كتبت/مرثا عزيز
منذ 2010، احتلت إمارة قطر مكانا بارزا في الوثائق السرية التى تخصص موقع “ويكيليكس” في نشرها، وكشفت تلك الوثائق الوجه الذي تحرص الدوحة على إخفائه عن الرأي العام مثل ارتباط قناة “الجزيرة” الوثيق بالسياسة القطرية، رغم ادعاء القناة بأنها “مستقلة، وتقدم الرأي و الرأي الأخر”، وعلاقة القناة الممولة من الحكومة القطرية بالمخابرات الأمريكية، ومؤخرا ظهرت الدوحة في ماعرف بـ”وثائق بنما” الخاصة بغسيل الأموال، وكذلك معرفة واشنطن بتمويل قطر لتنظيم “داعش”.
منذ 6 سنوات، وقبل إندلاع “الربيع العربي”، الذي تتباهي “الجزيرة” بتقديمها تغطية متميزة لأحداثه، فجر”ويكيليكس” مفاجأة بنشره وثيقة مسربة تشير إلى أن قطر تستخدم القناة كوسيلة للمساومة في السياسة الخارجية خاصة جيرانها العرب، وهو ما وصفته صحيفة “جارديان” البريطانية بأنها “تتناقض ما تذهب إليه الجزيرة من أنها مستقلة من الناحية التحريرية”، ووفقا للوثيقة المسربة من السفارة الأمريكية في الدوحة قالت مبعوثة إلى الولايات المتحدة إن العلاقات بين قطر والسعودية “تتحسن بصورة عامة بعد أن قللت قطر من انتقاد العائلة المالكة السعودية على قناة الجزيرة”، وأن السفير الأمريكي في قطر قال “إن مقدرة الجزيرة على التأثير على رأي عامة الناس في كل المنطقة هي مصدر جوهري لنفوذ قطر” ورغم أن السفير وصف تغطية قناة “الجزيرة” بأنها “حرة ومنفتحة نسبيا”، لكنه شدد على أن “تظل الجزيرة واحدة من أكثر وسائل قطر الدبلوماسية والسياسية قيمة”.
وفي 2011، سنة “الربيع العربي”، كشف “ويكيليكس” أن المخابرات العسكرية الأمريكية تقدم تقريرًا شهريًا لمدير قناة الجزيرة وقتها وضاح خنفر، المُقرب من حركة “حماس”، توجهه فيه عن أخطائه وسلبياته، ونشر الموقع برقية تكشف تفاصيل لقاء خنفر بمسؤول الشؤون العامة في المخابرات العسكرية في السفارة الأمريكية في الدوحة يوم 19 اكتوبر 2005، لمناقشة أحدث تقرير المخابرات، عن القناة والمواضيع المقلقة للإدارة الأمريكية في موقع “الجزيرة” الإلكتروني، ووعد خنفر في رد مكتوب على نقاط التقرير بأن المواضيع المقلقة في موقع القناة “تم تهذيبها وتهدئة لهجتها وأنه سوف يزيلها من الموقع في خلال يومين أو ثلاثة”، وأن خنفر أبلغ العاملين على الموقع أنه فى المستقبل حين يريدون إضافة مادة إلى قسم “تغطية خاصة” ينبغى أن يرسلوا مسودة الفكرة إلى مكتبه أولًا، وقد أطيح بخنفر بعد الكشف عن الوثيقة من منصبه.
وقد لاحقت خنفر تهمة التعامل مع المخابرات الأمريكية، لأنه أمر فريق “الجزيرة” بتسليم صور المقابلة الحصرية التي أجرتها القناة مع الملا داد الله أحد أهم الرموز الأفغانية، المخابرات الأمريكية في 2007 ما قادهم إلى تحديد مكان إقامته وتنقله، وتنفيذ عملية استخباراتية ضده، انتهت باغتياله، وكذلك قال القيادي في «منظمة التحرير الفسطينية» صائب عريقات إن “خنفر يتعاون مع جواسيس أمريكيين تحت غطاء صحفي»، وذلك إثر نشر «الجزيرة» وثائق قيل إنها تكشف عن تعاون بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وعن علاقة الدوحة بالتنظيمات المتطرفة مثل “داعش”، كشف موقع “ويكيليكس” مؤخرا، من خلال عرضه لرسائل من البريد الإلكتروني للمرشحة الخاسرة في انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، اعتراف الأخيرة بأن قطر تقدم الدعم المالي واللوجيستي لأفراد من تنظيم “داعش”، ومن ضمن الرسائل التي كشف عنها الموقع الرسالة التي أرسلتها كلينتون لرئيس حملتها الحالي جون بودستا، والذي كان يشغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي في 27 سبتمبر 2014، وجاء في الرسالة خطة من 8 نقاط لمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق. وقالت كلينتون: في الوقت الذي تسير فيه العمليات العسكرية يجب علينا أن نستخدم الدبلوماسية، وأيضا المزيد من الأدوات التقليدية للاستخبارات الأجنبية من أجل الضغط على حكومة قطر التي تقدم سرا المساعدات المالية واللوجيستية لتنظيمات المتطرفة في المنطقة مثل “داعش”، وأضافت كلينتون أن هذه الجهود ستجعل قطر تسعي إلى تحقيق توازن في سياستها بين المنافسة من أجل الهيمنة على العالم الإسلامي ونتائج الضغوط الجدية للولايات المتحدة الأمريكية.
من ناحية أخري، كشفت إحدى الرسائل الإلكترونية السرية لكلينتون نشرها “ويكيليكس” أن قطر قدمت في 2012 هدية بقيمة مليون دولار لزوجها الرئيس الأسبق بمناسبة عيد ميلاده عبر مؤسسة كلينتون، حيث أبلغ مسؤول كبير في مؤسسة كلينتون زملاءه بأن تبرعا مزمعا من الحكومة القطرية بمناسبة عيد ميلاد بيل كلينتون تم خلال اجتماع عقده مع سفير قطر في واشنطن.
وقبل أشهر، وفى أكبر عملية تسريب لوثائق منذ كشف “ويكيليكس” أسرار وكالة الأمن القومى الأمريكي، كشف تحقيق صحفى ضخم، شاركت فيه أكثر من ١٠٠ صحيفة حول العالم استنادا إلى ١1.5 مليون وثيقة مسربة حصلت عليها، أن ١٤٠ زعيما سياسيا من دول العالم بينهم ١٢ رئيس حكومة حاليا أو سابقا، منهم أمير قطر السابق ورئيس وزرائها حمد بن جاسم بن جبر، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية آمنة، ووفقا للوثائق فإن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أصبح أميرًا لدولة قطر عام 1995 بعد عزل والده في انقلاب غير دموي، ثم تخلى عن السلطة عام 2013 لصالح نجله، في مارس 2014 – بعد أقل من عام على تركه السلطة – تلقت شركة “موساك فونيسكا” – شركة الخدمات القانونية العالمية – أرسل محامي أمير قطر السابق الذي يقيم في لوكسمبرج مبعوثًا للشركة يعرض عليها شراء شركة جاهزة للعمل من الشركات المسجلة في جزر العذراء البريطانية، موضحًا أنها ستفتح حسابًا في بنك لوكسمبرج وسيكون لها نسبة في شركات بجنوب أفريقيا، ووفقًا لمحامي أمير قطر السابق فإن الأمير امتلك بعد سبتمبر 2013 النسبة الأكبر في عدد من الشركات.