بقلم / هاشم محمود
______________
سوق المدينة ، يمثل حجاً من كثرة الناس ، التجار الكبار، يجلسون أمام المتاجر بكراسي عتيقة ، حولهم الأصدقاء والزوار، عرفت المدينة بإستقبالها للباحثين عن العمل والحياة الكريمة.
إنها المدينة ، تتوسط البلاد ، فقد إشتهرت بالزراعة لوجود اكبر المشاريع الزراعية بالقرب منها، ريفها الشمالي والجنوبي، يمثل خلية نحل ، حركتهم الدؤوبة نحو الفلاحة صباحًا ، وتربية المواشي ، أفواجًا يقصدونها بغرض التبضع صباحا وفي الظهيرة حركة عكسية ، يعودون الى قراهم وهنالك مواسم الحصاد من السمسم والفول السوداني وزهرة الشمس ومنتجات أخرى كثيرة، فتجد المدينة قد انتعشت ، وزادت حركة السوق بها انه موسم الكادحين ، يمر النهر بوسطها لذلك تعتبر من أكبر الأسواق لمحاصيل الخضروات والفاكهة ، فيقسمها الى قسمين ، شرق وغرب.
صالح أحد الذين قصدوها بحثا عن عمل، فتجول بها أياما، يسأل عن أي فرصة ، وبما أنه ضيف لا يعرف شخصا فيها، كان يتخذ من المسجد الكبير مقرًا له
وفي يوم خريفي ماطر ، بعد صلاة الفجر، دنا رجل كبير يسأله ؟
-أجدك دوما تقيم بالمسجد فاين تعمل
-فرد عليه أنا أبحث عن فرصة عمل
فطلب منه آن يرافقه إلى متجره . فوافق صالح ، بينما يسيران في الطريق دار بينهم حديث عن ظواهر اجتماعية غير حميدة إنتشرت بالمدينة سرقات كثيرة وأطفال مشردون يعيشون فسادًا بسوق المدينة ، فسأله صالح
-من أين اتو؟
. فرد العجوز ربما من القري المنتشرة حول المدينة
صالح راسه وقال : خير هَزَّ
وصلا المتجر، أجلسه بكرسي أمام البقالة ، قدم له كوب شاي وخبزة مازحًا معه هذا فطور التجار وللعجوز مثله كوب زجاجي وخبز. عرف صالح إسم مضيفه عبدالرحمن من المارة وهم يحيون التاجر يساله
-أي حرفة تجيد يا صالح ؟
-ليست معي حرفة محددة انا على إستعداد أن أعمل بأي حرفةأاتعلمها حتى أتقنها
-عبدالرحمن كأنك من الشرق؟
– ربما أكون من شرق الشرق
تعجب عبدالرحمن من رده شرق الشرق ! جميل إذا هنا لي صديق من شرق الشرق
إلتفت يمينا و بصوت جهور يا محمود يا محمود ، رد صوت رجل من المحل المجاور نعم ماذا تريد يا عم عبدالرحمن ضيفي هذا من منطقتكم فأريد منك ان تساهم معي في شراء أغراض يبدأ فيها عمله في السوق
-محمود مرحبًا
-صالح يتدخل أعطوني سلف وليست منحة
-محمود كل الخيارات متاحة لا تقلق
عبدالرحمن يقدم له صاج وزيت ودقيق وبعض الأغراض بينما محمود يكمل ما تبقى ويمنحونه مساحة أمام متاجرهم كي يصنع شاي وزلابية في الفترة الصباحية وفلفلية ( طعمية ) بالفترة المسائية سر صالح وشكرهما وبدأ في عمله بكل حماس ما هي إلا أيام قلائل حتي اشتهر بين الناس وعرف الكثيرين مكانه بدأ يبيع بضاعته ويشتري أغراضه من عبدالرحمن ومحمود. اشترى سريرًا وفرشة يضعه في النهار خلف المتاجر وليلا مسكنًا له أمام المتاجر فأصبح حارسا متطوعًا ، أازال عنهم عناء اللصوص أثناء صلاة الظهر، يضع أغراضه بداخل احد المتاجر حتي يصلي ويعود لممارسة عمله ويترك قليلا من السندويتشات والطعمية والزلابية للمشردين على الطاولة. يستغلون وقت الصلاة فينهالون عليها وفي صلاة العشاء يكررها مرة اخرى ، بعض المارة يطاردونهم ويضايقونهم ،فعلم صالح بذلك وغضب غضبًا شديدًا ، فأمر من يبقون بالمتاجر المجاورة اثناء اداء الصلاة بأن يغضوا الطرف عنهم ولا يسالونهم فالخير خير الله وهم أولي به كسب ثقتهم مع مرور الوقت يأتون اليه ويأخذون وجباتهم بشكل ثابت فسأل أحدهم : أين تنامون ؟
قالوا له: في السوق ونعاني من مطاردات الشرطة وبعض الحراس، فاشترى لهم عدد مِن الاسرة والفرشات وطلب منهم أن يناموا بجواره ،
في بادئ الامر أستنكر التجار ما قام به صالح فهؤلاء لصوص ومشردين كيف لك أن تأويهم ، مضت أيام علي هذا النحو، فاختفت مطاردات الشرطة والسرقات بل أن مسؤول الشرطة في المدينة تعجب من التقارير القادمة اليه مرت الأيام والسوق امن لكن صالح يزداد شعبية ويحصل على حب الجميع مما أثار غضب البعض فقاموا بدس بعض الأكاذيب والدسائس حتى إنقلب عبد الرحمن ضده ، يوم بعد اخر قرر صالح ترك السوق وفي صباح احد الأيام غاب صالح عن السوق وبدأ الكل يسال عن صالح لكنه رحل وبعد إسبوعين عادت السرقات من جديد فبحثت الشرطة في الأمر فقيل لهم ان صالح كان سبب إصلاح السوق .