كتب _اشرف المهندس
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) (التوبة )
السنة الهجرية ونذكز موقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي خلَد التاريخ كلمته المشهورة عنه لما قال: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) فقد اجتهد سيدنا عمر رضي الله عنه عندما أراد أن يضع تأريخًا للأحداث أن يكون هذا التاريخ هو بداية الهجرة النبوية, وهنا قد يسأل البعض عن السبب الذي دفع سيدنا عمر رضي الله عنه أن يختار هذا الحدث بالتحديد لـتأريخ أحداث المسلمين وأن يكون لهم تأريخ مستقل عن غيرهم و لم يختر مثلا تاريخ ميلاد الرسول صلى الله عليه و سلم, أو تاريخ بعثته صلى الله عليه وسلم, أو تاريخ رحلة الإسراء والمعراج, أو حتى تاريخ وفاته صلى الله عليه وسلم.
لقد مرت الدعوة الإسلامية بمراحل متعددة انتقلت فيها من السرية بداية إلى الجهرية دون المدافعة ثم إلى مرحلة ثالثة أُذن لها أن تجهر بنفسها وأن تُدافع عن نفسها, فكانت المرحلة الأولى مرحلة الدعوة السرية في مكة والتي استمرت لمدة 3 سنوات كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيها سرًا , ثم جاء الأمر أن يبلغ قومه بأمره وأمر تشريع السماء الذي أمره الله به, وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) – سورة المدثر-, وكانت هذه المرحلة الأولى في عمر الدعوة الإسلامية والتي استمرت 13 عاما استقرت الدعوة في قلوب الصف الأول وتمكنت منهم, وكان الأذى قد بلغ مداه في مكة المكرمة من كفار قريش كما ارتفعت حساسية الإيمان في قلوب الصف الأول من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتفاعًا طرديًا يتناسب مع شدة أذى كفار قريش, وتعددت أشكاله, فجاء الأمر الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة وفيها أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الدولة الإسلامية والدفاع عن الدعوة الإسلامية من أجل تبليغها للناس وفي هذا يقول الله عز وجل: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (40) وفي اختيار سيدنا عمر رضي الله عنه لحدث الهجرة تحديدًا دون غيره من الأحداث التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم تقديس للأفكار والمبادئ الكبرى التي جاء بها الإسلام فحدث الهجرة حدث مفصلي هام جاء لينقل الدعوة الإسلامية من مرحلة التأسيس الصامت إلى مرحلة البناء وإعلان الجهاد للدفاع عن الدعوة.
·كانت الهجرة النبوية الحدث العملي الأعظم الذي جاء كنقطة مفصلية لبرهنة إيمان الصحابة عن غيرهم وتأييدهم ونصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الله سبحانه وتعالى