بقلم : هاجر عبدالله عبدالحكيم.
أعظم الشخصيات في الإسلام، وصاحب أعظم المعارك الفاصلة في التاريخ وهي معركة حطين،و مؤسس الدولة الأيوبية التي تولت قيادة مصر ودول الشام وكذلك اليمن والحجاز، كما يعتبر أيضًا محرر دولة القدس من أيدي الصليبين وبنا جوامع و مدارس و إبتدا بنا قلعة الجبل.
وهو صلاح الدين الايوبي …..
من هو صلاح الدين الأيوبيّ؟
صلاح الدين الأيوبي هو لقب وليس اسمًا له، واسمه الحقيقي هو يوسف بن أيّوب بن شادي بن مروان بن يعقوب الدُّويني، ويُكنّى بأبي المظفّر، ويُلقّب بالملك الناصر، وهو يُعدّ المؤسس للدولة الأيوبيّة، وابن لأسرة كرديّة غنيّة.
“مولد ونشأة صلاح الدين الأيوبي”
وُلد صلاح الدين الأيوبي في تكريت من عائلة كرديةٍ غنيّة كريمة الأصل وعظيمة الشرف، وكان أبوه حاكمًا لقلعة تكريت، وتصادفت ولادة صلاح الدين مع إجبار والده يوسف بن نجم الدين على الخروج من تكريت فأخذه والده مصدرًا للشؤم؛ حتى أن أحدًا من الحضور في مجلسه قال له: (ما يُدريك أن يكون لهذا المولود ملكٌ عظيم له صيت؟!)، فهاجر والد صلاح الدين الأيوبي من تكريت، ونزل في الموصل عند عماد الدين زنكي.
-نشأ صلاح الدين الأيوبي عند عماد الدين زنكي، فتربّى عنده، وتدرَّب على السِّلاح، وتعلَّم ركوب الخيل، كما تعلَّم العديد من اللغة العربيّة وقراءة القرآن الكريم، وحِفْظ الحديث النبويّ الشريف، كما تلقّى صلاح الدين الأيوبي عِلْمه أيضًا من الفقيه علي بن بنت أبي سعد، وأبي طاهر السلفيّ، وسَمِعَ من الطاهر بن عوف .
” تعليم صلاح الدين الايوبي”
صلاح الدين قضى في بعلبك سني طفولته الأولى ، فمـن الطبيعـي أن يختلـف إلى
مكاتب التعليم ليتعلم منها القراءة والكتابة ، ويحفظ القرآن الكريم ، وبالإضافة إلى هذا تعلـم مـن العلمـاء
قواعد اللغة ، ومبادئ النحو كما يتعلم أولاد أمراء المسلمين .
يقـول صـاحب كتـاب طبقـات الشـافعية : ” وسمـع صـلاح الـدين الحـديث مـن الحـافظ أبـي طـاهر
السلفي ، وأبي الطاهر بن عوف ، والشيخ قطب الدين النيسابوري ، وعبد اللّه بن بري النحوي وجماعة
واسـتطرد يقـول : ” وكـان صـلاح الـدين فقيهـا يقـال انـه يحفـظ القـرآن الكـريم ، والتنبيـه في الفقـه ،
والحماسة في الشعر ” .
ما صفات صلاح الدين الأيوبي ؟؟
اتسم القائد صلاح الدين الأيوبي بعدة صفات وخصائص ومن أهمها:
1- كان يتسم القائد صلاح الدين الأيوبي بالشجاعة وتمكن من التصدي للكثير من الحروب، كما كان يحب الجهاد في سبيل الله، ودخل في الكثير من المعارك والغزوات.
2- حاكم عادل وكان يعرف بتسامحه الشديد وتعامله بشكل حسن مع كافة المسلمين والنصارى، كما كان يحب العلم والعلماء ودائمًا ما يسعى لطلب العلم في المجالات المختلفة سواء في الأدب أو اللغة أو الدين.
3- كان دائمًا يحرص على صلاة الجماعة ويتصف بالتقوى والصلاح ويحب القرأن الكريم ويحافظ بشكل مستمر على قراءة الحديث الشريف.
4- ذات قلب رقيق ويخلص دائمًا في جميع أمور دينه وحياته ويصبر على الطاعة، كما كان يعرف بالعقل والحكمة في التصرف في جميع الأمور.
” ابتداء حكم صلاح الدين”
1- حالة مصر الفاطمية :
– كانت مصر قبيل ظهور صلاح الدين نهبا للثورات الداخليـة والمنازعـات مـا بـين الطوائـف المختلفة مـن مماليـك أتـراك وسـودانيين ومغاربـة ، وكانت الأوبئـة تغشـاها وتنـهك مـن قواهـا ، وكانت اغتيالات الخلفاء والوزراء تدبر بأشكال مختلفة ومتنوعة ، فالخليفة الفاطمي أصبح لا يمثـل شـيئًا إنمـا الأمـر بيـد المتغلـبين مـن الـوزراء والقـواد ، وكـم جـرت مـذابح ومعـارك مـن أجـل الـوزارة في الخلافـة الفاطميـة ! ولم تسـتقر الحالـة إلا بتوليـة (طلائـع بـن رازِّيـك ) للوزارة سنة ٥٤٩هـ ولكنه ما إن قتل سنة ( ٥٥٨ – هـ ١١٦٣ م ) وتولى ابنه ( رازِّيك بن طلائـع ) حتـى عادت الفوضى من جديد من نور الدين محمود ، وملك بيت المقدس أموري الصلي بي ينظر إلى مصر نظرة خاصـة وكان كلويود ضمها إليه لتعزيز جانبه ، ولا يمنع كلا منهما عـن احتلالهـا إلا خوفـه مـن الآخـر ، وكانت الخلافـات الداخلية من أجل الوزارة الفاطمية موجبة لتدخل كل من نور الدين وأموري في السياسة المصرية ، وباعثة بهما إلى النزاع من أجل مصر .
٢ – ثورة شاور السعدي :
– عندما انتصب رازيك بن طلائع وزيرا للخلافة الفاطمية ثار ضده شـاور ابـن مجـير السـعدي الـوالي على مصر العليا ، واستطاع أن يتغلب على رازِّيك ويقتله ، ليصبح هو وزيرا للخليفه مكانه ، وذلك في المحرم سنة ( ٥٥٨ – هـ ١١٦٣ م ) .
” صلاح الدين في مصر “
وتخوّف نور الدين زنكي من تزايد قوة تابعه صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على فتور أصلاً منذ أن تولّى صلاح الدين الحكم في مصر. بدأ هذا التوتر في العلاقة يظهر عندما تأخر صلاح الدين في الخطبة للخليفة العباسي في بغداد، حتى هدده نور الدين بالمسير إليه، وظهر أيضًا عندما أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال: “أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد”.
-ازداد الخلاف بينهما في سنة 567 هـ، الموافقة سنة 1172م، حتى أصبح وحشةً، وذلك عندما اتفقا على حصار قلعتيّ الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن، ورجع صلاح الدين إلى مصر، قبل أن يلتقي بنور الدين، خوفًا من أن يعزله الأخير عن مصر، وأن تؤدي السيطرة على القلعتين إلى فتح الطريق أمام نور الدين إلى القاهرة، فانسحب صلاح الدين متذرعًا بالأوضاع الخطيرة في مصر، فعظم الأمر على نور الدين، حتى قرر المسير إلى مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربيه وشاورهم بالأمر فمنهم من نصح بمقاتلة نور الدين إلا أن والده وخاله منعوه من ذلك وطالبه والده بإرسال رسائل الاعتذار والتبرير لنور الدين، لكن نور الدين لم يقتنع بأي من تلك التبريرات، وعزم على تسيير حملة إلى مصر لخلع صلاح الدين في أقرب فرصة متاحة.
صلاح الدين في الشام
1-الحالة في الشام بعد وفاة نور الدين :
توفي نور الدين وترك ملكه إلى ولده الملك الصالح إسماعيل ، ولم يكن يبلغ من العمر حينذاك إلا الحادية عشرة ، فتولى وصـايته وتـدبير ملكـه شمـس الـدين ابـن المقـدم ، فأخـذ الأمـراء النوريـون في الشـام يتنافسون ، كل منهم يعمل على إضعاف الآخر ، والكيد له ، والإيقـاع بـه ، والملـك الصـغير لا يـدري مـن الأمـر شـيئًا ـ، بـل كـان ألعوبـة في يـد أولئـك الأمـراء الـذين كـانو يتصـارعون للوصـول إلى الحكـم ، وتحقيـق مآربهم الشخصية .
نهض سيف الدين ابن عم الملك الصالح ، وصاحب الموصل ، واسـتولى علـى مـا كـان لنـور الـدينمن البلاد في أرض الجزيرة وركن الأمراء الآخرون إلى الاستقلال بمـا في أيـديهم مـن الولايـات ، ولجـأ الـبعض الآخر إلى مهادنة الفرنج ليتقووا بهم ضد الأمراء الآخرين ،، وهكذا وصلت البلاد إلى حالة يرثى لها مـن التفرق والانقسام والصراع على الحكم ، وكأن الأقدار هيأت صلاح الدين لينقذ الـبلاد مـن هـذا الانقسـام الشائن والتفرقة الممقوتة .
٢ – مراسلة الدمشقيين لصلاح الدين :
كان صلاح الـدين علـى علـم بمـا يجـري في بـلاد الشـام مـن فوضـى وصـراع وقلاقـل ، وكـان يرقـب الأحداث مراقبة دقيقة ، كان ينتظر الفرصة الملائمة للتدخل ، وكان من سياسته أن لا يـثير غضـب أهـلالشام عليه فى تدخل غير ملائم خشية أن يقفوا ضده ، ويعرقلوا أعماله ، ولهذا كان على الدوام يكتـب إلى الملك الصالح إسماعيل فيظهر له خضوعه وولاءه ، فضـرب النقـود باسمـه ، وخطـب لـه علـى المنـبر ، وبالتالي أظهر للشاميين شدة خوفه على مصالح الملك الصغير ابن سيده وأستاذه وصاحب نعمته .
2-توجه صلاح الدين إلى دمشق :
ما كان لصلاح الدين أن يتمنى أكثر من هذه الدعوة لتكون مبررا لـه عنـد أهـل الشـام في تدخلـه في شؤون البلاد ، فلم يتأخر لحظة واحدة ، بـل أسـرع بالمسـير ، فـاخترق الصـحراء دون أن يكـترث بوجـود الفرنج بينه وبين دمشق ثقةً باللّه وبنفسه ، واعتمادا منه على قوته .ترك صلاح الدين مصر فوصل بصرى وقابله أميرها بالترحاب والتكريم ، وبعدها رحل إلى دمشق فوصلها في شهر ربيع الأول عام ٥٧٠ – هـ ١١٧٤ م ودخل دار أبيه وجلس فيها قليلًا حتى سلالقلعة ، فذهب إليها واستولى على ما فيها من الأموال والكنوز ، ولم يفكـر صـلاح الـدين في يـوم مـن الأيـام أن يجعل السلطة أداة استغلال لجمع الأموال وتكديس الثروات ، والانغماس في الـترف والنعـيم ، بـل عـاش عيشة الكفاف .
-ولكن ماذا فعل صلاح الدين بهذه الأموال والكنوز التي حصـل عليهـا وأصـبحت في حوزتـه ؟
إنه وزعها على الفقراء والمستحقين ليحقق مبادئ العدالة الاجتماعية ، ويقضي على الجهـل والفقـر والمرض .. بما يتفق مع عدل الإسلام وتعاليم القرآن .ولقد خرجت الوفود الشعبية في مواكبها الفخمة تعبر عن فرحتها الكبرى ابتهاجا بدخول من تعقدعليه الآمال العريضة في توحيد البلاد ، وتحرير بيت المقدس ،وترسيخ الكيان الإسلامي في العالم كله.
” لحظه وفاة صلاح الدين “
قال ابن شداد وصلني كتاب صلاح الدين إلى القدس يستدعيني لخدمته وكان شتاء شديدا ووحلا عظيما فخرجت من القدس في يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرم سنة 589هـ وكان الوصول إلى دمشق في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر من السنة وركب السلطان لملتقى الحاج يوم الجمعة خامس عشر صفر وكان ذلك آخر ركوبه، ولما كان ليلة السبت وجد كسلا عظيما وما تنصف الليل حتى غشيته حمى صفراوية وكانت في باطنه أكثر منها في ظاهره وأصبح يوم السبت متكاسلا عليه أثر الحمى ولم يظهر ذلك للناس لكن حضرت عنده أنا والقاضي الفاضل ودخل ولده الملك الأفضل وطال جلوسنا عنده وأخذ ي،شكو قلقه في الليل وطاب له الحديث إلى قريب الظهر ثم انصرفنا وقلوبنا عنده …..
وأنشد بن شداد في آخر السيرة بيت أبى تمام الطائي وهو:
ثم انقضت تلك السنون* * *وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام.
ثم توفي بدمشق في سوريا سنه 4 مارس 1193م.