مافيا الاستيلاء علي ملك الغير

بقلم الأستاذ: فراج محمد فتحي
المحامى

إن كل ما يُعدّ انتهاكاً لحرمة الغير يُعتبر جريمة تستحق التعزير، ومن ذلك دخول عقار في حيازة آخر، أو بيتٍ مسكون أو مُهيأ للسكنى وما يشبه ذلك، وذلك بقصد منع حيازته بالقوة، أو ارتكاب جريمة فيه أو عدم الخروج منها مستعيناً في ذلك بقوته ونفوذه . وقد ورد النهي عن دخول بيوت الغير بدون استئذان في القرآن الكريم في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ_ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ ” النور:27-28.

وحيث أن الفرد يسعى غالبا لحب التملك كفطرة إنسانية فهو يسعى بالتبعية لحب الاستقرار، ولتحقيق هذا المرج في الأهداف التي يسعى لها كان مسكنه أكثر الممتلكات التي تشكل تجسيداَ لذلك، لكن قد تتعرض ملكية الفرد العقارية للمساس بها بالاستيلاء عليه بدون وجه حق وعدم الخروج منها مما يجعل طريقه الأصلي هو اللجوء إلى القضاء لكي يقتص من المتعدى على ملكه وتمكينه من مسكنه المنهوب .

ويعد التطاول على حرمة أملاك الغير، ظاهرة جرمها القانون المصري، حيث نجد فئة من الأشخاص يتطاولون على عقارات خاصة بالآخرين بغير وجه حق وبشكل غير قانوني، بقصد ارتكاب جرائم معينة بداخله أو الإستيلاء عليها، وقد لا يعلمون أنهم بذلك يرتكبون جرائم تضعهم تحت طاولة القانون.
فنص قانون العقوبات فى الباب الرابع منه على العقوبات المقررة لانتهاك حرمة ملك الغير، حيث نصت المادة 370
على انه ( كل من دخل بيتًا مسكونًا أو معدًا للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصدًا من ذلك منع حيازته أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانونى وبقى فيها بعد زوال سنده القانونى، وذلك بقصد ارتكاب شئ مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه.

فإذا وقعت الجريمة بالتحايل، أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على سبع سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.

وإذا وقعت الجريمة ليلاً أو باستخدام القوة أو بواسطة كسر أو تسلق من شخص حامل لسلاح أو من 10 أشخاص على الأقل ولو لم يكن معهم سلاح، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
ويعاقب بذات العقوبة المبينة في الفقرة الأولى كل من دخل أحد العقارات المبينة بالفقرة ذاتها وكان قد صدر حكم أو أمر قضائى بتمكين آخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها. وتطبق العقوبة المبينة بالفقرة الثالثة حال توافر الظروف المبينة بها، فإذا ارتكب الفعل ذاته خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ ارتكاب الفعل الأول تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات والغرامة التي لا تقل عن 300 ألف جنيه ولا تزيد على مليونى جنيه.
– القوة في هذه الجريمة هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء ، ولا يشترط استعمالها بالفعل ، بل يكفي أن يكون الجاني قد بدا منه ما يفيد أن في نيته استعمال القوة .
– ويلزم لقيام القصد الجنائي في الجريمة أن يتوافر علم الجاني بأن المكان الذي يدخله في الحيازة الفعلية لشخص آخر ، وأن يرمي إلى منع حيازته بالقوة ويختص بتقديرها قاضى الموضوع وفقا للدلائل والبراهين والقرائن التى يستمدها من اوراق التحقيقات واقوال الشهود وخلافة.

ولقد حرم الاسلام جريمة الاستيلاء على ملك الغير وانتهاك حرمة الغير فلا يجوز الاعتداء على حق الغير ، أرضا كانت أو غيرها ، لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد ( 20172 ) وصححه الألباني في “إرواء الغليل” ( 1459 )

وروى أحمد عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( أَيُّمَا رَجُلٍ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ كَلَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفِرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَ سَبْعِ أَرَضِينَ ، ثُمَّ يُطَوَّقَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (240)

Related posts

Leave a Comment