كتبت/مرثا عزيز
تلقى الملك “فاروق” العديد من الهدايا القيمة من ملوك وحكام أوربا بمناسبة زواجه من الملكة “فريدة” في 20 يناير عام 1938، وكان من أهمها بندقيتا صيد أهداهما له الملك “جورج السادس” ملك إنجلترا، وأيضا تمثال تاريخي من البرونز لأمير إيطالي من القرن السابع عشر اشتهر بالديمقراطية والعطف على الفقراء قدمه له ملك إيطاليا، وأهدته جمهورية النمسا مجموعة من التماثيل تمثل فرسان نمساويين بأزيائهم في القرن الثامن عشر، فيما أهدى له الزعيم النازي “أدولف هتلر” سيارة مرسيدس.
لكن ربما ما لا يعرفه البعض هو أن الملك “فاروق” تعرض لحادث مروع كاد يودي بحياته وهو يقود تلك السيارة، فيما عرف باسم “حادث القصاصين”.
ووقع ذلك الحادث في عصر يوم 15 نوفمبر عام 1943، خلال عودة “فاروق” من رحلة صيد قرب الإسماعيلية، وتعرض للحادث أمام بوابة معسكر “المنشآت الهندسية رقم 140” التابع لقوات الاحتلال البريطاني، وكان الملك يقود السيارة المرسيدس بسرعة كبيرة بجوار ترعة الإسماعيلية.
وظهرت أمامه مقطورة عسكرية إنجليزية كانت قادمة من “بني غازي”، وانحرفت المقطورة يسارا فجأة وسدت الطريق أمامه لكي تدخل المعسكر، فيما قام الملك بالانحراف لتفادي السقوط في الترعة، واصطدمت مقدمة المقطورة بسيارته، وطارت عجلات السيارة الأمامية كما تحطم بابها الأمامي ووقع “فاروق” وسط الطريق.
وكاد “فاروق” يلقى حتفه جراء ذلك الحادث، وكان يردد عبارة “يا رب عفوك.. يا رب عفوك”؛ وتم نقله إلى المعسكر لإسعافه، لكنه رفض أن يتلقى العلاج هناك، وبعد ذلك تم نقله على متن السيارة الملكية إلى المستشفى العسكري القريب في القصاصين؛ وقامت طبيبة إنجليزية بفحصه، وأشار الملك إلى موضع الألم قائلا إنه يعاني من كسر في عظمة الحوض أسفل البطن.
وسارع ضباط وجنود الجيش المصري المتواجدين بالمنطقة إلى المستشفى من تلقاء أنفسهم وأحاطوا بها لحراسة الملك؛ وعرض أحد كبار الجراحين الإنجليز على الملك إجراء عملية جراحية له، لكنه رفض رغم خطورة حالته وآثر انتظار الجراح “على إبراهيم باشا”، الذي قدم من القاهرة على متن طائرة.
وخضع “فاروق” لعملية جراحية خطيرة، ظل يعاني من آثارها طوال حياته، كما تسببت في إصابته بالسمنة المفرطة بعد ذلك، والتي قيل أنها يحتمل أن تكون السبب وراء وفاته.
وبعد أن انتشر الخبر في أرجاء مصر سارع الآلاف من المواطنين إلى المستشفى، وأحاطوا بها طوال فترة إقامة الملك بها بعد خضوعه للعملية.
وفي أعقاب ذلك الحادث انتشرت شائعات تفيد بأنه كان مدبرا للتخلص من الملك إثر تصاعد حدة الخلافات بينه وبين السفير البريطاني “مايلز لامبسون”، بعد حادث 4 فبراير عام 1942، ومحاصرة الإنجليز لقصر عابدين لإجبار الملك على التنازل عن العرش أو تكليف “مصطفى النحاس” بتشكيل الحكومة بمفرده.