عبدالحميدشومان
اهنئ امتي الاسلامية والعربية بحلول شهر رمضان الفضيل رافعا اكف الضراعة الي الله سائلا متوسلا أن يوفقنا لخير الاعمال وأن يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال.
جذب انتباهي خلال الأيام الماضية التي سبقت هذا الشهر الفضيل وحتي اليوم ذلك الزحام ومعارك التدافع والتسابق بالمحال والأسواق التجارية وهو مشهد يتكرر كل عام لشراء احتياجات رمضان وما يرافقه من إسراف وتبذير وبأسعار تفوق إمكانيات المستهلك في بعض الحالات.
كما درجت العادة مع حلول هذا الشهر الفضيل، نلحظ حالة استنفار أسرية كبيرة، وسباقا حميما يشهده سوق المواد الغذائية، وتهافتا غير مبرر على السلع والبضائع بطريقة باذخة، فحجم الاستهلاك يرتفع خلال رمضان بشكل مذهل عن بقية شهور العام وهو ما يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد الاسري وضغطا نفسيا على عاتقها واعتقال رب الاسرة ويثقل كاهل المواطن العادي الذي يضطر في كثير من الحالات أن يستدين أو يقترض ليتمكن من توفير احتياجات رمضان التي يريدها؛ إرضاء لثقافة الاستهلاك التي باتت تسيطر على سلوكنا في رمضان، وسباق الناس وراء الكماليات والمظاهر.
عادات وسلوكيات سلبية تمتزج بروحانية هذا الشهر الفضيل وترتبط به اقتحاما كل عام فحمى الشراء مرتفعة وفاتورة الفوضى الشرائية تبلغ أعلى مستوياتها، والأسعار ترتفع لاقترانها بالثقافة الاستهلاكية الخاطئة التي تشجع على كميات زائدة عن الحاجة غير المبرر لها من السلع، وبطبيعة الحال شغف ونهم الناس على الشراء يجعل بعض التجار يقومون ببيع مواد وسلع كاسدة أو قد تكون صلاحيتها على وشك الانتهاء، وتغري البعض على رفع أسعار بعض السلع لتحقيق أرباح طائلة في موسم يفترض أن يكون موسما للطاعة والجوع خصوصا أننا نمسك فيه عن الأكل لأكثر من نصف يوم، فيتحول بفعل ثقافة خاطئة إلى موسم للشراء وتكديس المواد الغذائية!! إذ تؤكد الأرقام الاقتصادية ارتفاع نسبة الاستهلاك خلال شهر رمضان لمعدلات تصل إلى 150% زيادة عن معدلات الاستهلاك خلال الشهور العادية!! وبحسب التقدير يصل متوسط حجم إنفاق الأسرة في رمضان إلى 5000 جنيه بالاعتبار أن هذا المبلغ للأكل والشرب فقط بعيدا عن ملابس العيد والعيديات وخلافه.
سيداتي سيدات كل بيت عزيزتي حواء انتي وزير الاقتصاد وانت ياعم آدم متبقاش سواعدها اوي كده وتتسلف عشان تضحك عليك حواء بكلمتين وتقول ياراجل ربنا يخليك لنا تعيش ونجيب وانت خارب الدنيا سلف.
ينبغي أن يكون تسوقنا حسب الحاجة والضروريات وعدم المبالغة، وأن يكون لدى المستهلك الثقافة والوعي الكافي في شراء ما يستحق من السلع وبشكل معقول، ولن يتم ذلك إلا بتنظيم الحياة المعيشية وفق القدرة المالية، والفهم الصحيح للمعنى الحقيقي للاستهلاك وتغيير النمط السائد لدى الأفراد وأن يعتمد الناس على ثقافة عدم التبذير والإسراف، والاعتدال في التعامل مع جميع السلع والمنتجات الرمضانية، وأن نكون واعين لمتطلباتنا الفعلية في هذا الشهر الفضيل دون الإسراف في الصرف على كماليات تحول مطابخنا وبيوتنا إلى مستودعات للمواد الغذائية الاستهلاكية، حين يقوم البعض بشراء أضعاف ما يحتاجه في هذا الشهر الكريم، منها ما ينتهي تاريخ صلاحيتها دون استخدامها فنضطر لرميها، والبعض منها يتعرض للتلف بسبب عشوائية الحفظ والتخزين، والبعض الآخر ينتهي رمضان ولم نستفد منها.
بلا شك أن رمضان مدرسة للزهد والاقتصاد المعيشي، وهو بطبيعته موسم للعبادة والتقرب إلى الله وليس للتبذير والصرف المبالغ فيه، أو للتفاخر والاستعراض والتباهي بالموائد المليئة بأصناف الطعام التي أصبحت صورها تملأ صفحات التويتر والانستغرام وأجزم أن جزءا كبيرا منها يذهب كمخلفات في صناديق النفايات وما يرافق ذلك من مخاطر صحية ومشاكل بيئية. إنه تناقض عجيب.
لست ضد الاحتفال برمضان والعيش بروحانيته والاستمتاع بأجوائه، لكني ضد الهدر المالي والاقتصادي والسلوكيات الاستهلاكية السيئة التي تستنزف منا أموالنا تحت وطأة ثقافة خاطئة ينتج عنها حالات شراء مستعرة. وهنا يتوجب على وسائل الإعلام وجهاز حماية المستهلك القيام بتوعية المواطنين بالترشيد ونشر الوعي الشرائي من خلال برامج تربوية وحملات إعلامية جادة وفعالة، تركز على المعاني السامية الكثيرة لشهر رمضان، وتقضي على التصرفات والسلوكيات غير العقلانية المبالغ فيها في الشراء والإنفاق من قبل كثير من الأفراد، بحيث يركزون على الأولويات ويقللون فيه من حجم استهلاكهم والتي يفترض أن توعي المواطنين على ترشيد فاتورة الشراء والتحويل إلى المدخرات. وتقبل الله صالح أعمالكم ودمتم سالمين.