طارق سالم..
عندما أنظر إلى الناس من حولي أجد أن الغالبية منهم متوترون طوال اليوم وأراهم مستعجلين في كل شيء في قيادة السيارة وفي الأكل وفي السير بالطرقات بل إن البعض منهم لا يستطيعون قضاء مصالحهم واحتياجاتهم ناهيك عن عجزهم الوهمي بالتمهل والراحة وهذا ما ينطبق عليهم القول السائد أنهم يحاصرون أنفسهم بقسوة وهم لا يشعرون .
من الملاحظ أن كل منا بداخله نفس ترافقه طوال حياته من ولادته وحتى ما يمر به من سنوات طوال بالحياة فمنا من بداخلة نفسية سعيدة قنوعة بما قسم الله لها بالعيش فى راحة تامة تهدى صاحبها إلى الطريق السليم وأيضا التخلص من الأنانية وحب الذات لأنها تحب الخير لكل من يقترب من صاحبها لمصاحبته وتسعده بصحبته للطيبين الأخيار الذي يحملون مثل هذه النفس الحرة الطليقة ولا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا .
ومنا من يحمل بين جنبيه نفس أمارة بالسوء دائما ما تنظر إلى أن تمتلك ما ليس لها بحق سواء حق مادي أو معنوى ولو على حساب الغير نفس محاصرة من صاحبها بغلاف رمادى لأنه وضعها في برواز حديدى لا يلين ابدا وخلفيته ليس لا لون ولا طعم ولا رائحة خلفية رسمت بأقلام صنعت من شجر من زقوم لا تكتب ابدا بالخير دائما ما يسعى صاحبها إلى التملق والتمسح والتقرب من أجل أن ينال مطلبه ومطمعه ويسعى إلى يكون هو ونفسه بالصورة بجهالة وخيابة حتى وإن كان يعلم من المحيطين به أنه صاحب نفس غير سوية وتحب الظهور والنفاق والكذب ولكنه لا يبالى لنظراتهم التى تحمل سهام تقتل النفس ولكنه يدعى أنه يلبس واق منها ولا يبالى مع علمه التام والمؤكد أن هذه السهام قتلته ومازالت تقتله حتى ماتت نفسه بين جنبيه وأصابها العفن وهو لا يدرى .
وسط هذا الحصار النفسي الذي يحاصره كل منا لنفسه لم نعد نعرف أنفسنا ولسنا نعرف ما تحب وما تكره تعيش النفس في داخل أحدنا غريبة عنه وكأنها ضيف أسكنه مُضيفه في قبو مظلم وما زال ينتظر الفرج عندما ننشغل عن أنفسنا فإننا نُلغي أهميتها في حياتنا.
فينشأ صراع داخلي يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية فالنفس تمرض مثلما يمرض الجسد والنفس أيضاً كالطفل الذي يحتاج إلى اهتمام ويحتاج إلى حب .
* أتساءل في خضم هذا التسارع المخيف كيف لنا أن نفهم الحياة من حولنا؟
وكيف لنا أن نستوعب معانيها لكي نتمكن من المضي فيها كيف نفهم الحياة ونحن نمرّ عليها كالراكبين في قطار سريع يمرّون على حقول الزهور الملوّنة فيرونها لوناً واحداً ولا يأبهون عندها لا بد أن يكره الإنسان نفس التى بين جنبيه وهو لا يعلم أن حصاره لنفسه اشد قسوة من حصاره لبدنه ..
• لكي لا تكره نفسك عليك أن تبحث عنها وتكتشفها وتنميها وتطورها لتسمو بها. عليك أن تعرفها وتتصالح معها حتى لا ينطبق عليك المثل القائل: الإنسان عدو ما يجهل.. إن من يعادي نفسه يعادي من حوله ومن يعادي من حوله يكره نفسه بلا شك .
• أحد أسباب قطيعتنا مع أنفسنا هو حبنا للسيطرة عليها واستعبادها ولم نفكّر يوماً في مصادقتها يحب الإنسان التحكم في كل شيء ويريد أن يحدد مصيره ومصائر من حوله ويسمي ذلك «قيادة» وأحياناً «طموح». القيادة الحقيقية هي أن تُعطي الناس الفرصة ليحددوا مصائرهم والطموح الحقيقي هو أن تمنحهم مساحة ليكونوا ما يُريدون وعندما يسلب الإنسان حرية الاختيار فلا بد أن يكره نفسه ويحاصرها .
• هل جرّبت أن تقبل الحياة كما هي؟ وأن تتقبل من تحبّ كما هم لا كما تهوى الحب هو إحدى النسمات الوجودية التي تساعدنا على استرجاع إنسانيتنا وتحررنا من كل سيطرة خارجية وحب النفس هو أحد أطهر أنواع الحب السيطرة تُفقد الحياة عفويتها وتجعل الناس يصطنعون حياتهم وآمالهم حتى آلامهم تكون مصطنعة تحت السيطرة وحينها يكره الإنسان نفسه ويحاصرها .
• لكي لا تحاصر نفسك عليك أن تَفرَغ لها وتفهمها ولكي تفهمها دعها تخطئ وتلذذ بمسامحتها ثم دعها تصيب لتنعم بمكافأتها إذا فرغت لنفسك فسوف تتمكن من إصلاحها ومن أصلح نفسه فكأنما أصلح الناس جميعا
وأخيرا فهل تعلم أن محاصرتك لنفسك في مثل هذا القالب لهو اشد قسوة على حصارك لبدنك فليتنا نتعلم أن النفس الصالحة داخل الجسد الصالح الذي ينفع نفسه ومجتمعه وأسرته ووطنه .ً