كتب.. اسامه احمد
تُقدّر اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن نحو 346 مليون شخص في افريقيا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو ما يعني أن ربع سكان القارة ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأن 27 مليون شخص يعانون من الجوع، وسيصل عددهم إلى 38 مليونا قبل نهاية العام الجاري.
وقد أثرت الأزمة الروسية الأوكرانية المشتعلة منذ أشهر، على القارة الافريقية، حيث تستورد افريقيا نحو 50% من واردات قمحها من روسيا وأوكرانيا، وتمثل هذه نصف تجارة أفريقيا مع أوكرانيا والبالغة 4.5 مليارات دولار، ونحو 90% من تجارتها مع روسيا والبالغة 4 مليارات دولار، وفق إحصاءات بنك التنمية الأفريقي.
وبعدما ساهم توقيع “صفقة الحبوب” بين كل من روسيا واوكرانيا في يوليو/تموز الماضي برعاية تركيا والأمم المتحدة في تراجع أسعار القمح والحبوب، بعد أن ارتفعت بشكل حاد نتيجة تعطّل عمليات التصدير من الموانئ الأوكرانية إلى الأسواق العالمية، أعلنت روسيا تعليق “الصفقة” بعد هجوم القوات الأوكرانية على سفن أسطول البحر الأسود.
وجاء ردّ الفعل الروسي على لسان وزارة الدفاع التي اتهمت القوات الأوكرانية بمهاجمة سفن أسطول البحر الأسود التابع للاتحاد الروسي في شبه جزيرة القرم بطائرات مسيرة، وهو ما اعتبرته سببًا كافيًا للتخلي عن الاتفاقية الموقعة منذ 3 أشهر، والتي كانت تهدف إلى تقليل النقص العالمي في إمدادات الحبوب.
إلا أن وزارة الزراعة الروسية، ومن أجل منع وقوع كارثة إنسانية، أكدت أنها على استعداد للتعويض عن الحبوب الأوكرانية بالكامل، وتسليم ما يصل إلى 500 ألف طن من الحبوب إلى أفقر البلدان مجاناً في الأشهر الأربعة المقبلة. وأضافت الوزارة أن “صفقة الحبوب، للأسف، لم تحل مشاكل الدول المحتاجة، بل أدت إلى تفاقمها بشكل ما”.
من جهته، توجه رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، برسالة إلى وزير الزراعة الروسي ديمتري باتروشيف، دعاه فيها الى توفير الحبوب والقمح الروسي في “المقام الأول” لكل من دولتي إريتيريا وبوركينا فاسو، وجمهوريات افريقيا الوسطى ومالي وغينيا، في إطار المبادرة الحكومية الروسية لتأمين الحبوب الى الدول الفقيرة.
مشددًا على أن هذه الدول المذكورة تتعرض لضغوطات غربية كبيرة بسبب دعمها لروسيا، وبأن لها الأولوية في الحصول على القمح الروسي. حيث قال: “شركاؤنا الرئيسيون في القارة الأفريقية هم جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، اللتان نحارب فيهما الإرهاب بنجاح وندافع عن حريتهما واستقلالهما. بالإضافة إلى ذلك، نتعاون بشكل وثيق مع دولة إريتريا وجمهورية غينيا وبوركينا فاسو. هذه الدول تدعم بشكل كبير بلدنا على الساحة الدولية، بينما يمارس الغرب ضغوطًا اقتصادية وسياسية غير مسبوقة على هذه الحكومات الصديقة للاتحاد الروسي”.
وبالتالي، فإن الدول الصديقة لروسيا والتي تقف مع إحقاق الحق ومواجهة الغطرسة الغربية على العالم، ستحتل المرتبة الأولى من تلقيها للمساعدات والدعم من الدولة الروسية. لأن الروس بشكل عام يتصفون بالوفاء وعدم ترك الأصدقاء لمصيرهم، كما إعتادت الولايات المتحدة والدول الغربية أن تفعل دوماً.
ويُشار الى أنه وفي إطار الصفقة المذكورة آنفاً، سبق وأن نوه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه من بين 87 باخرة محمّلة بالحبوب من الموانئ الأوكرانية، وصلت 32 إلى تركيا (الجهة الوسيطة)، و3 إلى إسرائيل، و3 إلى جنوب أفريقيا، و7 إلى مصر، و30 إلى الاتحاد الأوروبي، و12 فقط إلى بلدان فقيرة وفق برنامج الأمم المتحدة للغذاء. مما يدل على خلل في عملية التوزيع وهيمنة غربية في الحصص المُرسلة على حساب الدول الفقيرة.