جيهان عزمى تكتب..لا تكن كالأرملة السوداء

بقلم /جيهان عزمى

عدت إلى منزلى بعد أن أنهيت عملى لتبدأ إجازتى الأسبوعية المعتادة وقد قررت هذة المرة أن أستجم وأقضى أجازتى فى هدوء ، بعيداً عن صخب الحياة المعتاد..
نعم سوف أقضى الأجازة فى قراءة كتاب ، رواية أو قد اشاهد مسرحية ، فيلم كوميدى أو ربما برنامج ورجحت فكرة مشاهدة التلفاز أخيرا….
جلست أبحث بين القنوات ووقع اختيارى على برنامج ناشونال جيوغرافيك ( National Geographic) والذى يعرض دائما موضوعات عن الطبيعة وعالم الحيوانات والطيور والحشرات وما إلى ذلك، وكان الموضوع هذة المرة عن العناكب وبخاصة ذلك النوع الذى يسمى ب (الأرملة السوداء) .
وسميت سوداء بسبب لونها ،أما انها أرملة فذلك لأنها تقتل شريكها بعد التزاوج وهى تحب المكوث فى الأماكن المظلمة مما يجعلها غير مرئية…
وكالعادة يأبى عقلى أن يتقبل الأمور على عِلاتها دون أن يسبح بى بين أمواج الأفكار والتساؤلات..
هل لقب الأرملة السوداء هذا يطلق فقط على العناكب أم أن هذا اللقب يمكننا أن نطلقه على بعض البشر؟
ألا يوجد بين البشر من يتصف بالخبث والشر والحقارة ما يفوق سُمية الأرملة السوداء ، تلك التى بحسب الأبحاث العلمية يعد سُمها أقوى بحوالى خمسة عشر مرة سُم لدغة الأفعى ؟
هل تقابلت عزيزى القارىء مع واحدة من تلك العناكب فى صورة إنسان يختبئ لك فى الظلام وأنت بكل حُسن نية تقترب منه وعندما تقترب منه يلدغك سواء بالقول أو بالفعل ؟
ألم تصادف يوماً إحدى تلك العناكب البشرية ذات القلب الأسود والعقلية القاسية التى تتلذذ بإيذاء الأخرين سواء كان هذا الإيذاء نفسى أو ربما بدنى أيضا ؟
والأمثلة كثيرة حيث نجد مثلاً أحد العناكب التى تستمتع بتفريق زوجين عن بعضهما ، أو اشعال النيران والمشاكل بين الأبن وأبيه ،أو ربما الإيقاع بين الأصدقاء وبث روح الكراهية بينهم، بل قد يصل الأمر أن تتسبب فى فصل أحدهم من عمله بكل خسة وقلب متحجر لمجرد أن تظل تلك الأرملة السوداء وحدها فى دائرة الضوء ، محط الأنظار وفوق الجميع..
هل تعاملت مع تلك الشخصية التى قد تتقرب منك ببراءة وتظهر أمامك بمظهر ملائكى لتكتسب ثقتك وتعرف أسرارك ونقاط ضعفك هذة الشخصية لن تحتار ولو للحظة إذا ما قررت لدغك فهى على يقين بنقاط ضعفك وأحب الأشياء وأغلاها الى قلبك و تحفظ عن ظهر قلب كل التفاصيل التى جرحتك يوماً ما وبهذا ف الأرملة السوداء البشرية فى هذة الحالة تمتلك العدة الكافية للهجوم عليك واصابتك فى مقتل …
الأمثلة عديدة لذلك العنكبوت البشرى فى حياة كل منا، هؤلاء أناس عاديون يميلون للخطأ والزلات ربما كانت خيانتهم لنا نتيجة لأحقاد متراكمة أو غيرة دفينة هم بشر كسائر البشر يضعهم القدر فى طريقنا شئنا أو أبينا…
عزيزى القارئ ابحث فى قائمة أصحابك ، زملائك وحتى أقاربك هل صادفت بينهم أرملة سوداء؟
هل أصابتك احدى لدغاتها القاتلة ؟
وإن كنت أحد مصابى هذا النوع السام ، هل تعافيت بأمصال المحبة والود من سُمها القاتل أم مازلت تداوى نفسك وروحك من آلام غدرها ؟؟
فإن استطعت أُعف عنهم وإن لم تستطع فإعتزلهم فهم أمواتاً فى أعيننا وقلوبنا مهما مر من الزمن على لدغاتهم….

 

 

Related posts

Leave a Comment