بقلم : سيف بن هلال الشحي
المؤسس و الرئيس التنفيذي
لمركز سيف بن هلال للدراسات و أبحاث و علوم الطاقة
هنا، ينبغي التعرف على ماهية المقصود بمفهوم “أمن الطاقة ” من منظور المنظمات الدولية من ناحية ، وطرح الدول لمفهوم “أمن الطاقة” ، في واقع الأمر لا يوجد تعريف محدد ، إذ تتعدد التعريفات ، ويمكن بيان ذلك على هذا النحو :
تُعَرِّف وكالة الطاقة الدولية مفهوم” أمن الطاقة “‘بأنه التوافر المستمر وغير المنقطع لمصادر الطاقة بأسعار معقولة وفي الوقت المناسب وبشكلٍ مستدامٍ .
• ونعرف نحن في الوكالة الدولية لامن الطاقة مفهوم امن الطاقة
بأنة : الحفاظ علي سلامة مصادر الطاقة المتنوعة وضمان سلامة مصادر الإنتاج وضمان سلامة وصول منتجات الطاقة الي مستخدميها .
وانطلاقا من هذه التعاريف، نجد تباينا في مفهوم أمن الطاقة على المدى البعيد باعتباره وسيلة لإمدادات الطاقة في ظل التنمية الاقتصادية والمتطلبات البيئية، وأمن الطاقة على المدى القصير باعتباره طريقة لتمكين نظام الطاقة الحالي من الاستجابة الفورية للتغيرات المفاجئة في التوازن بين العرض والطلب. ومن الجدير بالذكر، أن أمن الطاقة على المدى القصير والبعيد يتطلب مجموعة متنوعة وشاملة من المبادرات والسياسات المتوافقة لتلبية الأهداف الخاصة بالسوق وضمان مسار آمن لتوفير مصادر الطاقة.
ونجد الأمم المتحدة تعرف أمن الطاقة بأنه: الحالة التي تكون فيها إمدادات الطاقة متوافرة في كل الأوقات وبأشكال متنوعة ومتعددة وبكميات كافية وبأسعار مناسبة ومعقولة.
وبذلك فإن قضايا الأمن الطاقوي تتأرجح بين وفرة الإمدادات وفي كل الأوقات وبأسعار مناسبة، ويعد هذا المفهوم مفهومًا تقليديًا يخدم مصالح المستهلكين للطاقة لصالح المنتجين لها .
في حين حددت المفوضية الأوربية أربع دعائم رئيسية يستند إليها أمن الطاقة الأوروبي:
• العمل على التنويع في مصادر الطاقة، وهو الأمر الذي من شأنه التقليل من التبعية لمورد أو لدولة معينة.
• إدارة بند الطلب عن طريق طرح مفاهيم مختلفة تتعلق بمبدأ كفاءة استخدام الطاقة وبهدف تخفض استهلاك الطاقة علي قدر الإمكان.
• إدارة قوية والتحكم بالعرض الخارجي عن طريق الدخول في شراكات قوية مع الدول الرئيسية والتي يعتمد عليها الاتحاد الأوروبي في تأمين متطلباته من النفط والغاز.
• العمل على تجنب الأزمات في سوق الطاقة، عن طريق قناعة، مفادها أن تحقيق أمن العرض يتطلب بالضرورة أن تكون الأسواق منتظمة بصورة قوية حيث لا تتأثر بأزمات قدر المستطاع.
يحتل امن الطاقة مكانا بارزا في أولويات السياسة الخارجية للدول ، خاصة بالنسبة الدول المستوردة للطاقة. حيث نجد في تصريح قدمه الرئيس الأمريكي السابق “جورج دبليو بوش” في مارس 2001 قال : بأن امن الطاقه ينبغي أن يشكل أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية ، وقد تبنى كبار المسئولين في دول صناعية مثل الاتحاد الأوروبي ، روسيا، والصين نفس الرأي ، مركزين على أهمية قضايا الطاقة و مدى تأثير توفر مصادرها على السياسة الخارجية للدول.لأنه في غالبا ما تكون موارد الطاقة محددا أساسيا في توجهات السياسات الخارجية للدول ،خاصة إذا تعلق الأمر بالدول المصدرة ، خاصة وأن مروارد الطاقة سببا أساسيا للصراعات و الحروب التي عرفتها البشرية.
ويتمثل المفهوم العام لأمن الطاقة الأمريكي في العمل على خفض الاعتماد على موارد الطاقة التي يتم استيرادها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، عن طريق عمليات الترويج لأنواع مختلفة من الوقود المنتج محلياً، مثل الإيثانول، والعمل علي خفض المخاطر والصدمات السعرية عن طريق تنوع الموردين، وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتماد على البدائل البيولوجية للطاقة البديلة للوقود الاحفوري أحد أهم مقومات الأمن القومي الأمريكي.
ويستند مفهوم أمن الطاقة الروسي إلى مبدأ تحقيق أمن الطلب، وأسعار مرتفعة، والتزامات وإمدادات طويلة الأجل وبشكل مستدام، والوصول الآمن إلى الأسواق العالمية، خاصة إلى القارة الأوروبية دون الإعاقة من دول العبور، والعمل على مد أنابيب الطاقة والغاز إلى قلب الاتحاد الأوروبي، والعمل بقوة على خلق توازن في أسواق الطاقة الروسية لمنع أن يكون الدب الروسي مقيد بسوق واحدة.
ويتبلور مفهوم أمن الطاقة الصيني على ضرورة تأمين واردات الطاقة بالتحرك على المسارين الداخلي والخارجي بهدف تنويع الإمدادات وتحقيق أمن الطاقة.
ومن خلال تحليل وفهم تلك المفاهيم السابقة حول أمن الطاقة، واختلاف مفهومها من دولة لأخرى، فمن الممكن صياغة تعريف مناسب لمفهوم أمن الطاقة وهو توافر الكميات المطلوبة في الأسواق العالمية بأسعار مناسبة ومستقرة ومستدامة، مع ضرورة العمل على تنمية مصادر الطاقة المتاحة، من خلال التكنولوجيا، مع البحث عن مصادر جديدة تلبي الحاجة المتزايدة للطاقة، إلى جانب ترشيد استخدام الطاقة، وتوافر الضمانات المناسبة للحفاظ على البيئة.
في واقع الأمر ، أنه ينبغي التأكيد على أن قضية “أمن الطاقة” تجمع بين العديد من المتغيرات والعوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية والبيئية والإستراتيجية …إلخ، مثيرة بذلك جملة من التحديات الجيوستراتيجية علي كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، وهو ما يتماشى مع المفهوم الجديد للأمن الطاقه، والذي يشمل المجالات البيئية والأمنية والسياسية، بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية. وهذا ما سيقوم به مركز سيف بن هلال لدراسات وأبحاث وعلوم الطاقة خلال المرحلة القادمة .