بقلم : د . أحلام الحسن
تعمّ المجتمعات كلّها ودون استثناءٍ مصطلحاتٌ أربعٌ ذات محاور متفاوتة ومتقاربة في المعاني الإصطلاحية لدى العامة .. ومختلفةٌ في المعاني اللغوية لها ومختلفة أيضا في جزيئاتها التعريفية والتّطبيقية في المجتمع ..
والمصطلحات الأربع هي :
مصطلح المجاملة – النفاق – التّملق – الكلمة الطيبة ..
وفي الحقيقة أنّ هذه المصطلحات الأربع بعيدة كلّ البعد عن الصّور التي رسمها الكثيرون على أنّها مصطلحات ذات نسقٍ واحدٍ لا يفصل بينها شيء ..
ولنتعرف باختصار عليها من خلال التعريفات الآتية :
1- المجاملة :
المعنى الإصطلاحي والمعنوي للمجاملة : وهو اسماع الطرف الآخر كلمات ذات طابعٍ جماليٍ في المعاني والصور والمدح يخلو من المبالغة والكذب وإنّما لإدخال السرور عليه والتّقرب إليه مودةً في الطّرف الآخر .. وتخلو المجاملة الشخصية تمامًا من اقتناص المصلحة .
وتتعدد أصنافها كالآتي :
أ – المجاملة العابرة بكلمةٍ طيبة يقصد بها المُجاملُ وجه اللّه فقط .. لرفع معنويات مُحدّثه مع مراعاة عدم مجاملته على باطلٍ من القول أو الفعل .
ب – مجاملاتٌ حوارية لكسب الطّرف الآخر لصالح وجهة نظر المُتحدث ( المُجامِل ) وتكون هذه المجاملة وفق إطرٍ كثيرةٍ تقوم على الإبتسامة ..وحسن الإستماع .. وبنيّةٍ صافيةٍ لحلّ نزاعٍ ما أو مشكلةٍ ما .. وتكون هذه المجاملة خالية تمامًا من المصلحة الشخصية بل لأجلّ المصلحة العامة لا غير وهو نوعٌ محببٌ من المجاملة يندرج تحت مسمى الكلمة الطيبة الحسنة .
ت – وهناك نوعٌ آخرٌ من المجاملات وهو المجاملات الدّولية ذات المصالح الإقتصادية المشتركة ..والسياسية المتبادلة بين الدول .. من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة بدولهم .. وليست المصالح الشخصية وإلاّ تحول مسار المجاملة في غير اتجاهه .
2 – النّفاق :
ومصدر الكلمة اللغوي نفق وليس أنفق والنفق معروفٌ هو جحرٌ تحت الأرض له فتحة دخولٍ وفتحة خروجٍ منه للهرب .. ومعنى الكلمة الإصطلاحي هو إظهار الشخص المودّة لشخصٍ أو جماعةٍ بينما هو يبطن العداوة ويتصيّد الفرص فهو عدوً بحتٌ .. وبعيدٌ كلّ البعد عن معنى المجاملة .
3 – التّملّق :
وهو المداهنة والتّودّدِ لجلب مصلحة شخصية مادية أو معنوية أو منصب ووجاهةٍ للمتملّق .. ويفتعل المّتملّق إسلوب الإعجاب والثناء الكاذب والمدح والموافقة على أطروحات وأراء الطّرف الآخر وإن كانت في غير مكانها ولم يحالف الحظ صاحبها في إصابة الرأي السديد وإن كانت ستؤدي إلى الإضرار بالطرف الآخر دون أن يشعر هو بذلك .. فالمتملّق لا يهمه ألحق الضّررُ بالطّرف الآخر أم لم يلحق .. فهو يوافقه الرأي .. ويثني عليه ويمتدحه .. ويستخدم المتملّق التملّق للوصول إلى تحقيق هدفه وبغيته من الطرف الآخر سواءكان الهدف حاضرًا أنيًّا أو مؤجلًا .. فكلّ كلمات الثناء والمدح والإعجاب غير خارجةٍ من قلبه .. ويستخدم المتملّق عدّة أساليبَ للوصول لهدفه المنشود ومبتغاه من خلال الآتي :
أ – موافقة الطَرفِ الآخرِ على أفعاله وأقواله .. وامتداحه بأنّ قوله عين الصّواب ونعم الرأي بينما هو ليس كذلك .. وقد يرجع على صاحبه مضرّة ما بسبب سوء وجهة نظره أو قراره .
ب- استخدام أسلوب الكتابة والقلم في المدح والثناء من خلال قلمه لإيصال الرسالة الموهومة للطّرف الآخر وكسب مودته وبالتالي يتحقق الطلب المنشود للمتملّق وتتحقق أهدافه من تلك الضحية .. فهو يتميز بالخبث والتّلوّن والمكر .. ويخضعُ للحالتين العداوة أو عدم العداوة إلاّ إنه يتملّق لقضاء مصالحه الشخصية من ذلك الشخص .
الكلمة الطيبة :
وهي الكلمة النّصوح والمتمتّعة بأسلوب اللباقةِ واللين والعطفِ وهي نصح المؤمن لأخيه المؤمن .. إن رآه على معصية نصحه بالسرّ وستر عليه .. وإن رآه على خطأٍ من الرأي صوّبه وقوّمه .. وإن رآه في حزنٍ وهمّ ٍخفف عنه .. وإن رآه في بلاء لم يشمت به وساعده لدفع البلاء عنه بالنصيحة والكلمة السديدة وإن رآه في خصامٍ مع قريبٍ أو صديقٍ له أصلح شأنهما بالصّلح . وللكلمة الطيبة مواقف كثيرةٍ لا يمكن حصرها في بضع مواقف .. إلاّ أنها تؤتي ثمارها الطيبة ولو بعد حين .