كتب- محمد عيد ..
معظمنا لا يعلم عن القدماء المصريين سوى ابداعهم فى فن العمارة والهندسة المعمارية ، الذى أظهر فيه المصريون القدماء تمييز غير مسبوق جعل العالم بأكمله يقف تعظيما و اجلالا لهذه العبقريه السابقه لعصرها بكثير . لكن يجب أن نعلم مصدر تلك العبقرية فلا يوجد ابداع بدون سبب ، فلابد أنه كانت هناك ارض خصبة لتنمو فيها تلك العبقرية ، وهذه الأرض أو البيئة بمعنى اصح تتمثل فى الأدب المصرى القديم الذى نمى العقل ..
ويسأل سأل هل كان المصريون القدماء يعرفون شيئا عن الأدب كما نعرف نحن الآن ؟! الإجابة وبكل ارتياحية و فخر ، نعم فإن ادب اى شعب هو المرأة التى تعكس لنا عقليته و امانيه .
اتجاه أنظار العلماء نحو الادب المصرى القديم :
فى عام 1924م نشر العالم الألماني (ادولف ارمان ) مقال شهير عن بردية (امنيؤوبى ) ، ولقد استطاع أن يدهش العالم أجمع ويلفت أنظارهم إلى هذا الابداع الفريد من نوعه الذى قدمه المصريون القدماء ، ولقد أثبت فى هذا المقال أن هذة البردية ( امنيؤوبى) هى اصل سفر الامثال المنسوبة إلى النبى سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام .
وقسم العلماء الادب المصرى القديم الى اربعة أقسام هما :
١- الاساطير الدينية. ٢- القصص.
٣- الاناشيد و الاغاني. ٤- الحكم و النصائح.
وسنضرب مثال من امثلة الحكم والنصائح كمثال على الأدب المصرى القديم وهذا المثال هو
= نصائح بتاح حتب :
كانت كتب الحكم و النصائح من احب الاشياء الى قلوب المصريين القدماء في جميع أدوار تاريخهم وكانت فى أغلب الحالات تكتب على لسان اب ينصح ابنه ، ويعلمه كيف يدير شؤون حياته كى يصل إلى اعلى المراتب …
بردية ( نصائح بتاح حتب ) الذى كان وزيراً للملك “جد كار ع اسيسى ” من ملوك الأسرة الخامسة ، الذى عاش حوالى عام ٢٣٨٠ ق.م .
نقرأ فى مقدمة هذه البردية أنها كتبت لان الوزير احس باقتراب الشيخوخة حيث بدأت بشئرها تظهر عليه . ويطلب الوزير من سيده أن يأمر بأن تكون له عصا للشيخوخة ، وذلك بتعيين ابنه فى وظيفته فأجاب الملك سؤله و أمره بأن يعلمه حتى يكون مثالا لأبناء العظماء .
وسنعرض مقتطفات بسيطه من هذه النصائح و التى يبدؤها بتحذير أولئك الذين يداخلوهم الغرور إذا أصابوا شيئاً من العلم .
-التحذير من غرور العلم : “لا يداخلنك الغرور بسبب علمك ، ولاتتعال (وتنتفخ اوداجك ) لانك رجل عالم . استشر الجاهل كما تستشير العالم لانه ما من أحد يستطيع الوصول إلى آخر حدود الفن ، ولا يوجد الفنان الذى يبلغ الكمال فى إجادته ، ان الحديث الممتع أشد ندرة من الحجر الاخضر اللون ، ومع ذلك فربما تجده لدى الإماء اللاتى يجلسن إلى الرحى ( اى أقل طبقات الخدم ) ” .
– ضرورة اتباع الحق : ” إذا كنت زعيما يحكم الناس فلا تسع الا وراء كل ما اكتملت محاسنه حتى تظل صفاتك الخلقية دون ثغرة فيها . ما اعظم الحق فإن قيمته خالدة ولم ينل منها أحد أيام ( الاله ) اوزوريس . ولمن الذى الذى يعتدى على ما يأمر به يحل به العقاب . أنه ( اى الحق ) مثل الطريق السور أمام الضال ، ولم يحدث أبدا أن ( عرف عن ) عمل السوء انه اوصل صاحبه سالما إلى مأمنه .
كانت هذه مقتطفات بسيطه من هذه البردية .
وكان هذا مثال بسيط عن الأدب المصرى القديم وهذه هى البيئة التى ولدت فيها عقلية المصرى القديم التى كانت ومازالت تبهر كل من يتطرق إليها .