عميد التربويين د حسن عبد العال يكتب الإصلاح الديمقراطى : درس ما زال قائما للتعلم

 بقلم…. د حسن عبد العال …كلية تربية طنطا

صرح الأستاذ الدكتور حسن عبد العال بكليه التربية جامعه طنطا. كنت اطالع صحف الصباح اليوم ، فجذب انتباهى عنوان مقال للكاتب محمد سعد عبد الحفيظ عنوانه ” من( حمو بيكا ) الى درس تونس وأثيوبيا ” . والأمر الذى دعانى إلى قراءة المقال ، هو ما نلاحظه هذه الأيام من انشغال بعض الرأى العام فى مصر وعلى شبكات التواصل الاجتماعى خاصة بظواهر عديدة ، من مثل ( حمو بيكا ومجدى شطة ) وحالة الهبوط والاسفاف التى لحقت بالفن الشعبى وإفساد الذوق العام ، وأفلام السبكى وما تثيره من جدل ، او المعركة التى تدور رحاها الآن حامية على صفحات الفيسبوك بين مشجعى الأهلى والزمالك ، والتى يشارك فيها الى جانب الحمهور العادى مثقفون بعضهم أساتذة جامعة ، ومعايرة جمهور الزمالك للجماهير الأهلاوية على الهزائم الأخيرة أمام ( الترجى ) و (الوصل ) ، وخروج الأهلى منتكسا من مسابقتين كان أقرب للقوز بهما . وتسمع فى هذه المعركة سبابا وتقرأ فيها بذاءات .

 

هذا بينما ينشغل الرأى العام فى دول الأخرى عربية وافريقية بظواهر أخرى جادة ربما كانت أهم وأعظم ، وتهم مستقبل الامم . وفى اطار درس الاصلاح الديمقراطى الذى أراد منا الكاتب أن نتعلمه ، او بالأصح أن تتعلمه حكوماتنا المتعاقبة ،تناول الكاتب ما ينقله الإعلام التونسى ووكالات الأنباء ، عن واقع إضراب سلمى عام فى تونس يقوده ” الاتحاد العام للشغل ” على وقع تململ الطبقات الأكثر عوزا من موظفى الحكومة للمطالبة برفع الأجور لتتناسب مع ارتفاع الأسعار . والملفت للانتباه فيما قرأت أن الإعلام التونسى قد غطى هذا الإضراب ، ولم يتهم الإعلام ولا المسؤلون قادة الإضراب التونسى ولا المشاركين فيه بأنهم يستهدفون إسقاط الدولة ، وأنهم مدفوعون من جهات خارجية لإثارة القلاقل فى البلاد ، ولا أنهم عملاء وخونة ،ولم تشهد المظاهرات اشتباكات ، وإنما أوصل المتظاهرون رسالتهم وانصرفوا ، وأكدت الحكومة على الحق فى التظاهر السلمى ،

 

ودعت لإستكمال المفاوضات مع الاتحاد . وتجربة الانتقال الديمقراطى فى تونس رغم تغثرها بعض الشىء إلا أنها تمضى فى بناء الدولة الحديثة ” تداول سلمى ، وانتقال هادئ للسلطة ، ومجتمع مدنى قوى يعرف مكامن قوته ، ونظام منتخب يمثل الشعب ويعرف حدود صلاحياته ومسؤلياته ” والأشقاء التوانسة يحاولون العبور ببلدهم إلى بر الدولة التى خرجوا قبل سبع سنوات ليؤسسوها على أنقاض نظام بن على. لكن الأكثر إثارة فى المقال وما استوقفنى معجبا ، هو ما يحدث فى أثيوبيا فبعد عقود من الاستبداد السياسى ، صعد ” آبى أحمد ” إلى رئاسة الحكومة مطلع العام الحالى ، فمضى فى طريق الإصلاح الديمقراطى الذى يعزز استقرار البلاد ، فبعد انتخابه أسابيع فتح باب الحوار مع 52 حزبا ،

 

وأشرك الجميع فى مناقشة قضايا الحكم والمستقبل السياسى لأثيوبيا ، وشدد خلال الحوار على تطبيق ديمقراطية تعددية تدعمها مؤسسات قوية تحترم حقوق الانسان ،وأكد على أن سيادة القانون هو المخرج الوحيد لأزمات البلاد . ولم يكتف آبى بالكلام بل حول وعوده لمجموعة من الإصلاحات الديمقراطية ، فأطلق سراح آلاف السجناء السياسيين واوقف الرقابة على الإعلام ، ورفع الحجب عن مئات المواقع الصحفية ، وأنهى حالة الطوارىء وقدم عددا من المتورطين فى قضايا تعذيب منهم قادة بالجيش والاستخبارات والشرطة إلى المحاكمة ، وأنهى حالة الحرب التى استمرت عشرين عاما مع أريتريا وسعى لفتح صفحات جديدة مع الدول التى توترت علاقاتها مع أثيوبيا . والخلاصة أن أبى أحمد رغم صغر سنه قد أدرك أبعاد الأمن لبلده وأقر نظاما للعدالة سيمكن بلاده من بناء الديمقراطية التعددية التى هى بداية طريق خلاص لدولة كانت قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية . أنها تجارب ديمقراطية تمارس الآن فى دول تعلمت من قبل منا الكثير وهى تقدم اليوم درسا للحكومات العربية بعد الأحداث الأخيرة كى تتعلم .

 

 

Related posts

Leave a Comment