بقلم الداعيه الاسلامي الشيخ وائل ابو جلال
( يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلقٍ نُعيده… )
– الكون المتفرّده –
في بدايات القرن العشرين حصلت ثوره فريده من نوعها في عالم الفيزياء ؛ واللى كان مبني حتى هذا الوقت على فيزياء نيوتن وقوانينه ؛ لحد ما خرجلنا آينشتاين بالنظريه النسبيه ؛ واللى غيّرت كل المجريات الفيزيائيه واللى أثبتت إن كتيير من قوانين نيوتن غلط ؛ أو بالمعنى الأدق لا تصلح لأن تكون قوانين فيزيائيه على الفيزياء الكونيه .. الخارجيه لحدود الأرض
من أهم الحاجات اللى أينشتاين تحدث عليها هو فكرة إن الكون كله مكوّن من زمان ومكان ؛ وده المنطلق اللى انبعث منه مصطلح ( الزمكان ) واللى بيعبر عن النسيج الواحد المنسوج من الزمان والمكان دون انفصال أحدهم عن الآخر
من ضمن الحاجات اللى آينشتاين كان بيناقشها في النسبيه هو بداية ونهاية الكون ؛ النقطه الأوليه اللى الكون تكوّن فيها وازاي حصلت والكون دا كان عباره عن ايه وازاي أصبح في صورته الحاليه ؛ والأهم الكون رايح بينا على فين وهينتهي ازاي ؛ شكل نهايته هتبقى ايه
وبالفعل قدر آينشتاين ومن بعده الفيزياء يجاوبوا على بعض من الأسأله ديه ؛ ولكن كل الأبحاث العلميه والفيزيائيه وميكانيكا الكم وكل ده مقدرش يفسرلنا ويعطيلنا صور علميه نظريه عن اللحظات الأولى اللى الكون تكوّن فيها ؛ ولكنهم قدروا يشرحولنا الثواني الأولى من لحظات تكون الكون .. ولكن ما هو أقل من الثانيه .. اللحظات الأوليه خالص .. مقدروش يقلولنا كان شكلها ازاي حتى على الورق ؛ ولكن قدروا يستنتجوا شكلها كان ازاي استنتاج مبني على نتائج
فآينشتاين وتبعه من بعده على ذلك قالوا إن الكون كله كان عباره عن حاجه اسمها ( المتفرّده )
وخليني أقول إن المتفرده ديه عباره عن إن الكون دا كله كان عباره عن جسيم أقل بكثيييير جدا من الذره ؛ وكانت المتفرّده ديه رغم انعدام حجمها إلا إن كثافتها كانت عاليه جدااااا ؛ ليه كانت عاليه ؟ لأن آينشتاين قال في النسبيه ( وهو كلام صحيح ) إن الجسم كل ما حجم بيقل كل ما كثافته بتزيد رغم إن نفس الكتله ؛ يعني ايه ؟ يعني لو عندك مثلا كره من الحديد وزنها 10 كيلو وقطرها وليكن 20 سنتم ؛ الكره ديه لها كثافه ؛ آينشتاين بقى قال إن لو نفس الكره ووزنها 10 كيلو بس قطرها 10 سنتم ( يعني مضغوطه في بعضها أكثر ولكنها نفس الكتله .. نفس الوزن .. 10 كيلو ) فكثافتها هتكون أعلى من كثافة نفس الكره لما يكون قطرها أكبر ( لما يكون حجمها أكبر )
وده بالظبط اللى حصل للكون .. الكون كتلته اللى هي مجموع وزن كل ما فيه كان عالي جدا .. كواكب وأقمار وشموس ومجرات .. ولكن كل ده مضغوط في بعضه لحد ما وصل حجمه لحاجه اسمها المتفرد ؛ يعني كل ده مضغوط في حاجه حجمها أقل من الذره ؛ فتخيل بقى إن كل الكتله ديه محبوسه في بعضها البعض تبقى كثافتها عامله إزاي ! عاليه جدا طبعاً
؛ فاللي حصل بعد كده إن المتفرده ديه حصلها عمليه أشبه بالأنفجار ؛ بس المصطلح الأقرب مش إنفجار .. لأ .. حصلها عملية فك كبت .. حاجه كانت مضغوطه في بعضها وفجأه تم التفريج عنها .. فانطلقت لتكون كل الكون ده بما فيه ؛ ولا زال الكون حتى اللحظه ديه في حالة ( توسّع ) ؛ بيوسع .. لأن لا زال الكون بيحصله عملية تباعد ؛ يعني لسه حتى يومنا هذا بيحصله تباعد نتيجة آثر خروجه من عملية الاحتباس اللى كان محبوس فيها واللى اسمها ( المتفرده )
بس كان فيه سؤال بيطرح نفسه ؛ هل حالة المتفرده ديه كانت عباره عن ثقب أسود كبير ؟
ليه العلماء طرحوا السؤال ده ؟ لأن الثقب الأسود بكل بساطه شديده ما هو إلا مكان نسبة الكثافه فيه عاليه جدااااااااااا ؛ ونسبة الكثافه كل ما تكون أعلى .. كل ما الموضوع بيكون أشبه إن جاذبيه المكان دي أعلى .. هي مش جاذبيه بالظبط بس دا مثال تقريبي
يعني ايه الكلام ده ؟ علشان أوضحلك مثال أقرب للموضوع ده خليني أقولك الثقب الأسود ده بيتكون ازاي
الثقب الأسود ده يمولانا ما هو إلا نجم كان في يوم من الأيام نشط وزي الشمس بتاعتنا مثلا ؛ بس بمرور الوقت بدأ يفقد تفاعلاته وقدرته على انه يفضل نجم .. فبيبدأ يحصله عمليه إندثار في بعضه ؛ حجمه بيفضل يقل .. بيدخل في بعضه ؛ بس ليه لما بيبدأ النجم دا يموت بيحصله عملية إندثار داخل نفسه ؟ لأن اللي كان مخليه نجم مضيئ وكبير ونشط هو إن التفاعلات الذريه اللى بتكوّنه عباره عن ان الذرات بتحتك ببضعها فبتبدأ كل الذرات تعمل عملية احتكاك وده بيؤدي لإصدار حراره وضوء ( دا اللى هو نفس فكرة اللمبه بالظبط ) ؛ فلما يبدأ النجم ده يشيخ ويعجّز بتبدأ الذرات دي قوة احتكاكها تقل شئ فشئ ؛ فتبدأ الذرات بعد ما كانت بتهتز وتخبط في بعض ؛ بتبدأ تهدأ فيحصلها عملية إنكماش .. تلزق في بعض وتبدأ تدخل في بعض وتبدأ الذرتين يبقوا ذره وهكذا .. لحد ما النجم يفضل يصغر يصغر يصغر لحد ما يوصل لحاجه اسمها ايه ؟ المتفرده
بس خلي بالك من نقطه ؛ إن طول ما حجم النجم كان بينكمش ويصغر في نفسه ؛ مكنش بيفقد كتلته ( وزنه ) ؛ وزي ما قولنا من شويه .. كل ما الوزن يكون حجمه أقل .. دا بيزوّد كثافته .. وكل ما الكثافه بتكون أعلى المكان ده بيكون جاذبية لا نهائيه .. بتشد كل حاجه حواليها
وده بيكونلك في المنطقه اللى النجم اللى مات فيها حاجه إسمها منطقه عالية الكثافه .. وبتالي قوة جذب لا نهائيه وبالتالي حاجه اسمها ثقب أسود
ها .. عرفت بقى ليه ياسيدي العلماء سألوا هل حالة المتفرده اللى كان الكون عليها كانت عباره عن ثقب أسود ولا لأ ! لأن المتفرده اللي كان الكون عليها ما هي إلا نفس المتفرده اللى بتحصل للنجم لما بيموت وبيتكون بعدها ثقب أسود في المكان ده
وفي الحقيقه العلماء اختلفوا على إجابة السؤال ده ؛ فيه منهم قال اه المتفرده ديه كانت عباره عن ثقب أسود ؛ وفيه علماء قالوا لأ .. مكنتش ثقب أسود لسبب بسيط جدا ؛ لأن لو الكون كله كان في متفرده واحده وكوّنت ثقب أسود .. طب هو ايه أصلا المتبقى حوالين الثقب الأسود ده علشان يحصله عملية ( شفط ) ! ؛ وكمان مينفعش متفردة الكون تكون ثقب أسود ؛ لأن من شروط الثقب الأسود .. اللى بيديله صفة انه ثقب أسود هو وجود ظلام دااااامس حواليه لمسافة معيّنه ؛ ليه بيكون فيه ظلام ؟ لأن حتى سرعة الضوء اللى هي أسرع شئ تم اكتشافه حتى الآن واللى تقريبا 300 ألف كيلو متر في الثانيه الواحده ؛ الضوء نفسه مبيقدرش يهرب من جاذبية الثقب الأسود ده ؛ فإيه اللى بيحصل ؟ المنطقه اللى حوالين الثقب الأسود بتكون مظلمه تماما ؛ لأن مفيش ضوء في المكان ده .. الضوء مبيقدرش يتواجد .. بيتسحب .. ولما بيتسحب فمبيبقاش فيه ضوء
[ad id=”1177″]
فالسؤال هنا .. لو كان الكون كله في المتفرده كان عباره عن ثقب أسواد .. فإزاي هيكون فيه حوالين المسافه المظلمه ديه إذا كان الضوء أصلا ده من ضمن مكونات الكون اللى داخل المتفرده فبالتالي مفيش ضوء بره المتفرده .. وبالتالي مفيش أصلا مبرر إن هيبقى الثقب .. أسود .. لأن أساسا .. أسااسا مفيش ضوء ؛ الموضوع عامل بالظبط زي انك لو عايز تدلل على وجود مراكز تفكير للإنسان فمش لازم تعمله عملية وتفتح مخه وتدور ؛ لأ .. يكفي انك تدلل على وجود مركز التفكير عنده عن طريق انك تسأله أسأله .. وبمجرد ما يفكر ويرد عليه إذن هو عنده مركز للتفكير
كذلك الأمر .. انت علشان تسمي الثقب دا أسود فلازم يبقى فيه تم شفطه من خارج الثقب لداخل الثقب .. وده مكنش موجود الحقيقه ؛ لأن أصلا كل ما كان حول المتفرده ده كان عدم .. لا شئ
إذاً فالعلماء قالوا لأ المتفرده الكونيه مكنتش ثقب أسود
ليه النقطه ديه مهمه ؟ لأن لو كانت المتفرده الكونيه عباره عن ثقب أسود فده بكل بساطه شديده = عدم وجود خالق .. أي أن الكون له وعي وهو اللى عامل كل حاجه بنفسه
ازاي ؟ لأن ببساطه لو كان فيه حاجه خارج المتفرده الكونيه زمان فده معناه إن الكون اللى احنا فيه دا ما هو إلا حاجه صغيره جدا لما حصلها عملية تنفيس وخروج من الكبت والحبس اللى كانت فيه .. أزاحت الحاجه اللى كانت حواليها ديه .. وأخدت مكانها الحالي اللى هي المجرات وكل شئ ؛ وده في الفيزياء شئ غير صحيح .. مخالف لقوانين الفيزياء ومخالف أكثر وأكثر لميكانيكا الكم ؛ اللى مبتعترفش بوجود شيئين في نفس المكان في نفس الحيز .. بمعنى مينفعش تقول المكان ده فيه خشب .. ونفس المكان ده في نفس الزمان ده فيه حديد .. مينفعش ؛ وكان ده هيبقى معناه إن لو فيه خالق للكون فطبقاً لقوانين الفيزيا والميكانيكا وكمان الفلسفه والمنطق ؛ فالخالق ده إما ان الكون احتل مكان ؛ أو إن الخلق اللى كان الخالق خلقه حوالين متفرده الكون ؛ أصبح بعد انفجار المتفرده الكونيه موجود في نفس المكان الموجود فيه الكون بع ما خرج من المتفرده ؛ وده خطأ علمي وعقلي .. نقلاً وعقلاً .. إذاً فحتى لو فيه إله فهو إله غير عاقل .. ولو هو غير عاقل إذاً فهو قابل لنسبة الخطأ .. ومفيش إله بيغلط حسب المفهوم الديني
__
نقطه أخيره بقى العلماء سألوها .. ايه هي نهاية الكون .. ازاي هينتهى ؟
وهنا كانت الصدمه للجميع ؛ بس علشان يعرفوا نهاية الكون لازم يعرفوا هل أصلا الكون ليه نهايه ولا لأ .. وعلشان يجاوبوا على السؤال ده كان لازم يعرفوا الحاله التمدديه للكون سرعتها بتقل ولا بتتزايد ولا ثابته
لأن لو سرعة تمدد الكون بتتزايد فده معناه إن على الأقل حتى الآن فالكون ملهوش نهايه ؛ لأنه هيفضل يتمدد إلى ما لا نهايه .. وده معناه إن مفيش حاجه اسمها يوم قيامه ولا نهاية كون ؛ ولو الكون سرعته ثابته فالموضوع أكثر إثباتاً إن مفيش حاجه اسمها نهايه كونيه ؛ لأن السرعه اللى ماشي بيها أصبحت سرعه ثابته .. خلاص لن تزيد ولا تقل فهيفضل الكون مستمر بلا نهايه
[ad id=”1177″]
وتبقى الإحتمال الأخير .. وهي إن سرعة تمدد الكون بتقل .. وده اللى العلماء أثبتوه .. إن فعلا سرعة تمدد الكون بتقل .. سرعة تمدد الكون بتتباطئ
لما بحثوا عن السبب وجدوا إن اللى هيحصل للكون أو اللى بيحصل فعليا حاليا للكون هو نفس اللى بيحصل للنجم اللى اتكلمنا عليه شويه لما وصل لمرحلة الشيخوخه وبدأ يموت .. فاكرين ايه اللى حصله ساعتها ؟ بدأت ذراتها تبطأ في عملها فبالتالي حالة النجم النشاطيه بدأت تقل لحد ما وصل لمرحلة ان الذرات بدأت تنكمش وتدخل في بعضها .. فبدأت تصغر تصغر تصغر لحد ما أصبح النجم عباره عن متفرده ؛ بقت كتلة النجم كلها لا زالت موجوده ولكنها محبوسه في حجم اسمه المتفرده .. أقل من الذره بكتير
وده بالظبط اللى بيحصل للكون .. الكون كله ما هو إلا ذرات .. الذرات الكونيه دي بدأ يحصلها عملية إرهاق .. فبدأت جودة عملها تقل .. فبدأ يحصل نوع من أنواع تباطئ السرعه
وبالتالي اللى هيحصل بعد كده إن بعد فتره معينه تمدد الكون هيحصله عملية توقف .. بس الموضوع مش هينتهى هنا .. لأ اللي هيحصل إن هتبدأ الذرات تنكمش في بعضها .. فهيبدأ الكون في رحلة تراجع سريييعه جدا .. هيبدأ حجم الكون كله ينكمش ( زي النجم ) وهتبدأ كل حاجه فيه تصغر تصغر تصغر .. الكون نفسه هيبدأ يصغر لحاااااااد ما يوصل للحاله اللى بدأ منها .. ألا وهي حالة المتفرده الكونيه الأولى
يعني العلم أثبت إن الكون هيرجع زي مكان بالظبط .. بدأ من حالة متفرده كونيه وهيرجع لحالة متفرده كونيه
وهنا بكل بساطه ربنا لخص كل اللى اتقال ده في آيه واحده
– يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلقٍ نُعيده
– كما بدأنا أول خلقٍ .. نعيده –
يعني ربنا بيقولنا إن هيعيد الخلق كله زي ما بدأ بالظبط
اللي هي العلماء أثبتوها تحت مسمى المتفرده الأولى
[ad id=”1177″]