كتب _ اشرف المهندس..
ويتجدد بنا اللقاء الايمانى مع فضيلة الدكتور الشيخ / مديح سميح الطويلة من علماء الازهر الشريف
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .أما بعد
لقد جبل الله عز وجل النفس على حب المال وركب فى الطباع الحرص على طلبه وتحصيلة لأن به قوام حياة الناس وأمر الشارع الحكيم بالحق على السعى فى تحصيل المال واكتسابه ولكنه جعل لتحصيلة قواعد واضحة المعالم لايجوز تجاوزها فأوجب على المسلم أن يطلب المال الحلال ليستغنى به عن ذل السؤال للغير فطلب المال الحلال وتحصيله شرف المؤمن وعزة للمسلم كما كان يقول الصحابى الجليل عبدالرحمن بن عوف (ياحبذا المال أصون به عرض وأرض به ربى )والكسب الحلال الطيب ينير القلب ويشرح الصدر ويورث الطمأنينة والخشية من الله ويعين الجوارح على العبادة ويكون سبب من أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء .
أما الكسب الخبيث الحرام فإنه شؤم على صاحبه بسببه يقسو القلب وينطفيء نور الايمان ويمنع إجابة الدعاء ؛المال الحرام ممحوق البركة والمحصول إن صرفه صاحبه فى بر لم يؤجر وإن بذله فى نفع لم يشكر لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال(إن الله طيب لايقبل إلا طيبا )ويقول صلى الله عليه وسلم (الرجل يطيل السفر أشعث أغير يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب له )
ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم فى غاية الخوف من أكل الحرام والمبالغة فى التحذير منه حتى قال بعضهم(لوقمت فى العبادة قيام السارية مانفعك ذلك حتى تنظر فيمايدخل فى بطنك ).وهذا سعد بن أبى وقاص يقول يارسول الله أدع الله لى يجعلنى مستجاب الدعوه فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوه والذى نفس محمد بيده إن العبد اللقمة الحرام فى جوفه مايتقبل منه عمل أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به٠
ويقول صلى الله عليه وسلم لاتغبطن جامع المال من غير حله فإنه إن تصدق به لم يتقبل منه ومابقى كان زاده إلى النار٠
حتى نساء الصحابة كانوا يخافون من أكل الحرام كانت المرأة منهن توصى زوجها فى الصباح وهو خارج الى عمله وتقل له ياهذا اتق الله فى رزقنا فإنا نصبر على الجوع ولانصبر على النار.
وفى الخبر المكتوب فى التوراه من لم يبال من أين مطعمه لم يبال الله فى أى أبواب النيران أدخله.
ويقول سهل رضى الله عنه من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى علم أم لا ومن كانت طعمته حلالا أطاعته جوارحه ووفقت الخيرات.
بل قال بعضهم إن أول لقمة يأكلها العبد من حلال يغفر له ماسلف من ذنوبه ومن أقام نفسه مقام ذل فى طلب حلال تساقطت عنه ذنوبه كتساقط ورق الشجرة
والسؤال الآن ماهى أسباب أكل الحرام ؟
الجواب هو عدم الثقة فى رزق الله :فمن أهم أسباب أكل الحرام هو عدم ثقة العبد فى رزق الله فيلجأ إلى أكل الحرام مع أن الله عز وجل ليطمئن النفوس جعل من أسمائه اسم الله الرزاق وتكفل سبحانه برزق الخلائق أجمعين وهو الذى قدر الأرزاق قبل خلق العالمين يقول تعالى(الله الذى خلقكم ثم رزقكم)الله الذى خلقكم فعل ماض ثم رزقكم ولم يقل ثم يرزقكم فالله عز وجل تكفل بإستكمال الرزق للعبد .فكل إنسان له عند الله رزق مقسوم ولكن بحين معين لذلك قالوا من تعجل الشيء قبل آوانه عوقب بحرمانه .فيقول النبى صلى الله عليه وسلم (أيها الناس اتقوا الله وأجملوا فى الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفى رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب خذوا ما حل ودعوا ماحرم)
..بل سبحانه حتى يطمئن النفوس الزم ذاته العليا برزق العباد فيقول تعالى (ومامن دابة فى الأرض إلا على الله رزقها )
فالله ألزم ذاته العليا برزق العباد وأما دور الإنسان فى هذا هوا أن يأكل رزقه الذى كتبه الله له عن طريق الحلال .سبحان الله حتى الطعام الحرام الذى يتناوله الإنسان هو رزق من الله فمثلا فى علم الله أن بستان فيه شجرة تفاح مكتوب عند الله أن الشجرة رقم كذا فى هذا البستان الفرع رقم كذا من هذه الشجرة الغصن رقم كذا التفاحة رقم كذا هذه رزق فلان هذه له ؛فلان هذا قد يشتريها بماله وقديأكلها ضيافة وقد يأكلها هدية وقد يسرقها وقد يتسولها هنا السرقة والهداية والتسول والضيافة والشراء إختياره إن إختار وسيلة حلال كان له حلال وأن اختار وسيلة حرام للحصول عليها كان حرام أماهى فى النهاية فهى رزقه الذى كتبه الله له.
فبطولة الإنسان فى تعامله مع رزق الله هو أن تأكل رزق الله الذى كتبه لك بطريق حلال مشروع وهنا جاء الحديث الذى يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم (ٱن روح القدس نفث فى روعى أن نفسالن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتسوجب رزقها فأجملوا فى الطلب ولا يحملنكم إستبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله فما عند الله لاينال إلابطاعة الله .
…ويقول تعالى أيضا وهو يعلمنا الثقة فى رزقه جل وعلا ((وفى السماء رزقكم وماتوعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون))
يقول النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه الايه (قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه ثم لم يصدقه قال الله تعالى فورب السماء والأرض أنه لحق)
يقول الأصمعى أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة فطلع أعرابى جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوسه فدنا وسلم وقال ممن الرجل ؟قلت من بنى أصمع قال أنت الأصمعى قلت نعم قال ومن أين أقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن قال وللرحمن كلام يتلوه الآدميون قلت نعم قال فاتل على منه شيئا فقرأت (والذكريات ذروا )إلى(وفى السماء رزقكم وماتوعدون)فقال يا أصمعى حسبك ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها وقال أعنى على توزيعها ففرقناها على من أقبل وأدبر ثم عمد إلى سيفه وقويه فكسرهما ووضعهما تحت قدمه وولى نحو الباديه وهو يقول (وفى السماء رزقكم وماتوعدون)يقول الأصمعى فمرت الايام فبينما أنا أطوف إذا بصوت رقيق فالتفت فإذا أنا بالاعرابى وهو ناحل فسلم على وأخذ بيدى وقال أنا على كلام الرحمن فقرأت (والذاريات)حتى وصلت إلى قوله تعالى ،(وفى السماء رزقكم وماتوعدون)فقال الاعرابى لقد وجدنا ماوعدنا الرحمن حقا وهل غير هذا قلت نعم يقول الله تبارك وتعالى (فورب السماء والأرض أنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)قال فصاح الاعرابى وقال ياسبحان الله من الذى أغضب
الجليل حتى حلف ألم يصدقون فى قوله حتى ألجئوه الى اليمين فقالها ثلاثا حتى خرجت روحه . ومن الجميل أن كلمة الرزق هنا عامة تعم رزق الدنيا والآخرة فدخول الجنة رزق والنجاة يوم القيامة رزق فالأرزاق نوعان ١-ارزاق ظاهرة كالأقوات الأبدان مثل الخضروات والفواكه كل مايتقوت به البدن فهورزق. ٢-وهناك الأرزاق الباطنة وهى المعارف والايمان فمثلا لو انسان رزقه الله فهما لكتاب الله هذا رزق وحب الطاعة رزق وبالمناسبة العلم هو أعلى أنواع الرزق والدليل قوله تعالى (وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)فالمال هو أقل أنواع الرزق لأنه يعطيه لمن يحب ولمن لايحبه سبحانه . واخيرا هناك أسباب لزيادة الرزق منها ١-تقوي الله عز وجل قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب . ٢- صدق التوكل على الله قال تعالى ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه)لكن التوكل الصحيح هو أن تأخذ بالاسباب كاملة ثم تتوكل على الله فالتوكل الصحيح الذى هو سبب زيادة الرزق هو أن تأخذ بالاسباب كاملة وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء . ٣- قراءة القرآن الكريم فيقول النبى صلى الله عليه وسلم (إن البيت الذى يقرأ فيه القرآن يكثر خيره والبيت الذى لايقرأ فيه القرآن يقل خيره). ٤- ومنها طلب العلم فيقول النبى صلى الله عليه وسلم(من طلب العلم تكفل الله يرزقه ). ٥_ومنها الشكر يقول تعالى(ولئن شكرتم لأزيدنكم) ومنها الصدقه؛ وصلة الرحم؛وكثرة الاستغفار