لماذا شبة احمد نجيب الهلالى الدكتور طه حسين بالقنفذ

لماذا شبه أحمد نجيب الهلالى الدكتور طه حسين بالقنفذ
(صفحة من تاريخ التعليم فى مصر )
-للأستاذ الدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا متابعة احمد عبد الحميد
كنت اقرا فى مجلة الكاتب المصرى التى كان يرأس تحريرها الدكتور طه حسين فى أربعينيات القرن الماضى ، وهى إحدى المجلات الأدبية الرصينة والعظيمة ، التى حوت كتابات اعظم أدباء ومفكرى مصر والعرب آنذاك ، كنت اقرا خطابا وجهه أحمد نجيب الهلالى الذى شغل منصب وزير المعارف لللدكتور طه حسين بعنوان : ” تكافؤ الفرصة بين الجد والهزل ” يعرض فيه ردود أفعال الناس على دعوته إلى المساواة فى التعليم بين الفقراء والأغنياء وأن ” التعليم كالهواء والماء ” لا يجب أن يحرم منه أحد وأيده فى دعواه نجيب الهلالى ودافع كلاهما عن هذا المبدأ دفاع المستميت ، وساند الهلالى الوزير طه حسين بالقول والفعل ، ويعرض الهلالى فى هذا الخطاب كيف ثار البعض واستقلواجهد طه حسين وجهده فى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص فى التعليم ، وكيف ضاقت صدور نفر من الأغنياء وذوى السلطان بهذا المبدأ ، وقالوا إن مبدأ تكافؤ الفرص سيئة من السيئات ، لأن تعليم الفقراء يفقر الأغنياء ، وفقر الأغنياء داهية دهياء ، وقالوا ساخرين : لا يخفى عليك ياسيدنا الدكتور أن المتعلمين هم زينة المجتمع ، ومن الخطأ البين أن نحاول تعليم الشعب كله فيصبح الشعب كله ” زينة ” . وبالطبع لم يتراجع طه حسين او الوزير الهلالى عن هذا المبدأ العظيم حتى قال الهلالى فى خطابه للدكتور طه حسين ،، أن ( تكافؤ الفرصة ) لم يعطب وان خاب الى حين ” .
لكننى وقفت مشدوها حين رأيت الوزير نجيب الهلالى يشبه صاحبه طه حين فى معركته من أجل تحقيق مبدأ ” تكافؤ الفرص ” فى التعليم بالقنفذ ، بيد أن دهشتى زالت عندما وقفت على مغزى التشبيه وحقيقة وجه الشبه بما ذكره الوزير الاديب عن القنفذ وطبيعته وحكمته ، فماذا قال نجيب الهلالى فى ذلك ، قال : ” قرأت فى هذه الكتب أن (شمس المعانى ) أمير جرجان وبلاد الجبل وطبرستان قال فى القنفذ : يتحير المعتبر فى آياته ، ويكل النظر فى معجزاته ، وهو محارب حصنه من نفسه ، ومقاتل رماحه على ظهره ، وأنه إذا نام عنه الناس لم ينم .
وكذلك جاء فى كتب الحيوانات أن القنفذ كان من مستشارى سليمان الحكيم ، وقد تعلم أو لا تعلم يا سيدى الدكتور أنك قنفذ من الطبقة الأولى ، محارب حصنك من نفسك ، ومقاتل رماحك على ظهرك ، لا تنام ولو نام عنك الناس ، وقد كان القنفذ مستشارا لسليمان الحكيم ، كما قال ( شمس المعالى ) فلماذا لا يكون مستشارا لصاحب المعالى ولتذكر يا سيدى أن القنفذ كان أعلم الناس على عهد سليمان كما أنك أعلم الناس فى هذا الزمان .
وقد رأيتك ضائقا ممن أحسنت إليهم فأساءوا إليك وتجنوا عليك ، ثم قال رجل طويل اللسان إنهم ( كلاب ) يلهون مع اللاعبين ، ويسهون مع الساهين ، ويميلون مع المبطلين ، ولكنك يا سيدى الدكتور غضبت ( للكلاب) ، فلم أفهم سر غضبك ، فلما رجعت إلى قنفذ سليمان وجدت أن هذا المستشار الأول غضب ( للكلاب ) أيضا .
وفى هذا يقول الرواة : أن سليمان عليه السلام أرسل إلى مستشاره القنفذ الفرس والبازى يدعوانه فلم يجبهما ، ثم أرسل إليه الكلب فأجابه وجاء به ، فقال له سليمان : لم لا تجيب الفرس والبازى ؟ قال لأنهما خائنان ، إذ الفرس يعدو بالعدو كما يعدو بصاحبه ، والبازى يطيع غير صاحبه ، وأما الكلب فإنه ذو وفاء حتى ولو طرده صاحبه عاد إليه ثانيا ” .
فكم هو جميل ورائع ومعبر تشبيه الوزير الهلالى الدكتور طه حسين بالقنفذ ، وكم هو جميل ورائع أن يكون وزير التعليم مفكرا أديبا واسع الاطلاع ، مثقفا يرد مناهل العلم والأدب فيروى ظماه الدائم للمعرفة ، وكم هو جميل ورائع أن يقاتل الوزير والمفكر من أجل المبادىء لا لمصلحة أو إرضاء لسلطان .
تلك صفحة من تاريخ التعليم فى مصر لا يعلم عنها كثيرون من رجال التربية فضلا عن غيرهم ، كنت أنا قبل قراءة الخطاب أحدهم .

Related posts

Leave a Comment