كتبت/مرثا عزيز
رأى علماء وباحثون دينيون، إن حل أزمة «تجديد الخطاب الدينى» فى مصر، فى عدم الاقتصار على مؤسستى الأزهر والأوقاف بشأن ذلك الملف، وإعادة هيكلتهما بالشكل الذى يحقق وضع حلول خارج الصندوق، وينقيهما من المتطرفين.
وقال الشيخ أحمد ترك، الداعية الإسلامى، ومدير عام بحوث الدعوة فى وزارة الأوقاف: «ينبغى أن تعمل المؤسسة الدينية كمؤسسة حقيقية، وليست مكانًا للمجاملات والمحسوبيات كما يحدث الآن، وعدم اقتصار التجديد على المشايخ فحسب، بل الاستعانة بخبراء علم الاجتماع والطب النفسى، وذلك لتحديد الخارطة الذهنية للشباب قبل أن نبدأ نحن كدعاة فى مخاطبتهم»، كما دعا إلى ضرورة تعاون كل الخطابات السياسية والثقافية والاجتماعية مع الخطاب الدينى، بحيث يجتمع الجميع نحو هدف واحد هو مواجهة التطرف بطريقة علمية سليمة.
وأشار إلى أنهم نظموا فى ٢٠١٣ مبادرة تحمل اسم «بالعقل كده»، فى إطار تجديد الخطاب الديني، وتقابلوا فيها مع مئات الآلاف من الشباب، وذلك لمواجهة الأفكار المتطرفة، وتحصين هؤلاء الشباب منها، لافتًا إلى أن ذلك تم بمشاركة مجموعة من أساتذة علم النفس والاجتماع، مضيفًا: «ساعد ذلك فى تنويرنا نحن المشايخ بجوانب نفسية واجتماعية فى الشباب كنا غافلين عنها».
ونوه إلى أنهم قاموا أيضًا بتجربة أخرى تتمثل فى جمع أسئلة فى الدين من ١٠ آلاف شاب كى يجيبون هم عنها، مضيفًا: «بالفعل جمعنا أسئلة معقدة جدا من الشباب جعلتنى أغير من خطابى الموجه لهم، فى ظل وجود احتياجات عقلية مختلفة لهؤلاء الشباب».
ودعا إلى ضرورة إعادة هيكلة المؤسسة الدينية، فى ظل وجود محسوبية فى اختيار قياداتها، وهو ما تحدث عنه الرئيس، مؤكدا وجود عدد كبير من القيادات لا يصلحون للمنصب الموضوعين فيه، وأشبه بالموظفين، كونهم غير مختارين على أسس علمية، لدرجة أن بعضهم يحملون الفكر المتطرف بالدرجة التى جعلتهم يحرضون ضد الجيش والشرطة عقب ثورة ٣٠ يونيو، إلا أنهم تراجعوا عن أفكارهم بعد استقرار الحكم.
فيما أكد بهجت العبيدى البيه، رئيس المركز الإسلامى فى النمسا، أن دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى فرضها ظرف تاريخى وفهم عقيم لبعض المشتغلين فى المجال الدينى الذين يحافظون على هذه الحال، لأن هناك استفادة لهم، متجاهلين الظرف التاريخى الذى تمر به الأمة الإسلامية والعربية، بالإضافة لما وصل إليه العالم من رقى فكرى لا يناسبه ذلك الفهم.
وأضاف «العبيدي»: «فشل الأزهر والأوقاف فى تلبية دعوة الرئيس والعصر لتجديد الخطاب الديني، وذلك لأن التجديد يحتاج إلى عقلية متحررة، تستطيع أن تنظر للقضايا الفقهية فى سياقاتها التاريخية، لتستخلص المراد، ولا تقف جامدة عند النص، والواضح أن التيار المسيطر فى المؤسسة الأزهرية العريقة هو تيار أيضا عريق، يرفض الخروج من تلك الشرنقة التى وضع نفسه فيها، وبالتالي: كيف لمن هو سلفى مغرق فى السلفية يقوم بهدم التابوت الذى صنعه هو؟».
وتابع: «لا يمكن الاعتماد على الأزهر وحده فى مشروع تجديد الخطاب الديني، ولا بد إن أردنا فعلا خطابا دينيا يناسب العصر، ولا ينفلت من الدين الحق، أن يشارك فى صياغة هذا الخطاب الجديد إلى جانب رجال الدين المستنيرين، المفكرون والمثقفون وأصحاب الرأى، وكذلك علماء الاجتماع، الذين يستطيعون أكثر من غيرهم فهم الظواهر الاجتماعية وتحليلها تحليلا عميقا».