إنتفضواااااااااااااااااااااااا وكفاكم يا عرب

[ad id=”1177″]

رامي العشري -روما

لا تحدثوني عن شجاعتكم وجبنكم، ولا عن قوتكم وضعفكم ولا عن غناكم وفقركم ولا عن أمانتكم وخيانتكم فالقدس تخبرني بكل شيء. لا تحكي للعالم عن أمجادك في الماضي، ولا عن وعودك للمستقبل، فالعالم ليس بحاجة إلى حكاياتك المنافقه المكذوبه لأن القدس تحكي حكاية العرب بدون خداع ولا أكاذيب ولا حيل حال القدس هو المؤشر الصادق لحال العرب، فلا ترهقوا أنفسكم بالأكاذيب والوعود الزائفه
(1)
قبل سنوات سألت هاجيا وعاتبا ومحفزا وحزينا: كم فلسطين لديكم الآن.. أيها العرب؟ ولم يتحفز العرب، فاستمر الهجاء والعتاب والحزن، واستمر السؤال الموجع: ماذا جرى للمقاومة؟.. ماذا جرى لفلسطين؟.. ماذا جرى للقضية التي كانت تسمى فلسطين، فصارت تسمى الآن.. “فلسطين”؟! مع ملاحظة أن الأهلة ليست من عندي، لكنها تحفظ واقعي، سقط من حواف “إسرائيل”، وصار بمثابة “جدار عازل” يحاصر أندلس عربية جديدة.
(2)
ماذا جرى لفلسطين؟.. ذلك الجرح الذي تحول إلى “ثقب” مألوف في كرامة العرب، يتكفل الحكام بمصاريف صيانته وتعميقه وتوسيعه؟!

[ad id=”1177″]

لا أسأل عن “الدولة” التي تحولت إلى خيمة وهمية، ولا أسأل عن “الأرض” التي أكلتها المغتصبات الصهيونية، ولا أسأل عن “القضية” التي تحولت إلى “عاهة تفاوض” للتسول والمذلة، ولا أسأل حتى عن الإنسان الفلسطيني التائه مثل إخوته من المنامة إلى نواكشوط.. أسأل فقط عن صورة القدس في مخيلة العرب والمسلمين، أسأل عن الشعارات و”البوسترات” وتصريحات الحكام وشيوخ الدين، وصيحات الأجيال العربية التي نادت بتحرير القدس مخالب الذئب.. أسأل عن “عروس عروبتنا”، عن وهج الفدائي، عن رنين الفخر في كلمة المقاومة، أسأل عن البندقية.. عن “رجال تحت الشمس” يبتعدون عن قضية لم (ولن) تبتعد عن أهلها، عن قضية تقول أبيات “شاعر قديم” إنها بمثابة الروح للجسد، عن وطنٍ تحكي الأمهات “حدوتته” في الشمس، أمام خيمة تمتد بين الأرض والسماء، أسأل عن وشم في القلب لن تمحوه أحماض التفاوض الحارقة، ولن تغويه أوهام دولة كسيحة، أسأل عن المسافة الهائلة بين فلسطين الشعراء، وفلسطين الفصائل والتوكيلات وسماسرة القضية، أسأل عن فلسطين التي في القلب، والتي في البال، والتي صارت الآن في السؤال.
(3)

[ad id=”1177″]
عندما وضع ترامب السكين على رقبة القدس؛ استشعر العالم أن بعض النار لا تزال مشتعلة تحت رماد العرب، وأن المساس بالقدس قد يشعل الكثير من الحرائق. فمن التعقل الخبيث إذن؛ أن يتريث السفاحون حتى يتم إخماد كل نار، وكل مقاومة، وكل أمل، ليتحول العرب جميعا إلى رماد، حتى لو تسمى بأسماء غير اسم الرماد، كأن يقول الفلسطيني مثلا: سَجِّل أنا عربي، أنا يوسف يا أبي، إخوتي لا يحبونني، لا يريدونني بينهم يا أبي، ثم يضيف حانقا: وأنا أيضا لا أحبهم ولا أريدهم، أريد مزيدا من النفط والدعم وأحصنة السلطة الجامحة، أريد حبال الدول المانحة لتنقذني من بئر الخيانة الفاضحة!.. أنا جوزيف، فلا تنساني يا أبي الساكن في المكتب البيضاوي.. الترانسفير ليس سيئا، فالمفاتيح لم تفض بنا إلى بيوتنا، الترانسفير بنى لنا في كل دولة مخيما، صار لنا 61 فلسطينا، وعشرات الأعلام والفصائل والتنظيمات والأناشيد والرؤى، طردنا الغزاة من غزة إلى رام الله، ومن رام الله إلى المنافي البعيدة، ونطارد الخونة والجواسيس في الديار، نعتقل ونعدم بعضنا البعض رميا بالرصاص وتهم العمالة.
(4)
لدينا جامعة للعرب، ومنظمة للتعاون الإسلامي، وأكثر من 20 جيشا، ومئات الأغاني عن القدس، وآلاف الشعارات والملصقات، وملايين المنهزمين الذين يردون بقناعة مستلبة: لكم فلسطينكم ولي فلسطين.. صار لكل شعب عربي فلسطينه، وصار لكل مواطن عربي جرحه، وقضيته، ورشق رايته في عين أخيه وعليها شعار العرب الجديد: أنا ومن بعدي الطوفان!

فلسطين تمزقت في فلسطين، وخسرت التعاطف في مصر، وتحولت إلى صندوق زكاة يساعد الخليج على تلميع صورته في العلن، وطعن القدس في الخفاء، صارت الأنظمة العربية التابعة الخانعة “تستخدم” القضية أكثر مما “تخدم” القضية.
(5)
القدس ليست قضية عاطفية ترتبط بصورة قبة الصخرة، ولا ميراثا دينيا يرتبط بقداسة المسجد الأقصى، ولا بنستولوجيا الحنين لأناشيد المقاومة و”طنطنات” البيانات السياسية الساخنة بنار الفرن كالبطاطا، القدس هي قلب فلسطين، والقضية برمتها صارت علامة فساد سياسي شامل في كل بقعة عربية، مؤشر اختلال شامل وهزيمة عميقة، لقد صارت فلسطين (مؤقتا) مجرد مخيم لجوء كبير يهتم بقضايا الإعاشة اليومية أكثر مما يهتم بالحق والتاريخ، لقد صارت فلسطين تمثالا لخيبتنا بعد أن كانت قضية جوهرية نقيس على أساسها شرف العرب ومكانتهم، فلسطين أمس والآن ضحية “خبل عربي عام”، أدت إليه ظروف موضوعية ومتغيرات دولية يجب أن نفكر فيها وندركها، لنيسر لأنفسنا وسيلة أسرع للخلاص من هذه “النكبة المقيمة”.
(6)

[ad id=”1177″]
أعرف أن فلسطين لن تموت، وأنها القضية ستظل عالقة في رقبة الأجيال كجرس لا يكف عن الرنين، لذلك لن يصبح الفلسطيني هنديا أحمرا أبدا، ثمة أمل مغروس في ذاكرة الفلسطيني، و”جينات تاريخية” تستعصي على المحو، ولا تتأثر (إلا مؤقتا) بذلك الهوان العربي المخجل، وكل ما أتعلق به في لحظات الهوان هو ذلك اليقين الغامض بأن فلسطين أبقى من حكامها ومن حكام العرب.. فلسطين أقوى من التخاذل الرسمي، فلسطين أقوى من ضعفنا، أكبر من هزائمنا، أبقى من حكامنا ومن تجارنا.

فيا أيها الأحرار الشرفاء الكرماء: لا تيأسوا، انتفضوا.. انتفضوا..

انتفضوا

[ad id=”1177″]

Related posts

Leave a Comment