بقلم: الروائي محمد فتحي المقداد.
المقدمة:
أمرٌ مُهمٌّ لا بدّ منه قبل الولوج إلى عوالم رواية فجر أيلول، من تسليط الضّوء على القضيّة الأرتيريّة، وشعبها الذي كافح الاستعمار الإيطاليّ الأوربيّ، ومن ثمّ الاستعمار الأثيوبيّ (الحبشة) الدولةالأفريقيّة الجارة؛ فبعد الحرب العالميّة الثانيةأصبحت أرتيريا جزءًا من إثيوبيا، بمزاعم لا دليل ولا بُرهان عليها، وهُما قد تحرّر كليْهما من الاحتلال الإيطاليّ. وهذه النُّقطة جديرة بالفهم للقارئ؛ لأّنها الموضوع الأساسيّ للرّواية التي بين أيدينا، وهي (فجر أيلول) للروائي الأرتيريّ (هاشم محمود).
إن إنشاء أرتيريا المعاصرة؛ هو نتيجة لإدماج ممالك مستقلّة؛ مما أدى في النهاية إلى تكوين أرتيريا وهو ما قامت به سلطات الاحتلال الإيطاليّة. وبعد هزيمة الجيش الاستعماري الإيطاليّ في عام 1941، بعد ذلك كانت أريتريا تُدار من قبل الإدارة العسكريّة البريطانيّة حتّى عام 1952.
بعد قرار الجمعيّة العامّة للأمم المُتّحدة في عام 1952، كانت أرتيريا تحكم نفسها بنوع من أنواع الحكم الذّاتيّ ببرلمان أرتيريّ محليّ، أمّا الشّؤون الخارجيّة والدفاع هي من اختصاص حكومة أديس أبابا المركزيّّة؛ فإنّه محتوم على أرتيريا أن تكون ضمن اتّحاد فيدراليّ مع أثيوبيا لمدة 10 سنوات.لكنّه في عام 1962 ألغت أثيوبيا البرلمان الأرتيريّ، وضمّت أرتيريا رسميًّا.لكن الأرتيريين دافعوا عن استقلالهم بوسائلهم المُتاحة، منذ الإطاحة بالإيطاليين في عام 1941، توقعوا ما هو قادم، ثمّ شهد عام 1960 أوّل تأليف لجبهة تحرير أرتيريا بين العمال والطلبة في القاهرة، وانتقل نشاطه في العام التالي إلى المرتفعات الأرتيريّة إثر الانتفاضة التي قادها (حامد إدريس عواتي).
وفي العام 1\سبتمبر أيلول \ 1961 مرحلة الكفاح المسلح. مع بضعة مُقاتلين يحملون بنادق إيطالية عتيقة، وقد تبنّت الجبهة تلك الانتفاضة؛ لتحوّلها في مدى سنوات قليلة إلى ثورة مُسلّحة مُنظّمة؛ تهدف للاستقلال الوطني الكامل عن طريق الكفاح المسلح، وانطلقت الجهود السياسية والدبلوماسية في الخارج، لكسب الدّعم والاعتراف العربيّ والدّوليّ، تأسّست رسميّا جبهة التحرير الأرتيريّة. واختار المؤسّسون المناضل (إدريس محمد آدم) أوّل رئيس للجنة التنفيذية للجبهة. وبالعودة إلى الرواية: (منذ عانق إبراهيم حلمه صار باحثًا عن اللّيل في كلّ صدر، وليلُ إبراهيم لم يعرف الخوف أبدًا، ذلك أنه يراه ليلًا وحيدًا ذا نُسخٍ مُتكرّرة، ولا شمس تصلح لكلّ ليل؛ فاللّيل في هذه البقاع لا يعرف السّواد مُطلقًا؛ لأنّ في جنباته تولد الشّمس، وعذراوات القمر، وفتيان الصّباح) ص11.
ونال التشكيل الدَّعم الكافي من معظم الدّول العربيّة، وعلى الأخصّ سوريّا، التي فتحت مكاتب للحركة، وممثليها، وكانت القضيّة الأرتيريّة تُدرّس ضمن مناهج التّاريخ والتربية القوميّة، إلى جانب قضيّة فلسطين، ولواء الإسكندرون السّليب، والجولان، وعربستان الأهواز.