بقلم -دكتور محمد حمزه…
لقد ذكرنا من قبل أن التكنولوجيا أصبحت متداخلة فى كل شئ نستخدمه فى حياتنا اليومية، ولكن هل هذا كان مبرراً كى ندمنها ؟؟
وللإجابة على هذا التساؤل فانه يجب أن نفرق أولا ما بين الإدمان بصفة عامة، وبين هذا النوع من الإدمان وهو ما يطلق عليه الإدمان الإلكترونى .
فإن الإدمان بالمعنى العام هو الإصرار على فعل شئ بإستمرار دون سيطرة، مهما سَبَبَ ذلك من أثار مُضرة، بهدف الوصول إلى نتيجة تنتظرها النفس لترضيها .
كما هو الحال فى تعاطى المواد المخدرة فقد يلجأ المدمن لفعل أى شئ حتى يصل إلى المواد المخدرة التى سوف تجعله يشعر بالراحة والإسترخاء، رغم علمه ويقينه أنها ستدمره صحياً ونفسياً .
ولكن !!!
هل هذا ما يحدث عند الإفراط فى إستخدام التكنولوجيا ؟؟؟
أظن أن الأمر مختلف …
لأن الإدمان الإلكترونى هنا هو إدمان سلوكى، أو تعود على فعل شئ بشكل مستمر، ولكن دون تدخل من مواد مخدرة أو غيرها.
وكلمة السر هنا هى (الدوبامين)
والدوبامين هو هرمون موجود بشكل طبيعي في جسم الإنسان، حيث يعزز من الشعور بالسعادة، ويتم إفرازه عند القيام ببعض النشاطات التي نحبها، أو عندما ننجز أمراً ندمن عليه عادة مما يؤدي للشعور بالنشوة والفرح.
فكلما يفعل الانسان شئ يشعره بالسعادة كلما زاد إفراز الدوبامين فى جسمه .
وهذا ما يحدث تماماً عند إستخدام التكنولوجيا، سواء كان إستخدامنا لمواقع التواصل الإجتماعى لنتحدث مع أشخاص نحبهم، أو القيام بالألعاب الإكترونية، أو متابعة ما نحب أن نراه على المنصات المرئية والمسموعة، أو حتى عند قراءة شئ ما يسعدنا ….الخ .
فكلما زاد شعورنا بالمتعة والسعادة كلما زاد افراز هرمون الدوبامين، فنستمر نحن فى البحث على الشاشة الصغيرة على سعادتنا، وهكذا تدور الدائرة،ونظل فى الحلقة ذاتها دون أن نريد ترك ما نفعل، ونقع تحت طائلة الإدمان الإلكترونى .
لذا فيجب أن نعلم جيداً انه عندما تم تصدير التكنولوجيا لنا، كان يعلم جيداً من أرسلها أننا فقط مستهلكين لها، والقليل منا هو من (يتقنها) أو يستخدمها بشكل يعود عليه بالنفع .
كما نود أن نذكر أن بعضهم كان يستعين بخبراء نفسيون عند إبتكار هذه التكنولوجيا كى يتمكن من السيطرة علينا وتكبيلنا حتى لا نقترب من الإبتكار والإتقان يوماً ما.
وأخيراً دعني أذكرك أننا نمتلك عقولاً كالعقول التى إبتكرت هذه التكنولوجيا .. ولكن هم اختاروا أن يكونوا منتجين ومتقنين لها وليس فقط مستهلكين ..
وهذا هو الوقت الأمثل لإستغلال تعلق شبابنا بهذه التكنولوجيا وتوجيه عقولهم الى الإبداع والإبتكار كى نلحق بهذا التطور ونواكب العصر، ذلك بالاضافة الى سهولة الحصول على الأدوات، وتبادل الخبرات والمعلومات حول العالم، فى ظل وجود الانترنت وتلاشى الحدود بين ثقافات الدول المختلفة .
كما انه لزاماً علينا تغير ثقافة أطفالنا، لان هذا الجيل الذى ولد وعاش وترعرع فى حقبة التكنولوجيا، بدلاً من أن نتركهم يلعبوا الألعاب الإلكترونية، يجب أن نعلمهم كيفية صنعها، وهذا الأمر أصبح فى غاية البساطة .
وأخيرا لابد أن نستغل حبهم وتعلقهم بالتكنولوجيا فى ان يتقنوها ويأخذوا منها أفضل ما فيها، فهم المستقبل.
وفى النهاية دعونى أطرح عليكم سؤالى الأخير ولكن سوف أترك الإجابة لكم ..
هل معايير إدمان التكنولوجيا تكمن فقط فى كم الوقت المستخدم سواء كان ذلك يعود بنفع او العكس ؟؟
فيزعم البعض انه يعمل من خلال التكنولوجيا أو يتعلم عن بعد مثلاً وهذا ما يستدعى وقتاً طويلاً .
أم الادمان الإلكترونى يقاس بعدد الساعات المهدرة دون جدوى ؟؟
أم فى الحالتين هو إدمان من وجهة نظرك ؟؟؟