– للدكتور حسن عبدالعال كلية التربية جامعة طنطا
متابعةا حمدعبد الحميد
وأنا أتابع الأحداث وأطالع بعض ما كتب من مقالات اليوم ، استوقفنى مقال الكاتب الصحفى أشرف البربرى ” التناقض بين القول والفعل ” الذى افتتحه بتصريح وزارة التعليم ” أن الأسئلة فى الامتحانات الجديدة تستهدف تشجيع الطالب على التفكير النقدي والتعليم العميق ” وقول الوزير أيضا ” النظام التعليمى الجديد يتميز ببث الأخلاق الحميدة وروح الانتماء والولاء ، وإعداد جيل يتمتع بمهارات العصر الحديث من اجادة لاستخدام التكنولوجيا ، والقدرة على التفكير الناقد والتواصل مع الآخرين ، وقبول الرأى الآخر وبناء شخصية الطالب ” .
وبالطبع هذا ” كلام جميل وكلام معقول ” لكن عندما صدق قطاع من طلبة الصف الأول الثانوى أن لهم حقا فى التفكير النقدي والاعتراض على ما يرونه خطأ ، وأرادوا التعبير عن هذا التفكير فى صورة وقفات احتجاجية بريئة ، تصدى لهم الأمن ففض احتجاجهم وألقى القبض على عدد منهم قبل أن يتم الإفراج عنهم .
ورأى الكاتب أن هذا التناقض فى الموقف الرسمى من ” أطفال الثانوى ” يهدد بخروج جيل مصاب يالشيزوفرينيا ، أو الانفصام فى الشخصية ، عندما يجد نفسه فى مواجهة كلام جميل مطلوب منه أن يقتنع به ويردده ، وواقع عكس ذلك تماما ، عندما يحاول ترجمة هذا الكلام الى فعل .
إن وزارة التعليم تقول إنها تستهدف الوصول إلى خريج ” يمتلك القدرة على التفكير النقدي وقبول الرأى الآخر ” وهو هدف عظيم ونبيل بلا شك ، فعليها أن تقبل اعتراض أو حتى رفض البعض لما تطرحه من أفكار للتطوير ، خاصة عندما تصطدم هذه الأفكار بالواقع ، فتتحول من نعمة مستهدفة الى نقمة ومحنة للطلبة وأسرهم .
والحقيقة أن هذا التناقض بين هذا الكلام الجميل والبراق للمسؤولين عن التعليم والممارسة الفعلية ، لا يقتصر على هذه المعاملة الخشنة مع مئات التلاميذ الغاضبين من مشاكل المنظومة ، والخائفين على مستقبلهم ، ولكنه تكرر كثير مع اتهام المسؤولين لكل من انتقد أو عارض أفكار للتطوير ، أو طالب باخضاعها للمزيد من الدراسة بأنه أما ” خائن أو جاهل أو مأجور ” .
احتجاج تلاميذ ” أولى ثانوى ” على مشكلات تجربة الامتحان الالكترونى ، كانت فرصة عظيمة لوزارة التعليم لكى تترجم أفكارها فى اخراج جيل قادر على التفكير النقدي وتكوين الرأى المستقل بعيدا عن أساليب الحفظ والتلقين ، لكن للأسف تم تبديد هذه الفرصة بهذا التعامل الخشن مع تلاميذ هم فى مرحلة الطفولة بحكم القانون .
ويقول البربرى وهو ينهى مقاله أن تلاميذ سنة ” أولى ثانوى ” وأسرهم يستحقون من الحكومة ومن المجتمع كله التقدير والمساندة ، وليس الخشونة والإساءة ، لأن حظهم شاء أن يتحملوا وحدهم عبء اختبار منظومة تعليمية جديدة ، قد تنجح فيستفيد منها الجميع وقد تتعثر فيتم التراجع عنها ، فلا يعانى الآخرون ما تكبدها تلاميذ هذه السنة من معاناة .