بقلم الداعيه الاسلامي الشيخ وائل ابو جلال
يقول مالك بن دينار رحمه الله :
دخلت البصرة يوما فوجدت الناس قد اجتمعوا فى المسجد الكبير
يدعون الله من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء لم يغادروا المسجد فقلت لهم مابالكم
فقالوا :
أمسكت السماء ماءها وجفت الأنهار-ونحن ندعوا الله ان يسقينا فدخلت معهم.
يصلون الظهر ويدعون، والعصر ويدعون، والمغرب ويدعون، والعشاء ويدعون.. ولا تمطر السماء قطره..
خرجوا ولم يستجب لهم.
يقول: ثم ذهب كل منهم إلى داره وقعدت في المسجد ولا دار لي.
فدخل رجل ( اسود )..
(أفطس) اي صغير الأنف..
( أبجر ) اي كبير البطن..
( عليه خرقتان ) ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه.
[ad id=”1177″]
فصلى ركعتين ولم يطل..
ثم التفت يمينا ويسارا ليرى أحدا فلم يرانى
فرفع يديه إلى القبلة وقال؛
إلهي وسيدى ومولاي
حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك
فأسالك يااااا حليما ذا أناه،
يامن لايعرف خلقه منه إلا الجود
ان تسقيهم الساعة الساعة الساعة
يقول مالك فما ان وضع يديه
إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السحب من كل مكان فامطرت كأفواه القِرب.
يقول فعجبت من الرجل
فخرج من المسجد فتبعته فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل دارا فما وجدت شيئا” أعلّم به الدار إلا من طين الأرض فأخذت منها وجعلت على الباب علامة
فلما طلعت الشمس تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد
فقلت ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبدا
فأرانى الطويل والقصير والوجيه
فقلت: لا لا اما عندك غير هؤلاء
فقال النخاس: ماعندى غير هؤلاء للبيع.
يقول مالك:
وأنا خارج من البيت وقد أيست رأيت كوخا من خشب جوار الباب فقلت: هل في هذا الكوخ من أحد
فقال النخاس: من فيه لايصلح.. أنت تريد أن تشترى عبدا ومن فى هذا الكوخ لايصلح.
فقلت: أراه
فأخرجه لي، فلما رأيته عرفته.
فإذا هو الرجل الذى كان يصلى بالمسجد البارحة..
قلت للنخاس: أشتريه..فأجابني: لعلك تقول غشّني الرجل..هذا لا ينفع فى شيء..هذا لايصلح في شيء.. فقلت أشتريه فزهد فى ثمنه واعطانى إياه
فلما استقر بى المقام فى بيتى رفع العبد رأسه إلي وقال: ياسيدى لم اشتريتني
إن كنت تريد القوة فهناك من هو أقوى منى
وإن كنت تريد الوجاهة فهناك من هو أبهى منى
وإن كنت تريد الصنعة فهناك من هواحرف مني
فلم اشتريتني
قلت: يا هذا، بالأمس كان الناس فى المسجد وظلت البصرة كلها تدعو الله من الظهر إلى بعد العشاء ولم يستجب لهم..
وما إن دخلت أنت ورفعت يديك إلى السماء ودعوت الله واشترطت على الله حتى استجاب الله لك وحقق لك ما تريد
فقال العبد: لعله غيرى؟ وما يدريك انت لعله رجل آخر
فقلت: بل هو أنت..
فقال العبد أعرفتني؟ فقلت نعم.
فقال: أتيقنتني فقلت نعم.
فيقول مالك: فوالله ما التفت إلي بعدها،
إنما خرّ لله ساجدا فأطال السجود، فانحنيت عليه فسمعته يقول:
(ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا)
ففاضت الروح الى بارئها
أي سر سره ، وأي سر سرنا
وإلى أي درجة بلغ في الإخلاص ، وكيف إخلاصنا
[ad id=”87287″]