بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
الصدق هو الخطوة الضروريّة الأولى لحياة الإنسان السَّويّة. وتدريب النفس على الصدق، وعلى التعامل
الحقيقي مع الأشياء إنّما هو كالأرض الخصبة التي يبذر فيها الإنسان بذور قوله وعمله،النفس هو أنت الذى لا يعرفُه أحد ,هو ما بطُن منك
معرفه النفس هو المعرفة التامة بكل ما داخل هذه النفس
بكل ما تمتلك , بكل ما تشتهى , بكل ما تشعر, بكل ما تقدر على فعله,نّ التوافق والانسجام الداخليّ للإنسان ركيزة جوهريّة في بناء الشخصيّة الإنسانيّة التي تنهض بتكاليفها، وترقى إلى غاياتها الكبيرة بهممها العالية. ومَن يعجز عن تحقيق هذا الانسجام الداخليّ بين الإنسان في سلوكه وعواطفه وبين قناعاته وعقيدته.. فإنّما يحكم على نفسه بازدواجيّة أشدّ بؤساً، وأدعى للبعد عن جادّة الصراط.. إلاّ أن يشاء الله ربّ العالمين، فينتشل الإنسانَ حينئذ من الوضع المُوحل الذي يغرق فيه. بما يفرحها , بما يحزنها , بما يغضبها , بما تحبه , بما تكره بمن تأنس إليه , بمن تضحى لأجله , بمن تأنف منه , بمن تقدره وتجله إعمَل خريطة لنفسك بتتبعها فى حركتها وسكَنتها حتى تصل الى معرفتها
قبل أن يعرفها غيرك وتكون صك أمتلاكهُ لك صدق من الصدق نفسه!! لا بل هو الكمال بعينه، وما المدَّعون بالصدق ، إلا ظواهر صور قد شوهتها المظاهر وفقدت باطنها الساحر، فهو صادق مع نفسه أي لا يرى ولا يراقب إلا شعوره وانسجامه مع نفسه، لذا فلن تحركه مغريات العالم لأنه يمتلك العالم وكنوزه بداخله، فكيف له أن يتلطخ بامتلاك العالم بورقة أو وريقات، وهل إذا حصل على مستندات بامتلاك أراضٍ شاسعة وأموال طائلة وكنوز لا حصر لها، فهل هذا يعني أنه يملكها، لا إنها هي التي تملكه وتربطه وتقيده وتحدده وتستعبده، لأن طبيعتها هكذا.
أما الصادق مع نفسه فإنه يمتلك بقلبه العوالم والأكوان، والكنوز والدرر، وإن الذَّهب يشع بقلبه ويرصّع رأسه بأجمل الألوان فقد حصل على بريقه الخالص وعذوبة ديمومة لمعان بريقه تجلَّى في هالته الأثيريَّة، فقد حصَّل لون الذهب في الحياة ، وامتلكه إلى الأبد، الله أكبر لقد مات الموت.
أما ذلك المسكين، الذي يعتقد نفسه من الأثرياء أو أنه من المشاهير والعظماء، فهو كما يظن حقاً لأنه هكذا ظنه وهمي فكري سطحي ظاهري، أما بباطن الأمر فهو يعرف تماماً أنه سيموت وهذا الموت لا بد لا بد لا بد آتٍ لا محال، إنْ لم يكن اليوم ففي الغد أو بعد غدٍ على أبعد تقدير، فسيعيش 20-30 سنة زيادة وبعدها أين المصير، لا يعرف، بل يقول كما يقولون سأعود لله، أيُّ إله ستعود إليه؟ وأنت تؤلِّه الكذب والنفاق في داخل نفسك ورأسمالك بضعة دراهم وعقارات ستورثها لأبناء أناك والذين لن يعيشوا على ذكراك، بل سيعانون مما جَنَتْهُ يداك، وأنت ستنظر لهم من منظار آخر وستنادي بأعلى صوت، ولن يسمعك عندها أحد. يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً!! وما الفلان إلا جسدك وأنانيتك وتأليه فرديتك، فأنت الذي طالما اعتقدت أن الحياة تملكٌ واستملاك، متناسياً أنك لن تملكه حتى تنفقه على حسب قوانين الأخذ والعطاء، فيا جحيم البخلاء!! ويا نعيم الصادقين مع أنفسهم الكرماء!! والذين لا يعطونك أقل من أناهم وفرديتهم، ليعيشوا مع انانيتهم بأبديَّتهم. الصدق بلغة الطاقة هو انفتاح وعدم إغلاق القلب، فهو المستقبل الأساسي الذي يفتح صحن الطاقة في مقام القلب، ولا يعني ذلك أنْ تكون صادقاً بلسانك فقط، بل متناغماً مع ثلاثيتك المقدَّسة «فكر – قول – عمل»، وبالتالي التوحد مع ذاتك ومع الآخرين، فلا شيء تخاف منه لتخبئه فتحمله طاقياً في أجسامك الباطنية، وبالتالي يتلوَّث صفاء نفسك بسبب عدم صدقك مع نفسك والذي يعني أنك منسجم مع القانون الظاهر ومتناغم مع القانون الباطن، ومسافر في درجات التعاليم لتتعرف على قوانين أكثر وأدق لتعمل بها وتتناغم معها.رحم الله الإمام عليّ عليه السّلام:اذ قال قوم لا تأخُذُهم في الله لومةُ لائم: سيماهم سيما الصدّيقين، وكلامهم كلام الأبرار.. عُمّار الليل، ومنار النهار