بقلم محمد عادل حبيب
تختلف نظرتنا نحن البشر نحو العلاقات الاجتماعية والصداقات، وهذا أمر طبيعي، فاختلاف البيئة والقيم والتربية والأعراف والطبقات الاجتماعية، تؤثر بطريقة أو بأخرى في تحديد الهدف العام عند إنشاء علاقة ما.
فقد يرغب شخص ما في عقد صداقة معك ليس “لسواد عينيك”، بل لأنك شخص تعوض نقصا ما في شخصيته، كأن يشكو من تقدير متدن لذاته، وبحكم أنك شخصية قيادية قوية، فإن قربه منك سيدفعه إلى تطوير ذاته.
وقد يرغب آخر في صداقتك لأنك شخص “مجتهد” وشخصيتك تتطابق مع القيم الأخلاقية العالية التي يمتلكها، الكرم والعطاء، فيحس أنك تفهمه ويفهمك ويشعر بالارتياح لوجودك.
وقد يطلب أحدهم صداقتك لأنك تمتلك شبكة معارف وعلاقات اجتماعية واسعة، فأنت بالنسبة إليه “لقطة” سيستفيد منك حين يحتاج إليك في واسطة أو منفعة شخصية.
وقس على ذلك معظم العلاقات والصداقات في عالمنا الذي نعيش فيه، فكل شخص ينقصه أمر ما سيبحث عن طرف آخر يعوض هذا النقص، أما الصداقة الحقيقية فستظل شئنا أم أبينا مثل قطعة الألماس النادرة قد تعثر عليها وقد تصاب بخيبة أمل حين تطويك الحياة في مشوارها دون أن تجد ضالتك.
لكن يظل الصديق المصلحجي من أسوأ أنواع الأصدقاء، لأنك حين تكتشفه سيكون قد فات الأوان.
فمما قراءة انا محمد عادل حبيب لجبران خليل جبران، “لا تطلق مسمى صديق على كل عابر يمر في حياتك، حتى لا تقول يوما: الأصدقاء يتغيرون”.
تذكرت هذه المقولة وأنا أتفرج على المعارك الكلامية والتهديدات والفضائح التي تحدث هذه الأيام بين شباب السوشال ميديا، فحين تتفرج على صورهم القديمة حين كانوا “سمنا على عسل” ستندهش كيف انهار ذلك فجأة وتحول كل طرف إلى عدو يحاول الإجهاز على خصمه وكشف المستور وتشويه صورته أمام العامة.
المصلحجي أثناء صداقته لك سيصنع منك بطلا خارقا ويلمع صورتك أمام الآخرين ويتغنى بإنسانيتك وصفاتك الرائعة وعصاميتك وكفاحك المبهر، وسيشعرك بأهميتك حتى تعتقد أنك وجدت الصديق الألماسة الذي قضيت عمرك بحثا عنه، لكن مجرد أن تتعارض مصالحه مع مصالحك، سيسقط القناع وسترى وجهه الحقيقي وستتمنى حينها أنك لم تعرفه.
المصلحجي سيستفزك أمام الآخرين حتى يخرج أسوأ ما فيك من ألفاظ سوقية وردود أفعال حمقاء، ويظهر أخلاقك السيئة الكامنة التي لم تكن تعرفها أنت عن نفسك!.
ما نعيشه هذه الأيام بسبب أشخاص معاينه بصراعاتهم وحروبهم الكلامية وصداقاتهم المصلحجية على السوشال ميديا، جعلنا نؤمن أن أصحاب العقول في راحة.