منزلة العلم والعلماء

كتب _ اشرف المهندس...

ويتجدد اللقاء الايمانى ولقاء الاسبوع مع فضيلة الشيخ الدكتور/ مديح سميح الطويله من علماء الأوقاف إمام وخطيب بمديرية أوقاف الاسكندريه

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .أما بعد فلقد أكثر القرآن الكريم فى فضل العلم ومدحه وأكثر من ذكره ورفع قدر العلماء وجعلهم فى مكانة إلى منزلة الملائكة فى الفضل والكرامة وأفرد العلماء بالخوف منه وخشيته ؛ فالعلم له مكانة عالية فى الإسلام لأن العلم حياة القلوب ونور الأبصار به يبلغ الإنسان منازل الأبرار وبه يطلع الله عز وجل وبه يعبد وبه يوحد وبه توصل الأرحام ولقد بلغ من فضل العلم وشرف منزلته أن جعل الله طلبه عبادة ومذاكرته تسبيح ؛ولايعرف دين مثل دين الإسلام أشاد بالعلم وحث عليه ورغب فى طلبه ونوه بمكانة أهله وأعلى قدرهم وبين فضل العلم وأثره فى الدنيا والأخرة وحسبنا أن أول آيات نزلت من الوحى على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشارت إلى فضل أول كلمة نزلت من الوحى وهى (إقرأ)بل إن أول خمس آيات نزلت من الوحى كلها تدور حول العلم والقلم الذى هو آداة نقله ومعرفته كإشارة إلى أهمية العلم فى الاسلام؛ ولم يقتصر اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بالحث على تعليم أحكام الإسلام فقط وإنما أولى إهتمامه كذلك بتعليم الصحابة كل العلوم النافعة فحرص على تعليمهم القراءة والكتابة وتعليمهم الحرف والصناعات وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من سعى لمحو الأمية حيث جعل فداء كل أسير من أسرى بدر ممن يحسنون فن القراءة والكتابة أن يعلم كل منهم عشرة من المسلمين ؛بل لم يقتصر اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بالحث على تعليم اللغة العربية فحسب بل أمر بتعلم اللغات الأخرى وثبت أنه أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السريانية ليتولى أعمال الترجمة والرد على الرسائل وورد أنه تعلم بأمر النبى صلى الله عليه وسلم العبريه والفارسية والرومية وغيرها فأصبح زيد بن ثابت ترجمات رسول الله صلى الله عليه وسلم . كل ذلك لما للعلم من فضل وأثره فى الدنيا والأخرة فالله عز وجل وهو يبين لنا فضل العلم أنه لم يأمر نبيه بالازدياد الا منه فقال تعالى مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وسلم ((وقل رب ذدنى علما))فدل ذلك أن طلب العلم وتعليمه أفضل شيء عندالله لأن الله عز وجل لا يختار لنبيه الا الأكمل والأفضل ؛ويكفى العلم شرفا أن الله عز وجل قبل شهادة العلماء على وحدانيته سبحانه وتعالى فقال تعالى(شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم)؛وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن الله إذا أراد بعيد خيرا رزقه العلم النافع ففى الصحيحين فقال النبى صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين)؛والعلم ميراث النبوة فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الإنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)؛وهذا سيدنا ابو هريرة مر يوما بسوق المدينة فقال يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا وماذاك يا أبا هريرة قال ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم هاهنا لاتذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا وأين هو قال فى المسجد فخرجوا يراها إلى المسجد ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم مالكم قالوا يا أبا هريرة لقد أتينا المسجد فدخلنا فلم نر فيه شيئا يقسم فقال لهم أبو هريرة أما رأيتم فى المسجد أحدا قالوا بلى رأينا قوم يصلون وقوم يقرءون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال لهم أبو هريرة ويحكم فذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛بل من فضل العلم وشرفه أن طلب العلم طريق الى الجنة يقول أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من سلك طريقا يبتغى فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ). بل من فضل العلم أنه يبقى أثره للإنسان حيا وميتا فصاحب العلم يجرى عليه بعد موته ثواب مانشره من العلم فينال مثل أجر كل من انتفع بعلمه فى حياته وبعد مماته فيقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات بن آدم انقطع عمله الامن ثلاث صدقة جاريه أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).بل من فضل العلم أن العالم يستغفر له من فى السماوات ومن فى الارض فيقول النبى صلى الله عليه وسلم (وإن العالم ليستغفر له من فى السماوات ومن فى الارض حتى الحيتان فى الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب )ويقول أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عالم والآخر عابد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم ثم قال صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته وأهله السماوات والأرض حتى النملة فى حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)ولذلك يفرح إبليس بموت العلماء أكثر مما يفرح بموت العباد روى عن بن عباس أنه قال الشياطين قالوا لابليس ياسيدنا مالنا نراك تفرح بموت العالم مالا تفرح بموت العابد فقال انطلقوا فانطلقوا الى عابد قائم يصلى فقالوا له إنا نريد أن نسألك فقال له إبليس هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا فى جوف بيضه فقال لا فقال أترونه كفر فى ساعه ثم جاء إلى عالم فى حلقة يضاحك أصحابه ويحدثهم فقال إنا نريد أن نسألك فقال سل فقال هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا فى جوف بيضه قال نعم قال كيف قال العالم يقول لذلك إذا أراد كن فيكون قال إبليس اتدرون ذلك لايعدو نفسه وهذا أى العالم يفسد على كثيرا . لذلك الذى يعبد الله على علم لايخشى عليه من الشيطان وتكون عبادته مقبولة لأنها مكتملة الأركان والشروط ؛ولذلك أمر الاسلام بالعلم وأوجب على المسلم أن يتعلم ما يجب فعله فى كل عبادة فيعرف أحكام الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وان كان من أهل التجارة يتعلم أحكام البيع والشراء وإن كان صاحب حرفة تعلم احكام الصناعة وهكذا . ولأهمية العلم ومكانته يقول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلى مائة ركعة ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم خيرلك من أن تصلى ألف ركعة . وافضل العلم ومكانته يقول صلى الله عليه وسلم من غدا الى المسجد لايريد الاأن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له (كأجرحاج تامة حجته ) والعلم هو صفة لانبياء الله عز وجل فالله علم انبياءه ورسله واختص سبعة من رسلة بسبعة فعلم آدم الاسماء كلها وكان علم آدم سببا له فى حصول سجود التحية له من الملائكة بأمر الله عز وجل وعلم الخضر علم الفراسة فكان سببا أن طلب نبى الله موسى منه أن يكون تلميذا له ليتعلم منه العلم وعلم يوسف علم التعبير وتأويل الرؤيا فكان علمه سببا فى نجاته ووجدان أهله وان سار يوسف فكان ملكا على خزائن الأرض وعلم داود صنعة الدروع فكان علمه سببا لسيادته ودرجته فى قومه وعلم سليمان منطق الطير فكان علمه سببا فى إتيان بلقيس إليه وكانت الغلبة لسليمان عليه السلام وعلم عيسى التوراه والإنجيل فكان علمه سببا فى نفى التهمة عن أمه مريم عليها السلام وعلم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الشرع والتوحيد فكان علمه سببا فى وجود الشفاعة له يوم القيامة . وحتى الكتب السماويه القديمة أشارت إلى. فضل العلم ومنزلة العلماء ففى التوراه قال تعالى. لموسى عليه السلام (عظم الحكمة فإنى لا أجعل الحكمة فى قلب عبد الله أردت أن اغفر له فتعلمها ثم اعمل بها ثم ابذلها كى تنال بها كرامتى فى الدنيا والآخرة) وفى الزبور قال سبحانه (ياداود قل لأحبار بنى إسرائيل ورهبانهم حادثوا من الناس الأتقياء فإن لم تجدوا فيهم تقيا فحادثوا العلماء فإن لم تجدوا عالما فحادثوا العقلاء فإن التقى والعلم والعقل ثلاث مراتب ما جعلت واحدة منهن فى أحد من خلقه وأنا أريد إهلاكه ) ونختم بأن العلم يورث صاحبة السعادة والطمأنينة والرضا عن الله ولنا فى هذا الموقف عبرة؛ التقى عيسى عليه السلام براغ فى الصحراء فقال له أيها الرجل أفنيت عمرك فى الرعى ولو قضيت عمرك فى طلب العلم وتحصيله لكان افضل لك فقال الراعى يا نبى الله أخذت من العلم ست مسائل وأعمال بموجبها الاولى :مادام الحلال موجودا لا آكل حراما الثانية :ما دام الصدق موجودا لا أكذب الثالثه :مادمت أرى عيبى لا أنشغل بعيوب الآخرين الرابعه:حيث لم أجد إبليس قد مات لا ائتمن وساوسه الخامسه:مادمت لا أرى خزائن الله خالية لا أطمع بكنز المخلوق السادسة:حيث لم أر قدماى تطئان الجنة لا آمن عذاب الله تعالى . فقال عيسى عليه السلام هذا هو علم الأولين والاخرين

Related posts

Leave a Comment