للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا متابعة:أحمد عبد الحميد.
كنت أقرأ الآية الكريمة من سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا ” ولم افهم من معنى الباقيات الصالحات سوى أنها القيمة الحقيقية التى تبقى للعبد عند ربه من الأعمال والأموال والعبادات ” وأنها أكبر وأعظم من قيم الحياة الدنيا الذاهبة ” المال والبنون ” صحيح أن الإسلام لاينهى عن المتاع بهما فى حدود الطيبات ولكنه يعطيهما القيمة التى يستحقانها فى ميدان الخلود والأبد ، فما يجب أن يوزن بهما الناس ولا يقدروا على أساسها فى الحياة ، بيد أن القيمة الحقيقية الباقيات الصالحات التى عندما تتعلق بها القلوب ، ويناط بها الرجاء ، ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء ، وهذا معنى للباقيات الصالحات لا تخرج عنه التفاسير المختلفة كثيرا .
بيد.ان الله قدر أن أقرأ عن الباقيات الصالحات كما رآها بعض الصوفية ، ففى موارد أهل الصفا للإمام ابن العزائم ، بين معنى الباقيات الصالحات باعتبارها أفصل القيم التى يتبناها المسلم لتحكم سلوكه ، فقال فى حدود هذه الباقيات الصالحات ” زينة الحياة الآخرة ( لاحظ فى مقابل زينة الحياة الدنيا : المال والبنون ) محصورة فى الباقيات الصالحات ، والباقيات هى كل باقية يرفعها الإنسان إلى ربه فيبقى له أجرها وهى محصورة فى أربعة أنواع : العقيدة الحقة ، العبادة الخالصة ، الأخلاق الجميلة ، المعاملة الحسنة ، وكلها باقيات صالحات ”
إن الإمام أبا العرائم بهذه العبارة الموجزة أراد أن يوضح أن القيم الحقيقية ليست هى المال ، وليست هى الجاه وليست هى السلطان ، كذلك ليست هى اللذائذ والمتاع فى هذه الحياة ، أن تلك قيم زائفة تزول وتذروها الرياح فلا تبقى ، لكن الباقيات الصالحات خير وأبقى ، والإنسان يجب أن يرجو عند ربه ماهو خير وأبقى وهى : العقيدة الصالحة التى يبنى عليها كل عمل مقبول من الجليل القدير ” من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن ” ، والعبادة الخالصة التى يبتغى بها الإنسان وجه الله ” فاعبد الله مخلصا له الدين ” ، ” ألا لله الدين الخالص ” والأخلاق التى تستقيم بها الحياة ويصبح للاجتماع البشرى هدفا ومعنى ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم ” وخالق الناس بخلق حسن ” ، والمعاملة التى هى مظهر الدين والقيم والأخلاق جميعا ، والتى لعظيم أهميتها قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم ” الدين المعاملة ” .