كتب أحمد أسامة
تعمل تركيا بشكل نشط في الداخل الليبي منذ عام 2014 بهدف توسيع نفوذها وللسيطرة على الموانئ البحرية في البلاد ونهب ثروات الليبيين من غاز ونفط. حيث تحتفط في ليبيا بآلاف العسكريين والمرتزقة في المنطقة الغربية، وتستخدمهم كوسيلة لحفظ هيمنتها على المدن، ووسيلة لحماية صنّاع القرار الليبيين الموالين لها.
ورغم توقف عجلة القتال في ليبيا، إلا أنّ تركيا تواصل تعزيز قواتها ومرتزقتها السوريين والميليشيات الليبية الموالية لها بالأسلحة والعتاد، فوفقاً لصحيفة “المرصد” الليبية، واصلت تركيا الأسبوع الفائت إرسال المزيد من طائرات الشحن العسكرية إلى مدينة مصراتة الواقعة غرب ليبيا، حيث رُصد هبوط طائرتي شحن عسكرية تركية في مطاري الكلية الجوية وقاعدة الوطية، لليوم الثالث على التوالي.
وكشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن إرسال دفعة من عشرات من المرتزقة السوريين من الفصائل الموالية لتركيا إلى ليبيا، بينما عادت دفعة أخرى باتجاه تركيا، وذلك بعد توقف عمليات نقل المرتزقة لنحو 50 يوماً.
وقد سبق وأن نجحت أنقرة في تثبيت أقدامها في المنطقة الغربية الليبية مستغلةً جشع رؤساء الحكومات المؤقتة الذين جاءوا بعد سقوط حكم نظام القذافي عام 2011، وكان آخرهم رئيس حكومة الوفاق السابقة، فايز السراج، ومن بعده رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة. حيث أن أنقرة في اواخر عام 2018 وقعت إتفاقية أمنية مع فايز السراج فتحت الباب أمام إستقدام المرتزقة عبر أنقرة من مناطق السيطرة التركية شمال سوريا، لتزداد حالة الفوضى الأمنية التي في ظلها يصعب المضي نحو إجراء الإنتخابات وفق مسار سياسي سلمي.
كما أنه في السنة نفسها وبضغط من أنقرة تم ترسيم الحدود البحرية الليبية مع اليونان دون توضيح أسباب هذا التحرك، لتقوم تركيا في العام الجاري بتوقيع إتفاق إقتصادي مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية يسمح للشركات التركية التقيب عن الغاز والنفط في المياه الليبية. وبإستمرار تركيا تقديم الدعم العسكري لحكومة الوحدة بقيادة عبدالحميد الدبيبة المتمسكة بالسلطة تزيد من تفاقم الأزمة في البلاد. حيث تعمل على زعزعة المسار السياسي الليبي وإحباط أي محاولات توافق وتواصل بين الأطراف الليبية والتي قد تقود إلى إزاحة الدبيبة من منصبه وبالتالي إفشال الأجندة التركية في الداخل الليبي.
فقد عرقلت أنقرة في أكثر من مناسبة إجتماعات بين مجلسي النواب والدولة لحل الخلافات على بنود القاعدة الدستورية وتشكيل حكومة جديدة بدلأ عن حكومة الدبيبة، عبر الميليشيات والمرتزقة الذين أثاروا فوضى أمنية. في المقابل أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في برقية تهنئة أرسلها إلى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بمناسبة ذكرى الاستقلال أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب ليبيا، والشعب الليبي. ليُحذر المراقبون الى أن هذا الوقوف التركي، إنما يعزز الفرقة والتناحر بين الليبيين ويعمق الأزمة ومن الممكن أن يشعل فتيل النزاع مرة أخرى في البلاد.