البقر للوقاية من كورونا ، هذا إلى جانب ما شاع عند المسلمين من أن كورونا تعالج بالرقية الشرعية ولا داعى للقلق ، وأن كورونا قد أجبرت العالم على ارتداء النقاب . . . إلى غير ذلك من أن من مات بكورونا فقد مات شهيدا ، على حد قول وكيل وزارة الأوقاف ومدير الفتوى وبحوث الدعوة فى مصر الدكتور أيمن أبو عمر .
وفى الحقيقة لقد عرت كورونا ارتباط الفكر الدينى بها ، وأدت إلى إلحاق حرج دينى لدى بعض المتدينين ، فقد اصطدم ما ماقالوه بالواقع وأظهر الواقع بطلانه ، وأن العلم والطب فى مجال الأمراض والأوبئة هو من تكون له الكلمة .
وانقل هنا ما ذكره الكاتب ملاك عبد الله عن المفكر الاسلامى العراقى عبد الجبار الرفاعى ، على صفحته فى الفيسبوك ، عن تديين موضوع كورونا أو تديين الدنيوى قال :
” أقرأ تفسيرات واقتراح علاجات غريبة لرجال دين عند الإصابة بفيروس كورونا . . . المفارقة أن رجال الدين هؤلاء يسمحون لأنفسهم أن يتدخلوا بالطب وغيره من آلعلوم الحديثة ، ويعطوا آراء على الضد من الخبراء فيها ، لكنهم لايسمحون للطبيب أو غيره من أهل العلم أن يفهم الدين ، أو أن يعطى رأيا فى فهم نصوصه بذريعة أنه ليس متخصصا فى الدين كما يقولون ” .
وإذا كان واقع كورونا اليوم يشى بأن الفكر الذى يعمل على تديين الدنيوى ثبت بطلانه ، فهل سيكون المسعى لاحقا جديا فى الخلاص من تديين الدنيوى ، كما يقول المفكر عبد الجبار الرفاعى .