بقلم /احمد يوسف الحلواني▪️ باحث في الشريعة الإسلامية
اذا ما ذكر التصوف والمتصوفة في زماننا هذا سرعان ما تتجسد امامنا صورة المباخر والموالد واختلاط الرجال مع النساء في صور عبثية لا تمت الى الاسلام بصلة .
فهل اولئك متصوفة وهذا هو التصوف.؟
وقبل الاجابة اسمح لي أن احيل القارئ العزيز الى صورة اخرى مماثلة ، الا وهى المشاهد التي نراها ونسمع عنها ربما يوميا تحت مسميات ورايات الإسلام الذبح والتفجيرو إقامة المجازر الجماعية، وذبح الأسرى وحرقهم أحياء، وترويع الآمنين، واستباحة الرق وأسواق النخاسة، واستحلال حرمات المساجد بتفجيرها بمن فيها من الركع السجد، وترويع وتهجير المسيحيين واليزيديين من أهالي المنطقة مع صيحات الله أكبر، وقراءة القرآن من الدو اعش واتباعهم .
وبنفس المنطق اتساءل هل هذا هو الاسلام ؟
وهل يمثل اولئك الخوارج الاسلام وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم انهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية .
اننى في اشد العجب كيف تم تزييف الوعي وكيف تم نزع عقلنة العقل على النحو الخاطئ وبالطريقة الغالطة التى استطاعت ببراعة تزيف الحقائق بأن حصرت التصوف والمتصوفة في تلك الافرازات الشاذة عن منهجه السمح الرشيد المنضبط بالشرع .
وعلى غير المشهور بل والمتوقع فقد امتدح شيخ الاسلام ابن تيمية
التصوف واهله قال رحمه الله : و” الصواب ” (( أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب.
ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه. وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة))؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم: كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه وأخرجوه عن الطريق. مثل: الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره. كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي؛ في ” طبقات الصوفية ” وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد”.
وقال رحمه الله ايضا فى الصوفي ـ في الحقيقة نوع من الصديقين فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه فكان الصديق من أهل هذه الطريق كما يقال: صديقو العلماء وصديقو الأمراء فهو أخص من الصديق المطلق ودون الصديق الكامل الصديقية من الصحابة والتابعين وتابعيهم فإذا قيل عن أولئك الزهاد والعباد من البصريين أنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضاً كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة الله ورسوله بحسب اجتهاده وقد يكونون من أجلّ الصديقين بحسب زمانهم فهم من أكمل صديقي زمانهم والصديق من العصر الأول أكمل منه والصديقون درجات وأنواع ولهذا يوجد لكل منهم صنف من الأحوال والعبادات حققه وأحكمه وغلب عليه وإن كان غيره في غير ذلك الصنف أكمل منه وأفضل منه”. انتهى
وقد مدح ابن القيم تلميذه ايضا في نونيته:
أهل الحديث جميعهم وأئمة الـ … ـفتوى وأهل حقائق العرفان
العارفون بربهم ونبيهم … ومراتب الأعمال في الرجحان
صوفية سنية نبوية … ليسوا أولي شطح ولا هذيان
هذا كلامهم لدينا حاضر … من غير ما كذب ولا كتمان
فاقبل حوالة من أحال عليهم … هم أملياء أولو إمكان
فإذا بعثنا غارة من أخريات العسكر المنصور بالقرآن .
ومن اشهر العلماء والقادة المتصوفة.
-الإمام العز بن عبد السلام:
ودوره في التحضير لمعركة “عين جالوت” (سنة 658هـ) معلوم للقاصي والداني فلم يمنعه تقدمه في السن من المشاركة في الاجتماعات مع السلطان وقادة الأمة وحثهم على ملاقاة التتار وفتواه في الجهاد مشهورة معروفة.
ولا مجال للتردد أن العز كان صوفياً ونصوصه العديدة وكلام مترجميه قاضية بذلك.
والسلطان صلاح الدين الأيوبي قاهر الصلبيين ومحرر الأقصى:
قد ورد عنه أنه خلال المعارك كان يصحب علماء الصوفية لأخذ الرأي والمشورة فضلاً على أن وجودهم يعتبر حافزاً قوياً للمريدين على القتال ببسالة وشجاعة نادرة)
وايضا (البطل المجاهد عمر المختار الصوفي الزاهد التابع للطريقة الصوفية السنوسية (1858-1931م
الذي جعل من زاويته الكبرى في واحة الجغبوب مقراً ومركزاً للعمليات العسكرية حتى استشهاده.
وتصوفه لا يحتاج إلى دليل فهو من أكابر رجال الطريقة السنوسية الليبية.
وفى نهاية حديثى اهمس في اذن القارئ العزيز ان كل ما سمع او نقل له او حتى شاهده من خذعبلات يدعى اصحابها انهم متصوفة اقول له انهم يمرقون من الدين كما يمرق اولئك الخوارج الذى ابتلى بهم الاسلام من الدواعش واتباعهم ..وان المتصوفة هم سادة علماء الائمة من العز بن عبد السلام مرورا بمشايخ الازهر الاماجد حتى الامام الطيب الاستاذ الدكتور احمد الطيب حفظه الله