بقلم د. طـارق رضـوان
“قيصـر الأدب”
نُقل عن سلفنا الصالح قولهم (العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك) وهذه قاعدة مَسلكية في دنيا المعرفة تنطبق على كل علم وفن وصنعة. ولهذا أشتُهر عن كبار رجالات العلوم والمعرفة في القديم والحديث تفرغهم الكامل للتَّبتُّل والانطواء لاكتساب المعرفة ونقلها.
إذا كانت الحكمة قديمة تقول (من عاش بالسيف مات به) وما دمنا نحن الان في وارد الحديث عن العلم والعلماء والأدب والأدباء والفن والفنانين والسياسة والزعماء، فيمكنا تحوير تلك الحكمة لتصبح (من عاش بالعلم…. مات به). يُقال إن الكيميائي الألماني أوجست كيكولي الذي اشتُهر في دنيا العلم بحلمه الشهير عن تركيب جزئي البنزين، ذكر أن أستاذه الكيميائي جوستاس ليبيج قال له (إذا أردت أن تكون كيميائياً مبدعاً فيجب أن تخرب صحتك وإن الذي لا يضحي بصحته لن يذهب بعيدا في علم الكيمياء). عبر التاريخ لقي المئات من العلماء والباحثين نهايتهم المأساوية كنتيجة غير متوقعة من نتائج تجاربهم العلمية فبعضهم قتل في انفجار تجربة وبعضهم تعرض للتسمم الكيميائي في حين حصدت الإشعاعات الفيزيائية أرواح البعض، بينما أتلفت العدوى والأمراض البكتيرية والفيروسية حياة البعض. من ذلك مثلا أن الانفجارات والحرائق المشتعلة أثناء التجارب العلمية أودت بحياة الكيميائي الأمريكي روجر جريفن والكيميائي البريطاني تشارلز مانسيفيلد والكيميائية الروسية فيرا بوبوفا. وبنفس درجة المأساة توفي الفيزيائي الكندي لويس سلتون والعالم الأمريكي سيسل كيلي وعالم الفيزياء الأمريكي هاري داغليان حيث أن كلا منهم توفي أثناء تعرضه في المختبر لجرعة عالية وقاتلة من الاشعاعات الذرية.
الموت على العلماء حق في المختبر أو في الفراش الوثير ومع ذلك موت الفجأة في مختبر كيميائي يثير أحيانا الشك والريبية ولذلك حاول البعض تفسير موت الكيميائي جليبرت لويس المفاجئ في المختبر بأنه ربما تعرض لحالة اختناق بالغازات السامة من إحدى التجارب الكيميائية التي كان يستخدم فيها مركبات السيانيد وإن كان البعض كذلك يشير لوجود شبه انتحار متعمد بسبب ظروف نفسيه كان يمر بها. ولهذا لا غرابة أن نجد على نفس النَّسق أن البعض يحاول كذلك تفسير الموت المفاجئ في المختبر للكيميائي السويدي كارل شيله مكتشف عنصر الأوكسجين الذي توفي وهو في سن 43 بأنه من المحتمل راجع لتسممه بجرعة زائدة من مركبات الزئبق. حيث وُجِد شيله مطروحا على طاولة التجارب وسط عدد كبير من القوارير الكيميائية وتجدر الإشارة إلى أنه كان من عادته تذوق المواد الكيميائية التي ينتجها وهذا قد يفسر سبب التسمم والوفاة المفاجأة.
أما أخبار العلماء الذين انتحروا ليس في سبيل العلم ولكن (بسبب) العلم فأكثر من أن نستطيع سردها هنا وأغلبها تعود لحالة الإحباط والاكتئاب التي قد تصيب العالم أو المكتشف والمخترع (كما تصيب الشخص العادي) عندما يفشل أو يتعرض للإهانة البالغة أو الاهمال وعدم التقدير. في أوائل القرن التاسع عشر كان عالم الكيمياء الألماني وليم زيمرمان أحد أبرز علماء الكيمياء في جامعة غيسن ولكن مكانته العلمية تلاشت عندما قدم لهذه الجامعة الكيميائي الابرز الشاب جوستوس ليبيغ الذي خطف الأضواء والشهرة منه وعندما طلب زيمرمان منحة مالية من الجامعة للعمل بالخارج رُفض طلبه فأحس بالفشل والإحباط مما ادى به إلى الانتحار بإغراق نفسه في النهر.
الغريب في الأمر أن بعض العلماء يكون سبب انتحاره عدم مقدرته على الاستمرار في التميز العلمي وبالتالي المحافظة على المكانة العلمية المرموقة التي وصل لها، وخير مثال لذلك عالم الكيمياء العضوية الألماني فيكتور ماير الذي وصل لرتبة أستاذ professor وهو بعد في سن 24 وعمل بأعرق الجامعات الألمانية حيث كان بدون منازع من أشهر وأهم علماء الكيمياء في نهاية القرن التاسع عشر. ومع ذلك عندما تقدم في العمر وأصيب بضعف الذاكرة وانعدام القدرة على التركيز الذهني نتج عن ذلك اصابته بحالة نفسية حادة قادته في نهاية المطاف أنْ توجه في إحدى الليالي إلى مختبره العلمي ليُنهي حياته بتناول سم السيانيد.
الفناء في العلم واستغراق الأوقات في تحصيله والحياة معه والموت في صحبته مصير (عشاق العلوم) وهم قلة في هذا الزمن، أما حال أغلبية العلماء والباحثين فالعديد منهم يمارس العلم كوظيفة ومهنة وبالتالي هو بعد سن التقاعد سوف يموت قرير العين في فراشه الوثير وليس في مختبره العلمي كحال رواد العلوم الذين عاشوا وماتوا للعلم.
من بين العلماء الذين انتهت حياتهم على يد العلم بيير وماري كوري والجدير بالذكر انها اول سيدة تحصل على جائزة نوبل ولم تحصل عليها مرة واحدة فقط ولكن حصلت عليها مرتين في المجالين الفيزياء والكيمياء … فقد الزوجان حياتهم عن طريق العناصر المشعة التي ظلوا سنوات مقيمين في المعمل معاها من اجل اكتشافها كمثل ” الراديوم ، البولونيوم ” … انتهت حياتهم بعد ان اصابتهم هذه العناصر بحالة من ” فقر الدم اللاتنسجي ” وبذلك انتهى حياتهم على يد العلم.
بالطبع جميعنا نسمع اسم الجاحظ فهو على رأس جميع العلماء والادباء … ظهر الجاحظ في العصر العباسي وهو واحد من اهم واكبر الادباء في العالم … كان الجاحظ منذ طفولته محب كثيرا للاطلاع والقراءة والبحث في العلوم كان معظم وقته يقضيه بين الاوراق. أما عن وفاته فلقد توفى اثر شغفه وحبه الكبير للعلم فعندما كان جالس بين كتبه فجاءة سقط على راسه رف الكتب الذي كان به مئات الكتب مما ادى بحياته بعد ان تساقطت جميع الكتب على رأسه وتوفى الجاحظ وسط علمه .
ومن بين العلماء الذين انهى العلم بحياتهم هيباتيا … هيباتيا هي عبارة عن فيلسوفة كانت متخصصة في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة … تعتبر هيباتيا اول امرأة تدخل مجال الرياضة . فكانت متخصصة في كل من الفلسلفة و علم الفلك هذا بالاضافة الى معرفتها وعلمها الواسع في تحصيل كل العلوم المعاصرة … كان لديها قدرة فائقة على الوقوف امام قضاة المدينة وحكامها ومجادلتهم … التف العديد من سكان المدينة حول هيباتيا وقدروها جدا واحترموها ولكن ثار ضددها الكهنة الذين كانوا يرفضون فلسفتها ومجادلتها ويجدون بها اهانة لديانتهم وقاموا بتهديدها اكثر من مرة بالقتل ولكن لم تتراجع للحظة عن علمها وفلسفتها ولكن انتهى الامر باهدار دمها على يد هؤلاء الكهنة بأبشع الطرق فلقد قطعوا الطريق عليها وجردوها من ملابسها ثم قتلوها وقاموا بتقطيع جسدها الى اجزاء والقوها في شوارع المدينة .
من بين العلماء الذين توفوا على يد العلم العالم الروسي ” الكسندر بوجاندوف”متخصص في مجال الفيزياء و الفلسفة والطب هذا بالاضافة الى براعتة في كتابة قصص الخيال العلمي …توفى هذا العلم بعد ان تم حقنه لا نعلم عن طريق الخطأ ام بالقصد بأحدى دماء المرضى الذين كان دمهم محمل بمرض الملاريا .
على رأس العلماء الذي اهدرت حياتهم بسبب علمهم العالم الامريكي الجنسية ” ويليام بولوك ” كان هذا العالم يعشق كثيرا قراءة الكتب العلمية وتوصل في عام 1863 ميلاديا الى اخترع الطابعة الدوّارة … وانتهت حياته حين كان يقوم بتصليح هذه الطابعة حين سُحقت رجله تحت الطابعة فاصيب بمرض الغرغرينا ومن ثم توفى على الفور .
الـزعماء والرؤسـاء
أدولف هتلر تولى أدولف هتلر حكم ألمانيافي الفترة ما بين عامي 1933 و1945. واختارته مجلة تايم واحدًا من بين مائة شخصية تركت أكبر الأثر في تاريخ البشرية في القرن العشرين، وباعتباره واحدًا من المحاربين القدامى الذين تقلدوا الأوسمة تقديرًا لجهودهم في الحرب العالمية الأولئ بجانب ألمانيا. تزوج هتلر من عشيقته إيفا براون بعد قصة حب طويلة. وبعد أقل من يومين، انتحرالعشيقان. مات المستشار الألماني أدولف هتلرفي 30 أبريل 1945 منتحرا عن طريق تناول مادة السيانيد السامة وإطلاق النار على نفسه.
الملك فاروق آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من الأسرة العلوية. استمر حكمه مدة ستة عشر سنة إلى أن اطاح به تنظيم الضباط الاحرارفي ثورة 23 يوليوو اجبره على التنازل عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة شهور والذي ما لبث أن خلع في 18 يونيو 1953 بتحويل مصرمن ملكية إلى جمهورية. . بعد تنازله عن العرش أقام في منفاه بروما، وكان يزور منها سويسرا وفرنسا، وذلك إلى أن توفي مقتول في ظروف غامضة بروما في 18 مارس 1965.
محمد أنور السادات رئيس لجمهورية مصر العربية في الفترة من 28 سبتمبر 1970وحتى 6 أكتوبر 1981، تم اغتياله في عرض عسكري كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بالاغتيال خالد الإسلامبولي وحسين عباس وعطا طايل وعبد الحميد عبد السلام التابعين لمنظمة الجهاد الإسلامي التي كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث قاموا بإطلاق الرصاص علي الرئيس السادات.
معمر القدافي المعروف باسم العقيد القذافي. كان سياسياً وثورياً ليبياً. وفي واقع الأمر كان من يحكم ليبيا لأكثر من 42 سنة. قتل القذافي من جانب مقاتلي جيش التحرير الوطني وأذنت لانتهاء فترة حكم امتدت لأثنين وأربعين عاماً وهي الأطول في تاريخ ليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية سنة1551. وأطول فترة حكم لحاكم غير ملكي.
صدام حسين هو رئيس جمهورية العراق مابين عام 1979 وعام 2003 ولد صدام حسين في قرية العوجة شمالي العاصمة العراقية بغداد في 28 نيسان من سنة 1937 واعدم في 30 كانون الاول من سنة 2006
الأدباء والفنانين
يبدو أن أضواء الشهرة ما هى إلا خدعة لحياة ليست بالضرورة سعيدة والمفارقة أن هذه النهايات المأساوية تطول دائما الفنانين الكوميديانات: أشهر النهايات الحزينة للفنانين.. الفنان عبد الفتاح القصرى أصيب بالعمى على المسرح وتوفى بغرفة تحت السلم.. سيد زيان عانى من جلطة أفقدته الحركة 11 عاما.. ميمى شكيب قتلت فى ظروف غامضة بعد اتهامها فى قضية دعارة.
الفنان إسماعيل ياسين “أبو ضحكة جنان” الذى طالما أسعد جمهوره من خلال أعماله ورسم البسمة على وجوه الجميع ،”سمعة” استطاع أن يحفر اسمه بحروف من ذهب كأفضل فنانى الكوميديا فى تاريخ السينما المصرية. ، ولم يكن أحد يتخيل يوماً أن المأساة والمعاناة هى عنوان نهاية هذا النجم الكوميدى، الذى عاش فى آخر أيامه حزيناً ومفلساً بعد تراكم الضرائب عليه ومطالبة الحكومة له بسدادها، مما اضطره لتصفية فرقته المسرحية، وبيع العمارة التى كان يمتلكها وأصيب بأمراض القلب حتى فارق الحياة فى عام 1972 بعد إصابته بأزمة قلبية حادة.
الفنانة وداد حمدى والتى اشتهرت بتقديم أداور الخادمة خفيفة الظل فى السينما المصرية، ولها أكثر من 600 عمل مسرحى وسينمائى وشهدت حياتها ثلاث زيجات من محمد الموجى ومحمد الطوخى وصلاح قابيل، وتوفيت غدرا فى عام 1994، بعدما قام الريجيسير “متى باسيليوس” بطعنها بالسكين عدة مرات، بدافع السرقة ولم يجد فى شقتها سوى بعض الجنيهات القليلة، وتم الحكم عليه بالإعدام.
الفنان عبد السلام النابلسى أو الكونت دى نابلوز، وهو اللقب الذى منحه لنفسه، حيث أعلن إفلاسه بعدما أشهر بنك انترا فى بيروت إفلاسه والذى كان يضع فيه كل أمواله، وعانى بعدها بالآلام مبرحة فى القلب حتى أنه أمتنع عن الطعام قبل أن يتوفى بيومين.
وما لبث يونس شلبى حتى أصيب بأمراض القلب والسكر وأجرى عملية قلب مفتوح وظل ملازماً الفراش لسنوات حتى اضطر إلى بيع كل ما يملكه لينفق على تكاليف علاجه وكان يشكو من تجاهل زملائه فى الوسط الفنى حتى أن زوجته طالبت الحكومة بمعالجته على نفقة الدولة، حتى توفى عام 2007 ودفن بالمنصورة، حتى أن جنازته خلت من نجوم الوسط الفنى الذين شاركوه النجاح وقت سطوع نجمه.
وفي موكب «غير مهيب» لم يرق لمكانة النجمة الراحلة نجاح حفيظ، شيعت صاحبة شخصية «فطوم حيص بيص» إلى مثواها الأخير بحضور خجول ومتواضع. لم يشفع التاريخ الكبير والغني والمشع للراحلة كي يتنازل زملاؤها لوداعها الوداع الأخير، فاكتفوا بعبارات الرثاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرون نسوا أو تناسوا الموضوع برمته في زمن قلة الوفاء وعدم الإخلاص.
موليير(1725-1783) كان يمثل دورا في إحدى مسرحياته. الدور هو أن يتظاهر بالمرض فظل يسعل و ينزف. و عندما أسدل الستار مات. المسرحية أسمها المريض بالوهم !
الشاعر البريطاني شيللي (1792-1822) مات غرقا. و عندما أحرقوا جثته، لم يحترق قلبه. فحملته زوجته معها في كل مكان !
الأديب الأنجليزي أرنولد بنيت (1867-1931) مات بحمى التيفود بعد أن شرب كوبا من ماء نهرالسين ليدلل على أنها مياه نقية صحية !
والفيلسوف العظيم أرسطو (384-322 ق.م) ألقى بنفسه في البحر، عندما عجز عن تفسير سبب التيارات البحرية و لماذا تتغير في اليوم الواحد عشرين مرة !
و الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (1561-1626) كان يحشو الحيوانات الميتة بالجليد، لكي يعرف كم من الوقت تبقى هذه الحيوانات بلا عفونة.. فمات من شدة البرد !
ناظم الغزالي (1921 – 1963)
الصوت العراقي الشجي والشاهق، والذي تشعر بين قراره وجوابه بجريان دجلة والفرات، ويعتبر أحد المطورين في الأغنية العراقية وإيقاعاتها الموسيقية. ومازالت وسائل الإعلام وبعض المصادر تؤكد بين فينة وأخرى أنه توفي مسموماً.
بيتهوفن (1770- 1827)
هو أحد عباقرة الموسيقى، ألف 9 سيمفونيات و5 مقطوعات على البيانو، فقد سمعه، حيث كان يعاني من التهابات في الأذن ويقال إنه ألف السيمفونية التاسعة من دون أن يسمع منها شيئاً، ومر في فترة من فترات حياته بمشاكل عائلية وظروف عصيبة، حيث كان يتولى العناية بأخيه المصاب بالسل، كما دخل في عدد من قصص الحب مع فتيات ينتمين إلى طبقة أعلى منه، إحداهن اسمها “جوليتا” أهداها “سوناتة بيانو” عرفت باسم “ضوء القمر”، توفي بيتهوفن في 26 آذار/ مارس 1827 مسموماً بكمية عالية من الرصاص، ووجهت تهمة القتل غير العمد إلى الطبيب فوفروخ.
بروس لي (1940 – 1973)
الممثل الأشهر في العالم بأفلام الفنون القتالية صيني الأصل أميركي الجنسية، يلقبه محبوه بـ”التنين الصغير”، يشاع أن “بروس لي” مات مسموماً لأحقاد شخصية تعرض لها من قبل منافسيه، وظهر أثر السم على أجزاء من جسمه.
إنه زمن العجائب.. زمن قل فيه الصدق وكثر فيه الكذب والخداع، زمن قل فيه الوفاء وكثر الخائنون، زمن العقوق والمصالح. الغائبون سيختلقون لأنفسهم ألف عذر وعذر ليقنعوا أنفسهم أنهم فعلوا الصواب.. لكنهم أبعد ما يكونون عنه.