عبدالحميد شومان
لبت نداء الإنسانيه وإنحنت لها الإنسانية احتراما… تلك هي الممرضه العروس التي أجلت زفافها لتكون جندي في الجيش الأبيض الذي يحارب كورونا المميت.. إنها نسمه محمد ابنة قرية الغفاري ومحل عملها مستشفى مشتول المركزي بمحافظة الشرقيه… فبدلا ما كانت تسهر لخدمه المرضي سكنت هي العناية المركزه.. بعد إصابتها بكورونا بفضل تراخي من إدارة المستشفى في التعامل مع التمريض وعمل المسحات بعد انقضاء مده عملهم بالعزل معللين عدم عمل المسحات الا لمن تظهر عليه الأعراض رغم انهم أبناء مهنه ويعلمون ان هذا القاتل كثيرا ما يأتي مختبأ بلا أعراض.
إنها قسوة وزارة الصحه مع أبنائها.
نسمة كانت تفصلها عن ليلة العمر أيام قليلة إلا أنها فجأة وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما اتمام زفافها أو تلبية نداء الواجب بالانضمام لكتيبة الجيش الأبيض لإنقاذ مصابي كورونا، بعد إدراج اسمها ضمن كشوف تمريض مستشفيات العزل.
هنا تسائلت فيما بينها وبين نفسها وتحدثت إلى زوج المستقبل عما يرواد رأسها عن ذاك الإحساس الذي يقودها إلى فكرة تأجيل ليلة الزفاف التي تحلم بها، كونها لا تتصور تخليها عن القيام بدورها في هذا الظرف الحساس
قائلة: “لو كل واحد فينا اعتذر مين هينقذ المرضى؟” وبالفعل اتفقا سويًا بأنه لا مانع من تأجيل الفرحة قليلًا لحين إنقاذ أرواح هؤلاء القابعين بالمستشفيات.
بعد انتهاء المدة المقررة لها دقت ساعة العودة للبيت وقتها كانت تعاني بعض الأعراض من هبوط ودوار واحتقان فظنت أنه نتيجة طبيعية لاجهاد إثر ليال سهرتها لخدمة المرضى ولكن بعد إجراء التحاليل المعتاده قبل مغادرتها مقر العزل استعدادًا للعودة للبيت اخبارها الطبيب بأنه يتشكك في أن العدوى انتقلت إليها لكنه سيكرر التحليل مجددًا بعد مرور اسبوع بحسب رواية نسمة في تصريحات متلفزة.
وقالت نسمة: “للأسف المستشفى لا توفر مسحات للفريق الطبي فبعدما اخبرني الطبيب أنه سيعاود إجراء التحليل لي بعد أسبوع عدت إلى البيت إثر انقضاء مدة بقائي للعمل بالعزل”.
لم تعلم الفتاة العشرينية أنها ستحمل معها تلك المرة مفاجأة غير سارة لوالدتها فعندما وطأت قدم “نسمة” البيت سرعان ما انتقلت العدوى منها إلى أمها مريضة الصدر وظهرت الأعراض على عقب أيام من وصولها.
توجهت نسمة إلى أماكن متعددة لتوقيع الكشف الطبي ولكن في كل مرة كان يأتي الرد لابد من إجراء مسحة حينها قادتها قدميها إلى حيث مستشفى العزل التي كانت عائدة للتو منها قبل أيام وأخبرتهم هناك بما جرى لها هي ووالدتها وبالفعل قررت إدارة المستشفى حجزهما ومحاولة توفير مسحة لهما حيث تبين فيما بعد إصابتهما بفيروس كورونا.. وقضت مدة العزل وخرجت معافاه… الا انها قبل يومين على إثر ازمه صحية تم نقلها الي العناية المركزه.