أيُّها الطّيرَُ العابر، انتبه. ألا تعلم ما تحتك؟ إنّكًَ فوق مصر السلام.
فاتّخذْ بلدنا قبْلة سِرْبك، فاخشع واعْترف بها، فشرٌ لك ألّا تعترف.
أيُّها الطّير، استشعرُ ما بروحك.
لقدْ خشعتْ، وما أخشعك إلّا وحيٌ انفلتَ من أرواحنا إليك؛ فسكنتَ فوقنا وطرتَ بسمائنا.
فحلقْ، وصففْ سربك الدوّار فوقنا؛ فهذا موطنك، وهذا سبيلك وهذا سِلْمُك.
***
أيُّها الآتي إلينا من أرضٍ تشرب الدماء، طهّرْ روحك قبل أن تأتينا.
دعْ هذا السّديم النووىُّ المتفجر فى قلْبك وقلْب من وراءك.
دعْ عنك القفز بالسّكّين، والرمْى بالسهم، وحفْر الأخاديدِ، ونصْب الفِخاخِ.
إنسْ دقّ طبول حربك وحرب من وراءك.
فإذا حللت بأرضنا فاخلعْ نعليْكَ، فإنه ملطخ منْ أرضك. تحت قدميك أرواح أجدادنا التي عاشتْ مطمئنة، ونحن أحفادها نحيا بقلوب الملائكة، فخلّدنا ماضي أجدادنا وما نزال نعيش سبيلهم، ونأمل أن نظلَّ على الدربيْن في مستقبلنا، فلا تدنّث ماضينا وتزهق حاضرنا وتحفر قبور الموت لمستقبلنا.
ليس فينا قاتل أو مقتول، أو طارد أو مطرود، أو ظالم أو مظلوم. وإنّما تظلنا أجنحة الحياة من تحليق الملائكة، ويقلنا العدل من وحي ضمائرنا..إياك تظن أن خيلنا وطبولنا غزو.
خيلُنا وخُيّالُتنا كلّها فى صف السّلم، ليس لدينا طبول حرب؛ فكل طبولنا تَدقُّ للسّلام.
صآفّون، دآقّون، قارئون لآيات الحب المسطّرة فى رايات خُيّالتنا فوق خيلنا.
إذا حفرتَ ما فى صدورنا لن تجد إلّا الحب.
أعود وأحذرك، دعْ عنّك ردائك الآتى به إلينا وارتدى ثيابنا.
أتعلم سماءنا؟
سماؤنا اشتدتْ توهجاً؛ فبات رعدها أمانًا لا يقصف، ومطرها غيث لا يغرق. سحابها تناجى حلوقنا؛ فتروي الأرواح قبل الأجساد.
قمرها يناجي العاشقين، وشمسها تصلب عود العاجزين، ونجومها تنير ظلمات درب التائهين.
لعلك علمت سماءنا الآن.. فاخشع لها.
أعود وأحذرك، دعْ عنّك ردائك الآتى به إلينا وارتدى ثيابنا.
ويتوجب عليك الآن أن تعلم طيورها.
طيورنا:
طيورها خضراء، تحلق أسرابًا لتعانقها، لتناجى أجرامها، وتظلّ تحدق فيها رغبة في معرفة كنهها.
أيُّتها الطيور الدوّارة – الفوّاحة -السّوّاقة، أأنتِ لُحفُ نجد فيها رضاعة الحب زخّات من العشق تسري في أرواحنا فننعم بالغذاء والدفء والعشق؟
ما أعظم مَلَاءتك التي تشبه أحضان الأمهات اللواتى يُرضّعن أطفالهنّ لبنًا سائغًا خالصًا.
هل أنت تغنين؟
لعل غنائك يعلو ويعلو كلما صفونا و كظِمْنا وعفونا وتحاببنا.
أيُّها المحفّفون الراقصون، كيف تحيوْن ؟
رقصكمْ سكْر من كؤوس السّحاب.
وظلّكم شماسى النجوم .
وفرشكم فضاء المملكة.
وتغنون للحب، وتستمدون مملكتكم كلها كلها من حُب يصْعدُ من مملكة حبنا إليكم ..
نعم لمّا طابتْ نفوسنا فى هذه البقعة من الأرض حمْتمْ حولنا بسرب:رائعٍ، طائرٍ، شادٍ، مرتوٍ من حلوقنا نحن؛ نحن، مصر السلام.
أعود وأحذرك، دعْ عنّك ردائك الآتى به إلينا وارتدى ثيابنا.
إذن، يتوجب عليك أن تكون مثلنا نحن؛ نحن فقط.
واحتمى بسلمِنا، بحبنا، بأمننا، بطهرنا، ببرائتنا.
وهيّا، هيّا دُقّ معنا هذه الطبول فإنها تطرب الآذان وتثلج الصدور.
بقلمي: ابراهيم امين مؤمن