السيارات الكهربائية: الخيار الناجع للحفاظ على البيئة
في وقت يبدو فيه المستقبل أكثر توجهاً نحو غزو السيارات الكهربائية للطرقات حول العالم، وتبدو حكومات الدول أكثر استعداداً من أي وقت مضى لبذل الجهود اللازمة لتحقيق ذلك الواقع، يطرح المستثمرون تساؤلات مهمة حول أسماء الشركات التي ستسيطر على هذه السوق المستقبلية الضخمة من أساطيل السيارات الكهربائية “معقولة التكلفة” والموجهة للمستهلكين الجدد.
سوق متنامية
بدأت بوادر هذا المشهد بالتشكل بالفعل، حيث تمّ شراء أكثر من 5.6 مليون سيارة ركاب كهربائية حول العالم خلال عام 2021، أي ضعف ما تمّ شراؤه في العام السابق تقريباً، وذلك وفقاً لتقرير حديث صدر عن “بلومبرغ إن إي إف” بالتنسيق مع مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26).
أكثر من أي وقت مضى، تبدو صناعة السيارات اليوم متوجهة نحو “الكهربة” بالفعل، وإن كان ذلك يحدث ببطء، فإنه يحصل بثبات. إذ يتوقَّع بنك “مورغان ستانلي” أن تشكّل السيارات الكهربائية 11.6% من مبيعات السيارات الجديدة عالمياً بحلول 2025، و26% بحلول عام 2030 ارتفاعاً من 2.8% حالياً.
اقرأ أيضاً: ضغوط المستثمرين تسرِّع وصول السيارات الكهربائية
هل يهتزّ عرش “تسلا”؟
خلال مقابلة على “الشرق”، سُئلَ فادي غصن، عضو مجلس إدارة “مجموعة التوكيلات السعودية”، عن توقعاته بشأن الشركات التي ستتصدر قطاع السيارات الكهربائية مستقبلاً، فأجاب بأن “التنبؤ بذلك صعب”. لكنه أردف: “بالطبع “تسلا” لا تزال تتصدر المشهد حتى الآن”.
غير أن ذلك “سيتغير على الأرجح مستقبلاً، حيث سنرى منافسة أكبر من شركات السيارات الكبرى مثل “جنرال موتورز” و”نيسان” و”فولكس واجن” وغيرها، ومن المرجح أن تمتلك جميع هذه الشركات الكبرى حصة مهمة في هذه السوق الضخمة مستقبلاً”، بحسب غصن.
بالفعل، حققت شركة “تسلا” حققت طفرة في أعداد السيارات المسلَّمة للعملاء خلال العام الماضي، إذ سلَّمت 936 ألف سيارة، بزيادة 87% عن العام 2020 الذي كانت فيه التسليمات أقل من نصف مليون سيارة.
المستقبل يميل للخبرة
إلاّ أن البيانات الصادرة عن شركات السيارات، تشير إلى ضخ هائل للاستثمارات الموجهة لتطوير تكنولوجيا البطاريات والتقنيات اللازمة لتقليل سعر السيارات الكهربائية في أقرب وقت ممكن. “وهي جهود تأتي معظمها من شركات تمتلك الخبرة والإمكانيات اللازمة لتقديم سيارات صغيرة معقولة التكلفة في الأسواق”، كما يقول غصن، مُضيفاً أن ذلك يحدث في الوقت الذي لا نرى فيه هذه الخبرة اللازمة لتطوير السيارات الصغيرة قليلة التكلفة متوفرة لدى شركة “تسلا”.
ففي الأشهر القليلة الماضية فقط أعلنت “تويوتا“ أنها تخطط لاستثمار 4 تريليونات ين (35.2 مليار دولار)، وبيع 3.5 مليون سيارة كهربائية قائمة على البطاريات سنوياً بحلول 2030. في حين ستستثمر “نيسان” تريليوني ين (17.6 مليار دولار) لتقديم 15 طرازاً جديداً من السيارات الكهربائية بحيث تشكل الأخيرة أكثر من نصف مبيعاتها من السيارات بحلول نفس العام. بينما قالت “فورد موتور” أنها تتوقع أن تكون ثاني أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم في غضون عامين، وفقاً لرئيسة العمليات بالشركة ليزا دريك.
في معظم المرات يُقدّر المستثمرين هذه الإعلانات، فقد رأينا مثلاً كيف كافأوا إعلان خطة “فورد +” للسيارات الكهربائية، الذي تلاه استمرار ارتفاع أسهم الشركة لمدة شهرين متتالين وفقاً لبيانات “بلومبرغ”.
السباق نحو البطارية الأقل ثمناً
يقول غصن: “تقدّمت شركة “تسلا” في صناعة السيارات الكهربائية لأنها كانت أول من يطور حلولاً تكنولوجية لم تتوصل إليها الشركات الأخرى”. لكن يبدو أن هذا السباق التكنولوجي بات اليوم مفتوحاً على مصراعيه للمنافسة، وهي تتمحور بشكل أو بآخر حول تطوير تكنولوجيا البطاريات اللازمة لتقليل تكلفة السيارات الكهربائية، وبالتالي تحقيق الانتشار.
غصن يلفت إلى أن “أقل سعر لسيارات “تسلا” يبلغ نحو 35 ألف دولار”، وسيكون حتمياً بالنسبة للشركة أن توفر سيارات ذات تكلفة أقل لضمان استمرار توسع حصتها في السوق.
لكن على “تسلا” توقّع الكثير من المنافسة، ففي السنوات الأخيرة، بات ملحوظاً تحوّل معارض السيارات العالمية إلى ساحات عرض لأحدث الابتكارات المبهرة في مجال وسائل النقل كهربائية. كما أنفقت “وول ستريت” مليارات الدولارات على الشركات الناشئة التي تعِد بمستقبل مشرق في المجال.
“ريفيان” و”أودي” و”بي إم دبليو” تتصدر قائمة أفضل المركبات الكهربائية لعام 2021
كذلك، باتت مبيعات السيارات الكهربائية تمثل 20% أو أكثر من إجمالي مبيعات السيارات للعديد من شركات صناعة السيارات الأوروبية، ومن بينها: “فولفو”، و”دايملر”. ويوجد اليوم أكثر من 500 طراز من السيارات الكهربائية والسيارات العاملة على خلايا الوقود في السوق، بينما كان هذا الرقم يبلغ قبل ستة أعوام فقط أقل من 100 طراز.
منافسة غير متوقعة
المنافسة المحتدمة هذه لا تقتصر فقط على شركات السيارات العريقة، حيث رأينا دخول لاعبين جدد مثل “لوسيد” المدعومة من صندوق الاستثمارات العالمة السعودية، و”ريفيان” التي طرحت أسهمها للاكتتاب العام في نوفمبر وارتفعت قيمتها السوقية إلى أكثر من 150 مليار دولار، إلى جانب محاولات لشركات تكنولوجية كبرى لتطوير سيارات كهربائية لتضع يدها بصمتها على هذه السوق، ومن هذه الشركات “أبل” و”غوغل”. كذلك، فقد أعلن مؤخراً الرئيس التنفيذي لشركة “سوني” كينيشيرو يوشيدا عن تأسيس شركة “سوني موبيليتي” المختصة في تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية.
يعلّق غصن على الموضوع: “هذه الشركات الكبيرة سيكون لديها التكنولوجيا التي ستحتاجها شركات السيارات الأخرى”، ويرى أن دور هذه الشركات سيتركز على بيع التقنيات التي تطورها وإبرام صفقات التعاون مع شركات السيارات، ولكنه يستبعد أن نرى سيارات كهربائية منتجة من هذه الشركات تنتشر على الطرقات.
وبالفعل كانت شركة “تسلا” أعلنت عن تطويرها لأحدث جيل من البطاريات الأقل تكلفة مع شركة “باناسونيك” اليابانية.
سوق السيارات الكهربائية
غصن أوضح أن صناعة السيارات حول العالم أضافت حوالي 66 مليون سيارة خلال العام الماضي، ويعتبر السوق الصيني أكبر هذه الأسواق بحوالي 25 مليون سيارة، يليه الأمريكي ومن ثم الأوروبي ثم اليابان، أما سوق السيارات الكهربائية فهي تبلغ حوالي 5.6 مليون سيارة بحصة تبلغ 8% من إجمالي سوق السيارات. ويذكر أن 50% من مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم تستحوذ عليها الصين.