بِقَلم / نُــور عَلــم الدِّيــن
أصبح من الصعب إيجاد الرُقيّ في نفوس البشر ..
أن تجد شخص لا يتلفظ بسوء ولا يتكلم إلا فيما لا يُعنيه ، لذلك يؤثر الصمت أحيانًا حين تؤدي كل الطرق إلي سوء الأخلاق ..
وكيف ؟! يكون غير ذلك والسائد حاليًا قصف الجبهات والحروب اللفظية والتفنن في إظهار العيوب والتجبُّر والتقليل ممن له قيمة وإنكار أفضالِهم .. فأصبحنا لا نعيش الدنيا بل تعيش فينا بدناءَتِها ودُنوها ..
لذلك نشعُر بأننا غير صالحين لهذا الوقت من الزمن وإنتهت مدة صلاحيتُنا فلم نعُد صالحين لا للصدقات ، ولا للحب ، ولا للعلاقات الإجتماعية ..
فالوقت لا يُجامل أحداً ، إنهُ يترك فقط تجاعيدهُ علي قلوب الجميع ، فيبدأ من هُنا يتحدث الإنسان مع نفسهِ كثيرًا بعد كل موقف أو تجربة بل وكل يوم ، ولكنهُ تارةً يجلِد ذاتهِ علي كل هفوة تقع منهُ ، وتارةً أُخرىٰ علي الجانب الاخر مِمَن لا يعبأ بالأمر كُليًا ولا يتحدث مع ذاتهِ من الأساس ، ففي حياة كُلاً مِنّا لحظة لا تعود فيها الحياة بعدها كما كانت من قبلها ، فمرةً واحدةً من العُمر يندفع المرء نحو الخطيئة ، ومن بعِدها يُصاب بالندبات نحو كل شئ وللأبد ..
ومن الممكن أن تكون مُستقيمًا بل أكثر إستقامة وفجأةً تُخطئ خطأً واحدًا تُشعر حينها بأنك إنسان غير سويًا ، فتتآكل من الداخل من الآلم بالندم ، ( فقد أبدو لك مُلتزمًا ثم تريَّ منيِ ذنبًا ليس شرطًا أن يكون نفاقًا أو إنحلالاً ، هي مُجرد سقطة لأننا بشر ) ..
فهذا في حد ذاتهِ ضغط دائم نعيش فيهِ يُفقدنا جزءًا من عافيتُنا ويلبسُنا طباعًا لا تٌشبِهُنا بالمرة ،، وهكذا ،، حادثة تلو الأخري كانت كفيلة بمسح غشاوة أعيُنِنا عن ضالة النفس وإحتياج الروح إلي نورٍ بمثابة هُدىٰ في طريقٍ مُظلم ليعرج المرء فيه بقلبهِ حتي يصل إلي ربهِ فيقبضهُ تائبًا من ذنبهِ ، لأن النفس دائمًا تتقلب بين الذنب والإستقامة …
فياعزيزي لو كُنت مُنتظر اللحظة المناسبة التي تُصلح فيها علاقتك مع الله ، يؤسفني أن أقول لك أن القبور مليئة بمنتظريين سابقين لهذة اللحظة ولكن الموت لن ينتظر أحدًا ، وتذكر أن جِهادك الوحيد في هذة الدنيا هو قلبك ، فشُدّ وثاقهُ وإستقم كي لا تميل ولا تلين ، وأيضًا لكي لا تواجه هذا العالم بصدرٍ مُنهك ..
فدائمًا يُسئ المرءُ إستخدام قلبهِ ثم يعود في النهاية باكيًا ، نادمًا ، تائبًا ، وبرغم أنه يعترف بخطيئتهِ بل ويتذلل في الإعتذار علي أمل المغفرة ولكن عبثًا لأنَهُ لن يقبلهُ المرء من ناحيه أخرىٰ ، حينها نتذكر قولهِ تعاليّ ” رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) سورة الإسراء ” ….
فإنعَزِل فترةٍ ياعزيزي ورتَّب أفكارك ومشاعرك وعندما تعلم أنك جاهز أن تكون إنسان ذو أدَمية فَصِر ولا تَضُرك ظنون الخلق وآرائهِم ، فقط أصلح ما بينك وبين الله ثم أمِضي فهو بك أعلم فإنهّ يبتليك ليُلهِمك التوبة حتي تتوب ، فما منا غير مُعرض للخطيئة ، وما منا لم يكن لهُ ذنب ( أتظن أن الصالحين بلا ذنوب؟! إنهم فقط إستتروا ولم يُجهروا ، وإستغفروا ولم يصروا ، وإعترفوا وتأسفوا ولم يبرروا ، وأحسنوا بعدما أساؤوا ) إبن القيم …
وتستمر المعركة بين نفس تتجه للفساد وضمير يُريد التوبة ، والخطيئة هي أول باب التوبة ، فاللهم قوّي قلوبًا لا تُريد أن تُعصيك …
فالإنسان الذي يعيش تحت ضغط يُكلفهُ طباعًا لا تُشبههُ ، قد يبدو لك عدوانيًا وهو في الحقيقة مُسالم ، وقد يبدو شريرًا وهو في الحقيقة أحد الطيبين ، فكم من شخص فقد إعتبارهِ وإحترامهِ في قلوب الناس الذين صادفوه في حالٍ ضعفٍ يُقاتل آلامهِ بإنفعالاتٍ وأقاويلٍ وأخطاء ..
وأيضًا عندما يكون قد غَيَّر نَفسه فَيُصبح منبوذاً بمَن حوله ويحط من قدرهِ بتصرُفاتهِ ويُقاد إلي الأماكن التي لا تليق به فيخسر حتي نفسه ، ويصبح ذو نفسٍ لوامه ، فلو كان بأيدينا أن نمحو لمحونا خطيئة فعلناها بالأمس وضمائِرنا لم تترُكنا كي نحيَّا ..
حقًا .. لا غُفرانٍ لموقفٍ جعلك تُشفق علي نفسك ، ولكن يكتب الله في هذا خيرًا أنت تجهلهُ …
فيا أيُها الذنب الثقيل من أخبرك أن صدري متين وأن ضميري يهدأ ولا يلين ، من أخبرك أن قلبي لا يتعكر لونهُ عندما يدق بشعور الذنب ، من أخبرك أن النفس لا تتحسر كل ليلةٍ من ذَنبِها ، ومن أخبرك أننا ننعم بالحياة ونحن مذنبون ، فبالله قول لي من أخبرك …
فنحن دائمًا عائدون من خطوة خاطئة نحمل خطايا الطريق معنا ، لذلك لا تتبع خطوات أحدٍ ، فالكل تائه وإن إدعيَّ ..
ولا أُبرئُ نفسي حين أُرسل بالنصح والتذكير ، لا يعني هذا أنني أدعي المثالية لكن هي رسائل أُوجهها لنفسي قبلكم ، لا تفسدو علي الآخريين حياتهِم ، فأخطاؤنا جُزءً من إنسانيَتُنا وإلتزام البعض بمظهر المثالية ليس إلا تمثيل مُتقن فالكمال ليس من طبيعة البشر ، ولكن تظِن أنها النهاية وفجأة يّصلح الله لك كل شئ لحُسن نواياك ..
وأخيرًا _________
ولئِن غَلبَنِا الشيطان بالأمس لأُقصِمَنَا ظهرهِ اليوم بتوبتُنا وحُسن عِبادتُنا وخُطانا المُستقيم …