اعد التقرير/عبدالحميدشومان
رمضان كريم ..الله أكرم ..والشهر مبارك عليكم ..و تصوموا وتفطروا على خير هكذا يستقبل أهل السودان شهر رمضان المبارك وكغيرهم من الشعوب الاسلامية يعتمد الناس هناك في إثبات هلال رمضان على ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية.
زفة رمضان تجوب الشوارع
عند الاعلان عن ثبوت رؤية الهلال إذ تنتظم مسيرة مكونة من رجال الشرطة، والجوقة الموسيقية العسكرية، ويتبعهم موكب رجال الطرق الصوفية، ثم فئات الشعب شبابًا ورجالاً… وتسمى ( الزفة ) وهي بالطواف في شوارع المدن الكبرى، معلنة بدء شهر الصيام .
وتبدأ المساجد في إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار وتظل الأضواء الخاصة طوال ليالي رمضان، كما تبدأ المدافع في الانطلاق عند كل أذان مغرب، معلنة حلول موعد الإفطار، وقبل الفجر للتنبيه على الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات. ومن المعتاد في هذا البلد تأخير أذان المغرب، وتقديم أذان الفجر، احتياطًا للصيام !!!
أما المساجد فتظل عامرة طوال هذا الشهر المبارك بالرواد من المصلين والمتعبدين. وذلك منذ خروج المواطنين من أعمالهم وقت الظهيرة، وخاصة بعد صلاة العصر حيث تبدأ دروس العلم، وحلقات القرآن وتستمر إلى قبيل أذان المغرب بقليل .
شراب يروي الظمآن
ومع ارتفاع حرارة تلك المنطقة ينتظر الصائمون بفارغ الصبر قدوم المغرب حتى يشربون مع ( الآبريه ) ويُعرف بـ ( الحلو – مر ) وهو شراب يروي الظمآن،وهي عبارة عن ذرة تنقع بالماء حتى تنبت جذورها، ثم تُعرَّض لأشعة الشمس حتى تجفَّ، ثم تطحن مع البهارات، وتعجن وتوضع على هيئة طبقات في الفرن حتى تنضج .
وومن عادات السوادانين أن يعدون هذا الشراب قيل رمضان بأشهر حيث يتم نقع الآبرية بالماء حتى يصبح لونه أحمر، ويفطر عليه الصائمون، فيشعرون بالري والارتواء بعد العطش والظمأ طوال النهار .
وكذلك يعد اهل السودان ( الآبري الأبيض وهو من يُصنع من رقائق دقيق الذرة البيضاء، حيث تطهى على النار، ويُعمل منها مشروب له خاصية الإرواء والإشباع، إضافة إلى شراب
( المانجو ) و( البرتقال ) و( الكركدي ) و( قمر الدين ) ونحو ذلك .
أما المائدة الرمضانية السودانية فتتم على بسط من سعف النخيل مستطيلة الشكل، يصطف الناس حولها صفين متواجهين. ويبدأ الإفطار بتناول التمر ثم ( البليلة ) وهي عبارة عن الحِمّص المخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، ومضاف إليها التمر. وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور
عادة الإفطار الجماعي
ويحافظ السودانيين على عادة الإفطار الجماعي خارج المنازل، حيث يخرج عدد من الأشخاص كل يحمل مائدته إلى مساحة خالية وسط الحي أو إلى الطرق أو المساجد بغرض دعوة عابري السبيل والمساكين والفقراء.
وفى المناطق الطرفية للعاصمة السودانية الخرطوم، وعلى طول الطرق التى تربطها باقاليم السودان المختلفة تنتشر تجمعات الافطار الرمضانى التى تضم في العادة الرجال والصبية من أهل البيوت المتجاورة على جانبي الشارع.
وقبل مغيب الشمس، يقوم الشباب بتجهيز المكان المعد للافطار وذلك بان يفرشونه بما تيسر من مفروشات وفق المستوى المالي لأهل الحي، وقبيل أذان المغرب يجلس الرجال فوق هذه المفارش، بينما ينهمك الشبان في إحضار الصواني التي تحمل طعام الإفطار.
ويشكل تناول الإفطار عادة اجتماعية أصيلة فيها الكثير من قيم التعاون، حيث يحضر كل شخص طعاما من منزله، وتختلط الأواني جميعا بحيث لا يمكن أن تعرف من جلب هذا أو ذاك، ويأكل الفقير والغني من الطعام ذاته، ويكون هذا الطعام متاحا للفقراء ويشاركهم الذين لا يدركون طعام الإفطار أو ينقطع بهم السبيل مع موعد الإفطار.
وتعد موائد رمضان في السودان سانحة للتعارف بين الجيران، حيث تمتد جلسات الانس التى يسميها السودانيون “الونسة” إلى أذان العشاء، وربما يصلي من تبعد منازلهم عن المساجد في المكان ذاته.
طبخات تقليدية
يشتهر السودانيون بعدة طبخات يصنعونها بشهر رمضان ومنها ( العصيدة ) من الوجبات ، ويتكون من خليط عجين الذرة المطهي، ويؤكل مع طبيخ ( التقلية ) ذات اللون الأحمر، ومكوناته تتألف من ( البامية ) الجافة المطحونة وتسمى ( الويكة ) مع اللحمة المفرومة. وبعد تناول طعام الإفطار، يحتسي الصائمون شراب الشاي والقهوة .
ومن عادات السودانيين في هذا الشهر ولا سيما في القرى، خروج كل واحد من بيته قبل الأذان حاملاً إفطاره وبكمية تزيد على حاجته، ثم يجلس إما في المسجد، وإما في الشارع ناظرًا ومنتظرًا أي شخص غريب ليفطر معه .
تهادي بين الجيران
مايميز المسلمون في كثير من الدول هي عادة التهادي في الطعام قبيل الافطار وهذا نجده عند اهل السودان ، ويقبل الأغنياء من الفقراء هداياهم وأطعمتهم، لئلا يشعروهم بالحرج في قبول ما يرسلونه لهم هم بعد ذلك .
في الخميس الأخير من رمضان يعد السودانيون طعامًا خاصًا يعرف بـ ( الرحمات ) يتصدقون به على الفقراء والمساكين، وهم يعتقدون في هذا أن أرواح الموتى تأتي في هذا اليوم لتسلم على أهلها .
صلاة التراويح في المساجد وفي الزوايا
أما صلاة التراويح فإن الناس في السودان يهتمون بها جدًا، كما هو الحال عند باقي المسلمين؛ وتُقام هناك صلاة التراويح في المساجد أو في الخلاوي والزوايا التي تجمع بعض أهل الحي فيصلون التراويح، ويسمعون المواعظ التي تتخلل صلاة التراويح. ويصلي أهل السودان صلاة التراويح عادة ثماني ركعات. وتشهد صلاة التراويح إقبالاً ملحوظًا، وحضورًا مشهودًا؛ حيث تزدحم المساجد بالمصلين من الرجال والنساء والشباب والأطفال في مشهد يُسر الناظرين. ولا تلتزم أغلب المساجد هناك بختم القرآن في هذه الصلاة، لكن بعضها يحرص على ذلك. وفي بعض المساجد يحرصون على قراءة بعض الأذكار عقب كل ركعتين من صلاة التراويح، كقولهم: ( اللهم إنك عفو كريم، تحب العفو، فاعفُ عنا ) .
وتنتشر في بلاد السودان – كما في العديد من بلاد الإسلام – عادة السهر إلى وقت متأخر من الليل، حيث يمضي الكثير أوقاتهم خلف شاشات التلفزة. وتُلْحظ أيضًا عادة النوم حتى وقت الظهيرة، وعند البعض قد يستمر النوم إلى الساعة الثانية بعد الظهر.
.أما الأسر السودانية فإنها تتبادل الزيارات العائلية، كما ويُعد شهر رمضان شهر المتعة للأطفال، الذين يمارسون هواياتهم، وخاصة وقت الإفطار الجماعي، فضلاً عن السماح لهم بالسهر إلى وقت متأخر من الليل، الأمر الذي لا يجوز لهم في غير رمضان .
في الأيام الأخيرة من شهر الخير، تشهد المنازل السودانية نشاطًا ملحوظًا، وتحركًا ملموسًا؛ إذ تبدأ الاستعدادات الخاصة لتحضير حلوى العيد، وتنشغل النساء في عمل ( الكعك ) و( البسكويت ) وغير ذلك من أنواع الحلوى المعروفة عند أهل السودان. وعادة ما يتم تحضير ذلك بشكل جماعي وتعاوني بين النساء؛ فكل يوم مثلاً يقوم فريق من النسوة مجتمعات بصنع ما تحتاجه الواحدة منهن في بيتها، وفي اليوم التالي يشترك الجميع أيضًا بتحضير الحلوى لأخرى وهكذا .
وليلة القدر ينتظرها جميع المسلمين في السودان، ويُحتفل بها رسميًا وشعبيًا في السابع والعشرين من رمضان، ويُستقدم لأجلها كبار المقرئين، وتمتلئ المساجد بالعباد والمتقربين إلى الله .
وأهل الإسلام في السودان شديدو الحرص على إخراج زكاة الفطر، وتوزيعها على الفقراء والمساكين المنتشرين على طول البلاد وعرضها، وهم في العادة يتولون بأنفسهم أمر ذلك .
وكغيرهم من الصائمين يودع أهل السودان رمضان فحزن وكل يسأل نفسه ويناجي ربه أن يعيد رمضان عليه بالخير والسلامة ويدعو الله أن يكون تقبل طاعاته وقبله واعتقه من النار اللهم اعتقنا من النار وادخلنا الجنة برحمتك يا رحيم ويا غفار