محمد خضر يكتب… محمد نجيب .. والتاريخ المنسى


بقلـــم / محمـــــــد خضـــر
———————————
تذهبُ أجيالٌ وتأتى أجيالٌ تقرأ عن التاريــــخ . بأقلام رواة التاريخ ، لتتعاطاها الأجيالُ عــــلى انها الحقيقة التى حدثت فى أيام التاريخ الــذى مضى ورحل .وتبقى فى أذهانهم أن ماقـــرأوه هتتو الحقيقة. وأن ماعادها مجرد إدعاءات .
ومما عشناه وعايشناهُ هى قصة الثورة الحقيقيـــة ثورة يوليو 1952 التى كُتبتْ لنا فى كُتب التاريـخ
كما إدعوا .. وكما غُيبتْ العقول عن معرفة حقيقـة ماجرى فيها .. وكيف أن الرجل الذى حمل رأسهُ على كفه وواجه الملك وجها لوجه وقرأ عليه بيان حركة الضباط الأحرار بإقالته وتولية ابنه الصغير ملكاً بوصى دون أن يخشى أو يطرف له جفنٌ .. من حراسه .
تناسوا قيمة الرجل ودوره .. تغافلوا عن كبيرهـم
الذى قاد تنظيم الضباط الأحرار .. تناسوا محمــد
نجيب .. أو بالأحرى .. محمد نجيب يوسف القشـلان .
أول رئيس للجمهورية فى عصرها الحديث وأقدم ضباط العسكرية المصرية آنذاك وأكيرهم . كان اللــواء
محمد نجيب يوسف القشلان ـ بن النحارية ـ إحـــدى
قرى مركز كفر الزيات _ محافظة الغربية .. الفلاح الأصيل الذى تعامل بكل أصالة الفلاح مع ضباطه مـن أعضاء مجلس قيادة الثورة صدقا وصراحةً ورغبــــةً أكيدة فى النهوض بمصر فأشار بضــرورة تسليــــم السلطة بعد إستتباب الأمور إلى حكومة مدنيـــــة ورئيس ينتخبه الشعب بحرية ونظام لتداول السلطـة
ووضع دستور دائم للبلاد يكون هو المرجع والأســاس
فى كل السلطات والقوانين التى تسير حياة الأمة .
فكان الصدام الرهيب بينه وبين مجموعة الضبـــاط
الصغار الذين إرتأوا أنهم هم صانعوا الثورة وهم الأحق بقيادة البلد .. وجنى ثمرة ماقاموا به .
والحقيقة أنهم كانوا يبحثون عن مجدٍ شخصى لهـــم
وأن الكعكة كلها من حقهم وانه هو نفسه ليس لــه الفضل فى أى شىء .
تكالبوا عليه .. بقيادة البكباشى عبد الناصـــر
الزعيم الحنجورى .. وبقية أصدقاءه عبد الحكيــم عامر .. وصلاح وجمال سالم وغيرهم .. لدرجة وصلـت بهم أنهم الأخوان سالم كانوا يسبونه سباُ..والرجل بصبر وجلد الفلاح لايريد أن تنفك عراهم فــى تـلك
المرحلة الهامة فتضيع البلاد أمام التربص الأجنبى الذى ينتظر الفرصة للإنقضاض على مصر قبل أن تضيع للأبد .. وكذلك على فرحة جموع الشعب بالإستقـــلال والحرية الوليدة . لكن إلى متى؟ تقدم بإستقالته ولماشعروا بغضب الشعب تراجعوا عـــن قبـولـــها
وتعاهدوا معه على العمل سويا من أجل البلاد . لكن رغبتهم لم تمت فى إبعاده عن السلطه .. فلما
دانت لهم الأمور .. أبعدوه .. وقاموا بإعتقاله ، ووضعوه قيد الإقامة الجبرية بفيلا زينب هانـــــم الوكييل زوجة مصطفى النحاس باشا فى المرج .ليبق أسيرا معتقلا حتى 1971 . حين أخرجه رجل فلاحٌ أصيلٌ مثله هو الرئيس العظيم أنور الســادات الذى كان
الوحيد المتعاطف معه إبان ماكان يُحــاك لـه من
ناصر ورجاله .. لأنه هو شخصيا كان يتعرض لبعـــض أومثل ماكان يتعرض له نجيب منهم .
قطعوا عنه الإتصال بالعالم الخارجى..حتى الجرائد اليومية .. تتبعوا ولده فى ألمانيا .. فجاء خبر موته ليكمل المأساة .
كنا ونحن أقرباؤه وعائلته بالنحارية طوال هــذه السنون الطويلة لانعرف عنه شيئا .. ولانستطـيع أن
نسأل عنه لدرجة أن العائلة بالنحارية فوضت الأمر
كله لله فى معرفة مصيرة .. إلى أن صحت قريتـــــه وأهلها ذات صباح بخبر وصول ابنهم ورئيسهم إلـى بلدهم.. فكأنما عادت الحياة لأهله ومحبيه .
نزل الرئيس ضيفاً غالياً علينا . فكان مقر نزولـه ,, بشكمة,, عائلة آل خضـر بالنحارية .. أصهاروه ونسباؤه ..ضيفاً عزيزا مكرما .. زاره عندنا كــل أبناء البلده مهنئين بعودته ورؤياه مرة أخــرى كنا ضغارا حينها.. حين كان يخرج علينا بفرانـدا الدور العلوى للشكمة ليحينا وينادى علينا ونحن نلعب الكره فى الحوش الكبير أمام ..الشكمة التى كانت هى بيت عمى فتحى أبو العلا خضر كبيرنا..
لم يرضى أعمامى بنزوله فى بيت أبيه القديم الذى كان يقع بوسط البلدة تقديرا لأمره وعلو شأنــــه ..فقد كان البيت القديم غير ملائم لسكنى الرجــل الذى كان يزوره الكثير بعد خروجه من معتقلــــه الإجبارى .
نسوا تاريخ نجيب .. ضاعت من بعض ذاكرة الشعـــب المصرى بفعل فاعل ..لكن الرجل عاش حتى رأى حكمة الخالق فى من ظلموه جميعا .
رد السادات إليه حريته .. وكرمه الآن عظيم مصــر وصاحبها الجليل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى كرم إسمه بإطلاقه على أكبر قاعدة عسكرية فـــــى الشرق الأوسط . تخليداً لعطائه ودوره التاريخى فى قيادة الوطن فى أهم محطاته التاريخيه .
لكن وبكل أسف .. لايذكر إسمه فى كتب التاريـخ إلا على إستحياءٍ وبعض لقطات مصورة من أرشيف الإعــلام
الرسمى . أجيال وأجيال أتت فقط تسمع كل حين على استحياء إسم الرجل الذى قاد تنظيم الضبـــــاط الأحرار .. لكن دوره وحقيقته تنــام فـــى أدراج التاريخ .. ظلموه كما ظلموا البكباشى ,, يحيــى عبد الحليم ,, أحد الضباط الأحرار أيضاً والذى رد إليه السادات أيضا إعتباره . وتلك قصة أخرى .رحم الله نجيب .. وجزاه الله حسن الجزاء على تاريخــه وماقام به لخدمة وطنه .

Related posts

Leave a Comment