كتب ….عبده البربرى
بقلم الداعية ..محمود فايق ذكى
عبر فضيلته بان الإرهاب لا دين له ولا وطن له. ما هو الإرهاب: إنه الجريمة المنظمة التي يتواطأ فيها مجموعة من الخارجين على نظام الدولة والمجتمع وينتج عنها سفك الدماء وتدمير المنشآت والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة, إن الدين الإسلامي الحنيف حارب الفساد والإرهاب منذ اليوم الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم, فالإسلام ذاته ثورة ضد الفساد, بدءا من فساد العقيدة؛ فقد جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, وجاء ليقضى على الأخلاق الذميمة والعصبيات الجاهلية, وينشر بدلا منها, الأخلاق القويمة الحميدة,
* ويدعو إلى الخير وينهى عن الشرّ والإفساد؛ جاء ليقضى على كل مظاهر الفساد الاقتصادية والاجتماعية ويؤصل بدلا منها كل ما هو حسن وكل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويجعلها رائدة العالم كله, ولذلك جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم وهذا هو الهدف من بعثة الأنبياء فهاهو شعيب عليه السلام يقول لقومه: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} وأوصى موسى عليه السلام أخاه هارون فقال: { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ }، فالله عز وجل نهى عن الإفساد فقال سبحانه: { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا }؛ بل جعل الله الإفساد صفة من صفات المنافقين فقال:{وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ} يقول ابن جرير الطّبريّ في تفسيره لهذه الآية:” اختلف أهل التّأويل في معنى الإفساد الّذي أضافه الله -عزّ وجلّ- إلي هذا المنافق: فقال: تأويله ما قلنا فيه من قطعه الطّريق، وإخافته السّبيل كما حدث من الأخنس بن شريق. وقال بعضهم: بل معنى ذلك قطع الرّحم وسفك دماء المسلمين, وقد يدخل في الإفساد جميع المعاصي، وذلك أنّ العمل بالمعاصي إفساد في الأرض، فلم يخصّص الله وصفه ببعض معاني الإفساد دون بعض.
*فالإرهاب لا يرتبِط بدينٍ ولا وطن ولا أمّة، بل هو بضاعةُ إبليس يزرَعها في فكرِ من ضلَّ سعيُه وخاب عمَلُه، وقد عمَّ العالمَ ضرَرُ الإرهاب وتطايَر شررُه. ولخطورتِه تعالَت الصّيحات إلى ضرورةِ التصدّي له وتحديد مفهومِه وبيانِ أشكاله وصوَرِه، وينبغي أن ندركَ أنّ الإسلامَ أرفَعُ وأشرَفُ وأسمى من كلِّ هذه السّلوكيّات الخاطِئَة والمعتَقَدات الضالّة، بل الإسلام حجّةٌ على المسلِمين في أحكامِه وتشريعاتِه، فمن عَرَفه عرَف الحَقَّ؛ لأنَّ من يعرِف الحقَّ يعرف رجالَه. فالإسلام دينُ الرحمة، ورحمته صلواتُ الله وسلامُه عليه امتدَّت لتشمَلَ الحيوانَ والنبات، بل كلّ شؤون الحياة، ألم يشِر صلوات الله وسلامُه عليه إلى أنّ رجلاً دخل الجنّةَ في كلبٍ سقاه, وامرأةً دخلت النارَ في هِرّة حبَستها؛ لا هي أطعَمتَها ولا هي ترَكتها تأكل من خشاش الأرض! ألم يدعُ صلوات الله وسلامه عليه إلى عِمارة الكون وإحياء المواتِ مِنَ الأرض: «من أحيَا أرضًا ميّتة فهي له». هذا هو نهجُ الإسلام، دين التعميرِ والبِناء، لا التدمير والإفساد.
*حاربَ الإسلام الإرهابَ بتحريمه بكلِّ وسيلةٍ غير مشروعة يُتَوصَّل بها إلى هدفٍ مشروع، فالغاية في الإسلامِ لا تسوِّغ الوسيلةَ، فلا بدّ من مشروعيّة الغاية وما يُتَوَصّل به إليها، كلُّ ذلك ليحقَّقَ الاستقرار ويعُمَّ الأمن والأمان في المجتمعات الإسلاميّة. دينُنا دين العدل والإحسان، أمر المسلمين أن يعدِلوا مع إخوانهم وغيرِ إخوانهم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}، وقال أيضا:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} أي: شهداءَ بالعدل؛ تقولون العدلَ وتعملون به، تطبِّقونه على أنفسكم وعلى غيركم، وقال سبحانه: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. أي: لا تحملكُم عداوتُكم لبعض الناس أن تجوروا، ولم ينه الله المسلمين عن الإحسانِ لغيرهم وبِرِّهم إذا لم يقاتِلوهم ويخرجوهم من ديارهم، قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}. دينُنا أمر بطاعة وليّ الأمر قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئًا يكرهُه فليصبِر عليه؛ فإنّه من فارق الجماعةَ شبرًا فمات إلا ماتَ ميتةً جاهلية». دينُنا أمر بالابتعاد عن كلِّ ما يثير الفِتَن،
*وحذَّر من مخاطِر ذلك، فقال سبحانه: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}. دينُنا وجَّه الفردَ والجماعَةَ إلى الاعتدالِ واجتِثاث نوازِعِ الجُنوح والتطرّف وما يؤدِّي إليهما من غلوٍّ في الدّين؛ لأنَّ في ذلك مهلكةً أكيدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إيّاكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلَكم الغلوّ في الدين». دينُنا عالج نوازِعَ الشرِّ المؤدّية إلى التخويف والإرهاب والترويعِ والقتل، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يحلّ لمسلمٍ أن يروِّع مسلِمًا»، وقال: «من أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهيَ, وإن كان أخاه لأبيه وأمه» هذه هي بعض مبادئ الإسلام الحنيف دين الرحمة ودين السلام وصدق الله العظيم إذ يقول لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} صدق الله العظيم, وأسأل الله تعالى أن يجعل بلدنا مصر أمنا أمانا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.