بقلم – سيد الشامى
نحن كمواطنين وبغض النظر عن المستوى الإجتماعى سواء كنا أغنياء أو فقراء موظفين أو أصحاب حرفة ،عمال أو مزارعين نحتاج دائما وبصفة مستمرة بالذهاب للمصالح الحكومية التي تقوم بتقديم الخدمة للمواطنين لإتمام المعاملات التي تخصنا والضرورية لحياتنا اليومية سواء من الناحية القانونية أو المادية أو الخدمية ومن أهم المصالح الحومية التي نتعامل معها بشكل مستمر على سبيل المثال الوحدات المحلية والكهرباء والرى والزراعة والتي تقدم خدماتها بواسطة موظفين معينين حسب أحكام القانون ويتقاضون رواتبهم مقابل الأعمال التي ينجزونها والخدمات التي يقدمونها .
فتذهب أحيانا لإحدى هذه المصالح تاركا ما ورائك من أعمال لانجاز معاملة تهمك أو تهم احد أفراد أسرتك فيستقبلك موظف بابتسامة ، ودماثة ، وخلق رفيع ، وكلام مهذب وجواب رقيق يلين له الحديد ، وأحيانا يُسكن كل غضب بداخلك أو سخط بسبب تأخير أو إهمال في انجاز معاملتك ، فتصبح فجأة منقاد لهذا الموظف ومستمعا لتعليماته حتى لو كان فيها مماطلة أو تأخير لما تجده من طيب معاملة و حسن استقبال وتخرج راضي النفس بغض النظر عن ما تم على فى ضاء مصلحتك .
وتحس بقيمتك كمواطن ويصدق المثل القائل ( لاقيني ولا تغديني) وهذا النموذج الأول من الموظفين متوفر في مصالحنا الحكومية ولكن قليلة جدا .
وتتعامل أحيانا مع نموذج من الموظفين مختلفا تماما عن النموذج الأول فتجده سيء التعامل متقلب المزاج عابس الوجه لا يعيرك الانتباه ويتجاهل الكثير من استفساراتك ويمنّ عليك إذا طلبت منه تقديم الخدمة التي من واجبه تقديمها ، ويفاجئك بردود لا تصدر عن موظف حكومي يرغب في العمل أو يراعي ظروف البشر .
وعندما تتعامل مع هذا النموذج الذي نأسف لوجوده في مصالحنا ودواويننا الحكومية ينتابك الشعور بالغضب والاستهجان والاستغراب ويصيبك الإحباط وتحس بأن المواطن شخص مكروه ولا قيمة ولا كرامة له وكأنه متطفل أو شحات أو يطلب شىء خاص من هذا النموذج السيئ من مقدمي الخدمة العامة .
فتجد نفسك تعطلة عن تناول كوب الشاى أو فنجان القهوة مع أخر سيجارة من علبة السجائر الأولى أو تقطع عليه نصف ساعة من الحديث المتواصل في الموبايل أو تزعج ضيوفه الأعزاء الجالسين بمكتبه فتكون في هذه الحالة بين نوعين من الناس:
النوع الأول : أن تكون واسع الصدر كثير الصبر فتتحمل سوء المعاملة لانجاز معاملك وتقف ساعات طويلة أمام مكتب هذا الموظف حتى يفرغ من أعماله المهمة من شرب القهوة ومحادثة أصحابه وبعد طول أنتظار يجبك بأن تعود في يوم أخر لانجاز هذه المعاملة التي لا تحتاج إلا لبضع دقائق .
أو أن تكون من النوع الثاني من الناس سريع الغضب وقليل الصبر فتبدأ بالصراخ والشكوى وقد يصل الأمر إلى السباب والتشابك بالأيدي وغيرها من الأمور التي لا نتمنى أن نراها أبدا في مؤسساتنا الحكومية .
ربما الكثير منا كمواطنين قد مرّ بإحدى التجربتين أو بكلاهما معا فخرج راضيا من الموظف أو خرج ساخطا عليه ولاحظ الفرق الكبير بين النموذجين في الأداء والانجاز والسمعة وتناوبت عليه مشاعر السعادة والغضب فأي النموذجين نريد؟ الجواب معروف للجميع .
لكل منا كمواطنين من موظفين وغيرهم حقوق وواجبات فلا يجوز التجاوز على هذه الحقوق أو التقصير في هذه الواجبات لأننا كلنا مسئولون أمام الله أولا وأمام المجتمع ثانيا وأمام ضمائرنا التي يجب أن تكون حية تنبض بالحب والعطاء قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ).
وهذا الواجب يقع على عاتقنا جميعا كمسئولين ومواطنين ، فالمسئول أو الموظف يجب أن يخاف الله في ما ائتمن عليه فيقوم بواجبه على أكمل وجه وان يتمتع بحسن الخلق والمعاملة فالدين المعاملة ، والمواطن يقع على عاتقه احترام الموظف وتقدير ظروفه فى حدود المعقول والمتعارف عليه فحتى تطاع اطلب المستطاع وفي كل يوم نسمع ونرى أفعال وتوجيهات رئيس الجمهورية لكل مؤسسات ودوائر الدولة بتقديم أفضل الخدمات للمواطنين ورعاية مصالحهم وسرعة انجاز أعمالهم وحسن التعامل معهم بما يرضي الله .
إن ما نتمناه على الجهات الحكومية أن تعمل على جعل النموذج الأول من الموظفين هو السائد من خلال وضع الضوابط والقيم التي تحدد السلوك الوظيفي وتضع المعايير الأخلاقية التي يجب على الموظف العام أن يتقيد بها والرقابة على تطبيقها والعمل على تشجيع الموظفين في العمل والتفرغ للعمل الوظيفي وخاصة فى أوقات العمل الرسمية والمحافظة على المال العام التمتع باللباقة في التعامل مع الآخرين وذلك يتأتى من خلال توعية موظفي الدولة بأخلاقيات الوظيفة التي يتقلدها وعقد الدورات التوعوية في كيفية تقديم الخدمة العامة وفن التعامل مع الجمهور .