بقلم -سليم محمود .
الاقتصاد غير الرسمي هو كل الأنشطة أو المشروعات الاقتصادية التي تمارس وتتأسس من دون إشراف أو ضبط الدولة لها، وفقاً للقوانين المتبعة ومن دون إدراج ما تدره من أرباح في إجمالي الناتج المحلي للدولة. حيث إنها تحدث خارج حيز الإقتصاد الرسمي النظامي دون خضوعها اََ للضرائب ولا تراقب من قبل الحكومة ولا تدخل ضمن الناتج القومي.
حيث تعانى الكثير من الدول النامية من كبر حجم القطاع غير الرسمى ، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حجم
القطاع غير الرسمى فى اقتصادات الدول النامية يمثل نسبة مرتفعة تتراوح بين ٣٠-٧٠ %من إجمالى الناتج
القومى لهذه الدول،وفي مصر يمثل أكثر من 50 بالمائة من الإستثمارات. وهو ما يعنى أن نسبة كبيرة من الأنشطة الاقتصادية فى الدول النامية بشكل عام وفي مصر بشكل خاص حيث يتم تشغيل الأنشطة الاقتصادية بمستوى
أقل من المستوى الأمثل للتشغيل وبتكلفة مرتفعة ، وهو ما يحد من الاستفادة من الموارد والطاقات المتاحة لهذه
المنشآت التى تعمل داخل هذا القطاع حيث تتصف معظمها بانخفاض معدلات الإنتاجية ومعدلات جودة المنتج لكون هذه الأنشطة غير مراقبة من أي أجهزة في الدولة.
وذلك نتيجة عدم قدرتها على الاستفادة من الخدمات التمويلية وغير التمويلية المقدمة للقطاع الرسمى وبالتالى يمثل
بقاء هذه المنشآت داخل الإطار غير القانونى عائقاً أمام نموها وزيادة قدرتها التسويقية.
وفى اطار الحاجة الى زيادة موارد الدولة لمقابلة الاحتياجات المتزايدة للانفاق على الخدمات العامة “وتمكين إستراتيجية الإصلاح الإقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كالرعاية الصحية والتعليم وانشاء الطرق وغيرها ” فوجب الامر الى اللجوء الى فرض الضريبة ولكن نظرا
للصعوبات الاقتصادية التى تواجه المجتمع فكان لازاما عدم فرض ضرائب جديدة بل توسيع الوعاء الضريبى
ليشمل القطاعات غير الرسمية التى بلغت نسب كبيرة من حجم الاقتصاد وكذلك لتحقيق العدالة والمنافسة العادلة
بين اطراف العملية الاقتصادية ومن ثم فان التوجيهات المتزايدة الواضحة هو الحديث ايضا عن انشاء سياسات
ضريبية فعالة من اجل خلق بيئة ضريبية جيدة.
والجدير بالذكر إن حجم الإقتصاد الرسمي في مصر بلغ اكثر من 395 مليار دولار اي ما يعادل 2.6 تريليون جنيه.
إن التوسع في هذا الاتجاه غير الرسمي يهدد المنافسة في الأسواق المختلفة. ومن الخطوات الحاسمة في تحقيق إستراتيجية الدمج مشروع قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة يعد خطوة جادة لدمج الاقتصاد غير الرسمي، لما يتضمنه من تسهيلات في التمويل والتراخيص والإعفاءات الضريبية.. ومن ضمن التصريحات الهامة في جهود الدولة لدمج الاقتصاد غير الرسمي هو تصريح مجلس الوزراء بأن معدلات النمو تتصدر قائمة أكبر 30 دولة على مستوى العالم. حيث تساهم مصر بنسبة تصل إلى 83 %من الإقتصاد العالمي 2020 فدمج هذه القطاعات الغير رسمية يعمل على تحسين مواصفات المنتجات الخارجة منها. كما إنه يعمل على زيادة الحصيلة الضريبة لدي الدولة. لزيادتها بمقدار 1.4 تريليون جنيه.
إن دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الاقتصادية الرسمية خطوة لتنمية اقتصاد السوق وتحسين أوضاع أصحاب المشروعات والعاملين بها من خلال الحصول على خدمات البنية الأساسية والائتمان وحزمة الحوافز التي تمنحها الدولة لهم، والاستفادة من مزايا الأسواق الموسعة وتجنب الضغوط التي يتعرضون لها في القطاع غير الرسمي.
ولتشجيع المنتميين للاقتصاد غير الرسمي للانضمام للاقتصاد الرسمي، منح قروض للمشاريع المدمجة، والتوسع في المشروعات من خلال تيسير إجراءات التأسيس، وتخفيض تكاليف التشغيل من خلال وضع نظام ضريبي مبسط للأنشطة التي يتم قيدها مع تبسيط إجراءات تسجيل العمالة وسداد التأمينات الاجتماعية.
والجدير بالذكر إن منذ تفشي أزمة كورونا تراجعت الثقة في الإنتاج المستقبلي إلى مستوى قياسي وسط الإجراءات التى تتخذها الدولة لمكافحة الفيروس فيروس ، ورغم هذا الانهيار لم تشهد الدولة سقوطاً اقتصادياً واجتماعياً، بل اشادت الكثير من المؤسسات العالمية بقوة وصمود الاقتصاد المصرى خلال أزمة “كورونا” الأمر الذي أرجعه العديد من المحللون إلى الدور الذي يلعبه الاقتصاد غير الرسمي فى دفع عجلة الاقتصاد فى تلك الفترة، كما انه يعد بمثابة حائط صد في العديد من الأزمات التي شهدتها الدولة.
- فالأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ساهمت في توليد دخول لقطاعات كبيرة من المصريين مع التباطؤ الاقتصادي الكبير الذي شهدته فى يناير 2011، حيث انضم له منذ 2008 وحتى 2011 حوالى 1.5 مليون عامل جدد، حيث بلغ قيمة الإقتصاد غير الرسمي 4 تريليون جنيه. مما قد يسبب عجز كبير في موازنة الدولة. وهذا يظهر النسبة الكبيرة التي تشغلها تلك القطاعات غير الرسميةولم يكن هذا بالأمر الجديد إذ أن الأنشطة غير المنظمة قانونا قد استحوذت على الجزء الأكبر من الوظائف في مصر في العقدين السابقين.
لذلك يمكن أن نقول ان الإقتصاد غير الرسمي هو اليد الخفية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية. لتحقيق إستراتيجية الإصلاح الإقتصادي وأهداف التنمية المستدامة. وزيادة موارد الدولة.ويأتي تابعا له إنخفاض الأسعار وخفض معدلات البطالة. وزيادة الصادرات وتقليل عجز الموازنة وحصاد التقدم والازدهار في شتى القطاعات.