الإعلام متهم بنشر الجريمة أم الوقايه منها؟

بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال

الإطار الإعلامي هو تلك الفكرة المحورية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصة بقضية معينه والإطار الإعلامي لقضية ما يعني انتقاء متعمد لبعض جوانب الحدث أو القضية وجعلها أكثر بروزاً في النص الإعلامي واستخدام أسلوب وتحديد أسبابه.. وسائل الأعلام اليوم قد اكتسبت أهمية كبرى فقد أصبحت واجهة المجتمع والمعبرة عن توجهاته السياسية ومشكلاته الاجتماعية وعندما تنتشر الجريمة في مجتمع ما ينبغي أن تقوم وسائل الإعلام بدورها في توعية المجتمع وتنبيه
القائمين عليه إلى خطورة تلك الظاهرة الإجرامية واللاخلاقية بل وأكثر من
ذلك انه لابد لوسائل الإعلام ألا تقف عند حدود نشر أخبار الجريمة فقط بل
وتنشر أخبار من تسول لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم المماثلة.
إن وسائل الإعلام كالصحافة هي “مرآة المجتمع” ومن ثم: يجب أن تعكس كل ما يدور في المجتمع بصرف النظر عن موقف الأفراد مما ينشر وما إذا كانوا يتفقون أو
يختلفون معه. أن العنف بكل صوره بما في ذلك الجرائم البشعة كالقتل والسرقة تعد ظواهر اجتماعية يلزم التنبيه إليها؛ ليعلم الأفراد حقيقة المجتمع الذي يعيشون فيه , صحيح أن وسائل الإعلام قد تركز على نشر أخبار بعض الجرائم الاجتماعية
المتعلقة بالإدمان مثلا أو الخاصة بقضايا الآداب الاجتماعية والفاحشة ولكن
يتم ذلك على سبيل التنبيه والتوعية ووضع أيدى المسئولين على الداء في
محاولة لإيجاد الدواء فأصبح المجتمع على وعى ودراية تامة بمخاطر الادمان
وأعراضه وأسبابه وطرق الوقاية منه وأصبحت كل أسرة مصرية قادرة على أن
تراقب أبنائها عن طريق المواد الاعلامية المتعددة التى تقوم بنشرها وسائل
الاعلام ولا يقتصر الأمر على جرائم الادمان فقط بل هناك جرائم أخرى كسرقة
الأعضاء البشرية وأطفال الشوارع وقد قامت وسائل الاعلام بدورها البناء فى
عرض قضية أطفال الشوارع للتوعية بأسبابها وكيفية علاجها من خلال مسلسل
أطفال الشوارع والذى قام التليفزيون المصرى بعرضه على العديد من القنوات
الأرضية والفضائية.وبالتالى أرى أن نشر أخبار الجريمة يعد وسيلة من وسائل
الوقاية منها، فعندما يتم نشر أخبار الجرائم وأساليب المجرمين في ارتكاب
جرائمهم فأن ذلك يدفع المجتمع لاتخاذ جميع سبل الحيطة والحذر و الابتعاد
عن المواقف التي تسبب حدوث الجرائم .
ويرى البعض إن التركيز على قضايا محددة تمس الأخلاق والشرف كما نقرأ أو نشاهد اليوم في بعض المجلات المتخصصة في نشر أخبار الجريمة قد يؤدى إلى شيوع الفاحشة والرذيلة في المجتمع من خلال تحريك الغرائز البشرية وتنبيهها إلى تلك الجوانب اللأخلاقية . ويقول الله سبحانه وتعالى ( إن الذين يحبون أن تشيع
الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم ) ( صدق الله العظيم ) ولذلك ف أن
عدم نشر تلك الجرائم صيانة للمجتمع وحفاظا على فئات الشعب ودعم الاستقرار
في المجتمع . فبعض وسائل الاعلام قد تصدر أحكاما مسبقة على المتهمين من
خلال اتخاذ موقف من الجريمة وأطرافها وربما موقف من القضاء، ومن ثم تقوم
بعملية توجيه الرأي العام مما يؤثر على سير المحاكمة والوصول بها بعيدا عن
العدالة في طريقة التعامل مع المتهمين.
وبالتالى أرى أن نشر أخبار الجريمة بصورة مستمرة قد يزعزع ثقة الأفراد بالمثل والقيم والتقاليد الفاضلة التي يحيون بها ومن أجلها، الأمر الذي يحدث بلبلة اجتماعية بين أفراد المجتمع .ذا كان هذا هو الهدف من نشر الجريمة وأخبارها في وسائل الإعلام فان ذلك ينطوي على خطر جسيم ربما يفوق في خطورته تلك الفائدة المطروحة ألا وهو توعية المجرمين إلى أساليب وأدوات جديدة يمكن الاستعانة بها في أعمالهم الإجرامية وكيفية اختفاء جرائمهم عن أعين الدولة والقانون فمثلا في نشر الجريمة بكل صورها وتفاصيلها والتحقيق الذي دار حولها وكيفية الوصول إلى الجناة قد يغير ذلك من المجرمين عند ارتكاب جرائمهم مما يدفعهم الى أخذ الحذر اللازم عند ارتكابهم لهذه الجرائم . إن نشر أخبار الجريمة بشكل سطحي وغير مدروس قد يتضمن تعظيم صورة المجرم من خلال إبراز ذكائه وكأنه البطل الضحية الذي يواجه رجال الأمن والعدالة الجنائية. كما أن نشر
أخبار الجرائم يساعد في “خلق وعي جماهيري” وسلوكى غير سوي. فمن وظائف
الإعلام نقل الوقائع كما هي بصرف النظر عن الموقف منها. وأيضا لا بد من
ضرورة اطلاع الفرد على ما يدور حوله، وانه لا يعيش في مجتمع ملائكي كما
يصوره البعض بل يعيش في مجتمع بشري تكون الجريمة فيه خبز يومي لوسائل
الاعلام .

 
 
 
 
 
 
 
 
 

Related posts

Leave a Comment