الستر واجب.. ولا تتّبعوا عورات الناس
بقلم دكتورة هند أحمد يوسف
تؤكد د. هند أحمد يوسف، أستاذة الإعلام في جامعة الأزهر فرع البنات، ضرورة أن يلتزم الداعية، أو الناصح والموجه بتعاليم الإسلام وأخلاقياته في توجيه الناس، ومحاولة هدايتهم، وتبيّن «تعاليم الإسلام وآدابه لا تسمح لأحد بالتجسس، وتتبّع عورات الناس حتى إن كانوا يرتكبون إثماً، ما داموا مستترين به غير مجاهرين، فرسول الله صلى الله عليه وسلّم، يقول: «من ستر عورة فكأنما استحيا موءودة في قبرها».. بل جعل النبي عليه الصلاة والسلام، تتبّع عورات الناس من خصال المنافقين، ويروى أنه صعد المنبر ونادى بصوت رفيع: «يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تتّبعوا عوراتهم، فإنه من يتّبع عورة أخيه المسلم يتّبع الله عورته، ومن يتّبع الله عورته يفضحه، ولو في جوف رحله».
فالإسلام لا يقبل التلصص على حرمات الناس، ولذلك كان تشديد الرسول صلى الله عليه وسلّم، في تحريم الاطلاع على قوم في بيتهم بغير إذنهم، وأهدر في ذلك ما يصيب المطّلع على ما في البيوت من دون إذن من أصحابها، فقال: «من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حلّ لهم أن يفقأوا عينه».. كما حرّم أن يسمع حديثهم بغير علم منهم، ولا رضا، فقال: «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبّ في أذنيه الآنك يوم القيامة».
لا يجوز لأحد أن يحاكم الناس دينياً أو ينظر إليهم من خلال منظار أسود، فالأصل في الناس أنهم أبرياء
وتشدّد أستاذة الإعلام بجامعة الأزهر، على إدانة كل سلوك فيه تربّص بالناس «رسول الله صلى الله عليه وسلّم، دان سلوك المتربصين بالآخرين المتجسسين عليهم، ورفض سلوك هؤلاء الذين يتهمون الناس بالباطل؛ سواء أكانوا من الدعاة أم غيرهم من المعنيين بالإصلاح الاجتماعي. ولا يجوز لأحد أن يحاكم الناس دينياً، أو ينظر اليهم من خلال منظار أسود، فالأصل في الناس أنهم أبرياء، وليسوا متهمين، أو مدانين، أو مذنبين، أو متآمرين، من دون أدلة إدانة واضحة».
كما توضح د. هند أنه في أمور الدعوة والتوجيه الديني ومواجهة السلوكات المخالف لتعاليم الإسلام يغلب حسن الظن، ولذلك فإن مسارعة البعض إلى سوء الظن والاتهام لأدنى سبب، سلوك لا يقرّه الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلّم، حذر من كل ذلك.
فمن المبادئ الأخلاقية المهمة التي جسدها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في التعامل مع الناس إحسان الظن بالآخرين، وخلع المنظار الأسود عند النظر إلى أعمالهم ومواقفهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم، يعلّم المسلمين حسن الظن، فقد جاءه رجل يقول «إن امرأتي ولدت غلاماً أسود- أي أنه يشك في سلوك زوجته- فقال النبي صلى الله عليه وسلّم له: هل لك من إبل؟ فقال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمر. قال هل فيها من أورق «يعني فيه سواد» قال: إن فيها لأورقا. قال فأنى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: وهذا- أي ما ولدته زوجتك- عسى أن يكون نزعه عرق».