– للدكتور حسن عبدالعال كلية التربية جامعة طنطا
متابعة عبده البربري
بعد الحادث الإرهابي الذى أودى بحياة عشرات المسلمين المسالمين فى نيوزيلندا فى الأسبوع الماضى ، قدمت نيوزيلندا للعالم درسا سياسيا وإنسانيا على قدر عال من المسؤلية والتحضر ، قاد هذا الدرس رئيسة الوزراء جاسنيدا أرديرن بمسؤلية سياسية وحس انسانى ، لا يستطيعه كثير من الحكام والمسؤلين . وقد رصد الدكتورأحمد عبد ربه أستاذ النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة معالم هذا الدرس فى سلوك وتصرفات وقرارات رئيسة الوزراء والشعب النيوزيلندى ، بما يحمله من المسؤلية والتحضر فى مقاله الجيد ” حادثة نيوزيلندا : ما يتوجب على المسلمين فهمه ” .
فقد سارعت رئيسة الوزراء بإصدار القرارات التى تحظر الأسلحة شبه الأتوماتيكية ، وقدمت خطبا سياسية ولا أروع ولا أصدق ، تحملت فيها المسؤلية بشجاعة ، وفى الوقت نفسه أكدت قيم التسامح والتعدد التى تحتاجها بلادها . والملفت للنظر أن القيم الإنسانية ورمزيات التضامن كانت حاضرة فى كل خطبها وزياراتها ، وكانت ترفض النطق باسم الإرهابي مرتكب الجريمة استنكارا لجريمته ، ومراعاة لمشاعر المسلمين المكلومين . كانت تضع غطاء للرأس احتراما و تضامنا مع المسلمين ، وتذكر فى خطبها وكلماتها حديثا للرسول صلى الله إليه وسلم ، لتأكيد احترام مقدسات المسلمين ، وكانت دائمة التواجد مع الناس تحتضن النساء والأطفال والكهول ، وهى أمور لم تكن تثلج قلوب أهالى الضحايا والمصابين وحدهم ، ولكنها كانت محط احترام وتقدير العالم كله ، للدرجة التى دعت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز أن تضع فى صدر الصحيفة هذا العنوان ” أمريكا تستحق قائدا بجودة جاسنيدا أرديرن ” كما ذكر الدكتور عبد ربه .
لقد كان الشعب النيوزيلندى حاضرا ونزل الآف المواطنين غير المسلمين لحضور صلاة الجمعة التالية للحادث ، وتضامنت الأغلبية بزى محافظ وغطاء للشعر احتراما للمسلمين وإظهارا لكامل التضامن معهم ، ورفع التلفزيون النيوزيلندى الأذان أذان الصلاة ، وأصبحت البلد كلها مسلمة ولو ليوم واحد فى ظاهرة حضارية وانسانية بامتياز .
وقد انعكس موقف رئيسة الوزراء والشعب النيوزيلندى فى ردود أفعال ايجابية على مستوى العالم فى مقالات كثيرة لكتاب وأكاديميين ومثقفين فى أمريكا وأوروبا تدافع عن المسلمين وتنتقد الإصرار على ربط الإرهاب بالإسلام ، وتظهر تضامنا مع الضحايا والمصابين .
وأغلب الظن أن العالم نظرا للموقف الحضارى والإنساني لرئيس الوزراء والشعب النيوزيلندى على طريق استيعاب ما يحدث فى ضوء قيم التعددية والتسامح والرحمة والمسؤولية القانونية والسياسية . . نأمل ذلك من أجل عالم ينعم بالسلام