كانت حلب مدينة عامرة مزدهرة في العصر الإسلامي الوسيط، فقد كانت إحدى أبرز حواضر العالم الإسلامي في ذالك الوقت. منارة من منارات العلوم والمعارف والآداب، فلم تزل تُبنى فيها المدارس (الكليات) في مختلف التخصصات العلمية حتى بلغت نحو ثلاثمائة مدرسة، هذا فضلاً عن الحلقات العلمية التي كانت تُعقد في المساجد ودور الحديث وغيرها من الأماكن
وفي عام 656هـ/1258م احتل المغول بغداد، وأقاموا لهم دولة في العراق، ثم اتجهوا نحو بلاد الشام للسيطرة عليها وساعدهم في ذلك اضطراب الأوضاع فيها بسبب صراع الجبهة الإسلامية بين الأيوبيين أنفسهم وبين المماليك.
وفي بداية سنة 658هـ «تواترت الأخبار بقصد التتار بلاد الشام، إذ دخل جيش المغول بقياده قائدهم هولاكو، وجازوا الفرات على جسور صنعوهاا، ووصلوا إلى حلب في ثاني صفر من هذه السنة 658ه(25يناير عام 1260م) و استمر الحصار التترى لمدينة حلب سبعة أيام فقط. وكان دخول التتار بخدعة، حيث أعطى التتار الأمان لأهلها إذا فتحوا الأبواب دون مقاومة، ولكن زعيمهم توران شاه قال لهم: إن هذه خدعة، وإن التتار لا أمان لهم ولا عهد، لكنهم كانوا قد أحبطوا من سقوط بغداد في يد التتار ، وعدم مساعدة أميرهم الناصر يوسف لهم، وبقائه فى دمشق، وتركه إياهم تحت حصار التتار لهم.. هذا الإحباط قاد الشعب إلى الرغبة فى التسليم.ووفقا لموسوعة “تاريخ الإسلام” للدكتور راغب السرجانى: بدأت المذابح البشعة فى رجال ونساء وأطفال حلب، وتم تدمير المدينة تمامًا، ثم خرب التتار أسوار المدينة لئلا تستطيع المقاومة بعد ذلك، ثم اتجه هولاكو لحصار القلعة التى فى داخل حلب، وكان بها توران شاه وبعض المجاهدين، واشتد القصف على القلعة، وانهمرت السهام من كل مكان، لكنها صمدت وقاومت، واستمر الحال على ذلك أربعة أسابيع متصلة، إلى أن سقطت القلعة فى النهاية فى يد هولاكو، وكسرت الأبواب، وقتل هولاكو -كما هو متوقع- كل من فى القلعة،ولكنه أبقى على حياة توران شاه ولم يقتله وهكذا استقر الوضع لهولاكو فى حلب، وخمدت كل مقاومة، وهدمت كل الأسوار والقلاع.. ثم أراد هولاكو أن ينتقل إلى مكان آخر فى الشام، فاستقدم الأشرف الأيوبى أمير حمص، وهو أحد الأمراء الخونة الذين تحالفوا مع التتار، وأظهر هولاكو للاشرف الايوبي كرما غير المعتاد! فقد أعطاه إمارة مدينة حلب إلى جوار مدينة حمص، وذلك ليضمن ولاءه التام له، ولكى يتيقن الأشرف أن من مصلحته الشخصية أن يبقى هولاكو محتلا للبلاد، ولكنه بالطبع وضع عليه إشرافًا تتريًا دقيقًا من بعض قادة الجند التتر، فأصبح الأمير الأشرف الأيوبى وكأنه الحاكم الإدارى للمدينة، أى أصبح الأمير الأشرف الأيوبى «صورة» حاكم أمام الشعب، بينما كان هناك الحاكم العسكرى التترى لحلب، الذى كان يعتبر فى الواقع الحاكم الفعلى للبلد، وبيده بالطبع كل مقاليد السلطة والحكم. وبعد سقوط حلب في ايدي المغول توالت المدن العربيه في السقوط في ايديهم أيضا
*المصدر// تاريخ الإسلام لدكتور راغب السرجاني*
*كاتب المقال// أحمد حجازي*
*مؤسسه الفريق// دنيا ثابت*