الإعلام لم يعد مجرد ناقل للأخبار والأحداث فقط وإنما أضحى وسيلة لصناعة العقول وتنمية الأفكار ، الإرهاب الفكري الذي يبث عبر وسائل الإعلام سواء كان مقصوداً أو غير مقصود يسهم في تكوين اتجاهات الرأي العام ويروج لسياسات وأهداف دعائية ،وقد يغفل القائمون على وسائل الإعلام تلك الأهداف وتبث بالتالي الرسالة دون دراسة ووعي بمدى خطورتها فيتحول الفكر الإرهابي إلى تجسيد واقعي فاعل ينبني على فلسفة وأيديولوجية واضحة ، فالفكر الإرهابي يعتمد على عناصر الرعب والترويج لاهدافه .
ومما لاشك فيه أن وسائل الإعلام تقوم بدور بارز ومهم إزاء هذه الظاهرة خاصة فى مجال التأثير على الرأى العام وعلى وسائل الاعلام ان تعى بان لاحياد في مواجهة الإرهاب والتخريب، وعدم التعامل مع الأحداث الإرهابية علي كونها قصة خبرية أو سبقًا إعلاميًا، ولكن يتم التعامل معها علي أنها عدوان علي الدولة والمجتمع، ووضع نشاطات ومظاهرات المناصرين للجماعة الإرهابية وحلفائها في حجمها الطبيعي وعدم تسليط الأضواء عليها، وضرورة التركيز على ما تسببه الأعمال الإرهابية من أضرار فادحة للدولة والمجتمع، وإبراز الأضرار المباشرة التي تقع على المواطنين جراء أعمال العنف والإرهاب.
الإعلام يجب أن يؤدي دوراً محورياً بكافة وسائله، في مواجهة خطاب الكراهية والفكر المتطرف، وأن تلك المواجهة للإرهاب، تتطلب اجتثاث جذوره الفكرية المنحرفة، وكشف زيف خطاب التنظيمات الإرهابية، إن الإرهاب يتحرك، حين يبدأ الفكر الإنساني بالانحراف عن الطريق السوي المعتدل، وتزداد الفجوة اتساعاً، كلما نشب مخالبه في الشخصية والسلوك، ثم يتطور ليصبح فكراً متطرفاً، ويستخدم خطاب الكراهية والحقد على الآخر.
وفي تلك المرحلة بالذات، قد يصبح مهيّأً لممارسة الإرهاب الفعلي .دور الإعلام في مكافحة الإرهاب يحتاج إلى وقفة جريئة لمراجعة المنظومة الفكرية التي تسبب الانحراف، وتؤدي إلى الكراهية ضد الآخر، ثم تصل إلى احتكار الحق والصواب، وعلينا أن نبحث جيداً في ذلك الفراغ الذي ينشأ عند انخفاض مستوى التعليم والثقافة عند الأطفال والشباب، ونضع مخططاً يضمن بث الخطاب المعتدل، الذي يركز على القيم السلوكية والروحية، والتحلي بالأخلاق الكريمة والمثل الإنسانية النبيلة، كالتعايش السلمي من باب المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية.