بقلم الحسين عمر النجمى
– نحن المجهول، وأنتم ما بعد ذلك، نحن الجسر المُعلَّق بين الولادة والموت، المُثقل بالجثث التي لا حياة فيها، تستقر في المنتصف، تُمسك بها يد الله، تمنعُها من السيرِ نحو الخلاص، الخلاص بالموتِ الأبدي.
رسالةٌ الى خلف الحدود، حدود ملائكة السماء، وشياطين الأرض، حدود مقبرة الرهائن، التي لفظها اعصار الكون، لم يستطع أن يحمل ثِقل وزرها، وزرها الوحيد أنها غزة، رسالةٌ الى أول نسمة هواء يصدُّها جدار الحدود:
نكتبُ من اللاحياة، ونناجيَ الله الذي أعطاكم حياتكم أن يعطِنا القليل من الحياة، نحن الفضائيون الذين قذفهم الله بين أزقة كوكبكم الحي، كي يمنحنا حياة، نحن الزومبي الذين تتواطئ عليهم الأرض، وتعلن حرب الموت كل يوم، ولا نموت، فكيف للميت أن يموت مرة أخرى! نحن الأجساد الميتة التي تمسك بآخر شهقة معلقة بين السماء والأرض، فإما أن تحملها غيمة نحو الموت أو نحو الحياة، الحياة البعيدة عن هنا، البعيدة عن الشقاء والظلم والسيجارة المغشوشة التي ﻻ نمتلك ثمنها كي ننفث عبرها قذارة كل شيئ، الحياة التي نراها في عيونكم عندما تستيقظون على شمس صباحاتكم المكتملة، فشمس صباحاتنا هنا ﻻ تلامس سوى جبين آبائنا فوق كومة ركام للبيت العتيق، نحن الضعفاء بينكم، الأشداء بيننا، الرافضون للموت وحدنا، المستمرون بالحياة وإن كانت بنصف كأس محشو بالسم، المدسوس من أفاعيكم في مياهنا، نحن الذين نصنع النصف الآخر من كل شيء ينقصنا، ومازالنا نحاول أن نعيش في نصف كل شيء كان لابد له أن يكتمل كي تُسمّى حياة.
إلى العالم الآخر .. أعطونا حياة أو نصف حياة.