بقلم -دكتور محمد حمزه…
ظهرت صناعة الالعاب الالكترونية عام ١٩٧٢ بعد خروج اول لعبة فيديو جيم فى التاريخ الى النور وهى (لعبة يونج)، وكان كل الهدف من صناعة هذه الألعاب فى ذلك الوقت ما هو إلا استعراضاً لقدرات التقنيات الحديثة.
وبعد مرور ٥٠ عام تقريباً وفى وقتنا الحالى بلغ إجمالى إيرادات الألعاب الإلكترونية الى ما يقرب من ١٤٠ مليار دولار سنويا !! وأصبحت واحدة من أسرع الصناعات نموًا فى العالم؟؟
وإنما يرجع الفضل فى نمو صناعة هذه الالعاب إلى فكرة كثرة مستخدميها، فكلما زاد عدد اللاعبين زادت أرباح الشركات صانعة هذه الألعاب.
وأصبح رأس المال الفعلى لجنى الأرباح هو إدمان الأطفال والمراهقين لتلك الالعاب.
ليس هذا فحسب، ولكن الأمر ازداد تعقيداً عندما بات لا يقتصر على الأرباح فقط، فكل لعبة من هذه الألعاب تحمل معها فلسفتها، وتعبر عن ثقافة صانعيها، واختلاف أهداف مصدرين اللعبة حسب الفئة التى يستهدفونها!!.
وأصبحت بعض هذه الألعاب تتحكم فى سلوكيات ونفسية الأطفال والمراهقين فى الآونة الأخيرة، بل وبدأت أن تقودهم إلى أفعال خارجة عن سيطرتهم، وهذا ما لاحظناه فى بعض الألعاب التى حرضت الأطفال على العنف والبلطجة، والتطبيقات التى أودت بحياة مراهقين بعد ان أقنعتهم بفكرة الانتحار ….الخ.
وباتت تلك الألعاب تسرق الأبناء فى غفلة من أولياء الأمور دون الشعور بمدى خطورتها سواء على صحتهم النفسية أو البدنية وأيضا قدراتهم الذهنية، كما باتت تغير فى سلوكياتهم، وتمدهم بثقافات لا تمت بأخلاقياتنا بأى صلة.
فبعد أن كانت هذه الأداة وسيلة للترفيه و التسلية أصبحت مدرجة ضمن الامراض المستحدثة، بعد أن أدرجت منظمة الصحة العالمية الإضطراب الناجم عن الألعاب الإلكترونية على قائمتها للمشاكل الصحية المزمنة، وأصبح الإفراط فى هذه الألعاب مرضاً يجب التعافى منه.
ليس هذا كل شئ، فتخيل معى عندما تترك طفلك البرئ حبيس الشاشات الصغيرة ليمارس ألعاباً لا يرى فيها سوى هدم البنايات، وتعنيف وإرهاب الأبرياء، وممارسة العنف والبلطجة باستخدام الأسلحة البيضاء والنارية، وسط تخريب ودماء وسرقات وإرتكاب الجرائم.
فى هذا الوقت سوف تتكون فى ذهن هذا الطفل فكرة أن هذا هو العالم المحيط بنا، فلا تتعجب أنه أصبح عنيفاً أو انطوائياً او منعزلاً عن المجتمع المحيط به، أو انه سوف يتعاطف مع المجرمين فى بعض الأحيان، وذلك لأنه كان يجسد شخصية أحدهم داخل هذه الشاشات وقت ما.
وأخيراً دعني أذكرك أن هذه الفئة من الأطفال والمراهقين ولدت وترعرعت داخل حقبة التكنولوجيا، ولا تستطيع أن تحرمهم منها، لأن هذا يعد أمراً مستحيلاً فى وقتنا الحالى، كما ذكرنا من قبل فنحن الآن لا نملك إلا أن نستخدم التقنيات الحديثة فى كل احتياجاتنا؟؟؟
وكما أن هناك ألعاباً ضارة ومدمرة، فهناك أيضاً ألعاب مفيدة ومثمرة.
إذن الحل ليس فى المنع والحرمان ولكن الحل فى انتقاء الألعاب والاعتدال فى الوقت أثناء ممارساتها، والرقابة الجيدة من أولياء الأمور.
وكما ذكرت من قبل علموا أولادكم صناعة الألعاب بدلاً من أن يلعبوها، ففى صناعة اللعبة يستخدم الطفل نفس الأدوات التى يلعب بها، وبدلاً من أن يضيع وقته فى اللعب دعه يستثمر وقته فى ابتكارها والابداع فيها.