دمياط : عمادعرنسه
وول ستريت جورنال: بعد خفض الجنيه.. لا عزاء للمرضى
“خفض الجنيه يخلق أزمة دواء في مصر” .. هكذا عنونت صحيفة ” وول ستريت” الأمريكية تقريرا سلطت فيه الضوء على المعاناة الشديدة التي يلقاها المرضى في مصر المحاصرين بين مطرقة السياسات الاقتصادية لصارمة للحكومة وشركات الأدوية الساعية خلف الربح.
وذكرت الصحيفة في تقريرها المنشور على موقعها الإليكتروني أن الخفض الحاد للعملة المحلية المصرية قد تسبب في نقص غير مسبوق في الأدوية المستوردة، ما جعل الكثير من الأدوية غير متيسرة للأشخاص المصابين بأمراض خطيرة، وهو ما زاد من ألام الفقراء والطبقة المتوسطة في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا.
ونسب التقرير لمسئول في وزارة الصحة المصرية رفض الكشف عن هويته، قوله إن ثمة 48 نوعا من الدواء- من بينها أدوية السرطان- لم تعد متاحة في مصر، مضيفا أن زهاء 200 نوعا أخر من الدواء قد نفدت بالفعل، لكن ثمة بدائل أخرى لها في السوق.
وتواجه مصر نقصا حادا في الأدوية، لكن الأدوية الفردية لم تختفي بالكلية من السوق. وفي الماضي تدخلت الحكومة لتخصيص الدولارات لشركات الأدوية كي تتمكن من مستلزماتها الدوائية. لكن خفض الجنيه المصري الذي أقدمت عليه السلطات الشهر الماضي، في إطار التدابير الرامية لإنقاذ الاقتصاد المأزوم، قد ضاعف تكلفة شراء العملة الصعبة.
وتتخوف شركات توزيع الأدوية من استيراد الدواء من الخارج بعد توجيهات الحكومة بخفض أسعار الأدوية، من خسارة أموالها عند طرحها للبيع في الأسواق.
المشكلة وضعت ضغوطا مكثفة على المستشفيات والصيدليات وكذا الأسر. وتحدث محمد لطفي، مواطن مصر لـ “وول ستريت جورنال” بقوله إن والدته توفيت الشهر الماضي في القاهرة جراء تسمم في الدم ناتج عن تأخر في العثور على مضادات حيوية لعلاج عدوى أصيب بها في الصدر.
وأضاف لطفي، 42 عاما:” جسدها أصبح نحيلا من إصابتها بالسرطان.” وتابع:” استغرق الأمر منا أربعة أيام للعثور على ثلاث حقن مختلفة. كنت على استعداد لدفع أي مبلغ من المال. وعندما عثرت على الحقن، كان الوقت متأخرا جدا.”
وقالت سيدة طاعنة في السن، 65 عاما، رفضت الكشف عن هويتها إن دواء السكري الذي كانت تشتريه في السابق بـ 8 جنيهات، لم يعد متواجدا في أي مكان، مردفة:” البدائل الوحيدة المتاحة الآن يتجاوز سعرها 30 جنيها.”
وأتمت:” استطيع تدبير تلك التكاليف مرة واحدة، ولكن ليس بشكل دائم.”
من جانبهم دشن رواد موقع التدوينات المصغر “تويتر” هاشتاج بعنوان “انقذوا مرضى السرطان”، ليطالبوا من خلاله بضرورة تتدخل الحكومة لحل الأزمة.
وطالب نشطاء مصريون حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي، برفع الحظر عن استيراد الأدوية، وذلك عبر هاشتاج بعد تفاقم أزمة الأدوية التي تضرب مصر حاليا، خاصة بعد تعويم الجنيه ودخول مصر في العديد من الأزمات مثل السكر والدولار.
مشكلة نقص الدواء أضافت إلى التوترات التي تشهدها مصر التي يعاني فيها المواطن من المصاعب اليومية التي ساهمت في إشعال فتيل ثورة الـ 25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتعاني مصر منذ أشهر من نقص في الأدوية المستوردة، لكن الأزمة تفاقمت بشكل مؤلم مع قرار البنك المركزي مطلع شهر نوفمبر المنصرم تحرير سعر صرف الجنيه المصري، ما أدى إلى انخفاض قيمته فعليا أكثر من 50% مقابل الدولار.
وأدى هذا النقص إلى ارتفاع كبير في الأسعار في بلد يعيش ثلث سكانه البالغ عددهم 92 مليونا تحت خط الفقر، كما أوجد سوقا سوداء لكل السلع الناقصة مما ينذر بكارثة كبرى في مصر.
وتعاني مصر منذ أشهر من نقص في السكر والزيت وحليب الأطفال برزت في أزمات متتالية خصوصا مع حرمان الاقتصاد من الدولار الضروري للاستيراد، وإثر انهيار قطاع السياحة وتراجع عائدات الاستثمار الأجنبي.